لم يعد سراً بأن الكيان المؤقت مصمّم على تنفيذ هجوم بري على منطقة رفح، رغم كل أكاذيب الإدارة الأمريكية حول اعتراضها أو حول اشتراطها قيام جيش الاحتلال باستخدام العمليات المنخفضة التصعيد، "حرصاً" منها على المدنيين الأمريكيين.
كذب لا ينطلي حتى على أقرب حلفاء أمريكا، أي الاتحاد الأوروبي، الذي علق مسؤول السياسة الخارجية فيه مؤخراً بالتهكم على واشنطن قائلاً: "حسنا، إذا كنتم تعتقدون أن عددا كبيرا للغاية من الناس يقتلون، فربما يتعين عليكم تقليل إمدادات الأسلحة لمنع قتل هذا العدد الكثير جدا من الناس". وقد سخر بوريل من بنيامين نتنياهو الذي يدعو إلى إجلاء المدنيين الفلسطينيين من منطقة رفح متسائلاً: "سيقومون بالإجلاء؟ إلى أين؟ إلى القمر؟ إلى أين سيجلون هؤلاء الناس؟".
السرّ في التفاصيل
وبالعودة الى الموقف الحقيقي للإدارة الأمريكية حول عملية رفح الإسرائيلية، فقد أشار بيان البيت الأبيض حول مهاتفة الرئيس جو بايدن لرئيس وزراء كيان الاحتلال نتنياهو، إلى أن بايدن أعاد تأكيد رأيه بضرورة ألا تجري العملية العسكرية في رفح دون "خطة موثوقة وقابلة للتطبيق، تضمن أمن ودعم أكثر من مليون شخص يحتمون هناك"، أي أن لا إشكال لديه في أصل قيام الكيان بالعملية، فخلا البيان من أي إشارة إلى رفض واشنطن اقتحام رفح، كما لم يُتبع بأي تهديد يربط حصول العملية، بخفض الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي لإسرائيل.
ويقول بعض الخبراء بأن قرار واشنطن الأخير بتعليق تمويل منظمة الأونروا، ودعم حزمة أسلحة بقيمة 14 مليار دولار للكيان، ورفض اشتراط المساعدات العسكرية في الوقت الذي يستعد فيه جيش الاحتلال لبدء العمليات في رفح، كل هذه الأمور تشير الى أن إدارة بايدن تُظهر عكس ما تريد فعلاً. فبالنسبة لهؤلاء الخبراء لم تكن إسرائيل لتستطيع شن حربها على غزة، لولا المستوى العالي من الدعم الذي تتلقاه من واشنطن. مضيفين بأن نتنياهو وحكومته لا يمكن لهم الإفلات من العقاب على هذه الإبادة الجماعية في غزة، لولا الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي والدبلوماسي الذي يتلقونه من الحكومة الأميركية. وعليه فإذا أرادت إدارة بايدن أن تضع شروطا على المساعدات لإسرائيل، فلن يكون أمام حكومة نتنياهو سوى الانصياع لكي تضمن استمرار تلقي الدعم الأميركي طوال الحرب.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن نتنياهو استطاع حماية قرار تنفيذ العملية في رفح بالقول: "أولئك الذين يقولون إنه لا ينبغي لنا تحت أي ظرف من الظروف دخول رفح، يقولون لنا اخسروا الحرب. أبقوا حماس هناك".
لذلك، وأمام هذه النقاط والمؤشرات العديدة، ينبغي الانتباه دائماً الى سمة الازدواجية لدى الأمريكيين وعدم الانخداع ببيانتهم وادانتهم الزائفة بل في تفاصيل سلوكهم.
عملية رفح ستؤدي لخسائر إضافية لأمريكا وإسرائيل
بالتأكيد إن لعملية رفح تداعيات سلبية كبيرة على أمريكا وإسرائيل أبرزها:
1)تهديد المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتهم حركة حماس، من أن أي هجوم على مدينة رفح سينسف عملية التفاوض بشأن تبادل الأسرى، وهذا ما لا تريده شريحة كبيرة من مستوطني كيان الاحتلال، بالإضافة الى الإدارة الأمريكية التي تريد حصول تبادل للأسرى بعدما عجزت إسرائيل عن تحريرهم عسكرياً.
2)تضاعف عدد الشهداء والجرحى، مع تدهور الوضع الإنساني في القطاع أكثر فأكثر، قد يؤدي الى تصاعد الاحتجاجات ضد إسرائيل وأمريكا حول العالم.
3)تصاعد احتمال اشتعال جبهات أخرى مساندة للمقاومة الفلسطينية، وتصاعد وتيرة مساندة الجبهات المشتعلة حالياً.
الكاتب: غرفة التحرير