ما زالت قضية إقالة محمد الحلبوسي من عضوية البرلمان العراقي، وبالتالي اعفائه حكماً من رئاسة البرلمان، تشغل العراق والقوى السياسية فيه، منذ صدور قرار المحكمة الإتحادية مطلع هذا الأسبوع.
إلّا أن اللافت، هو دخول السفيرة الأميركية في العراق، ألينا رومانوسكي، على خط هذه القضية، عندما أجرت عدة لقاءات مع قيادات سياسية في البلاد، ومن بينهم رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي القاضي فائق زيدان. حيث اعترفت السفيرة رومانوسكي بكل صلافة، أنها ناقشت مع زيدان التطورات الأخيرة والوضع الأمني في العراق، مضيفة في تغريدة لها على منصة "X"، أنهم أكدوا في اللقاء على أهمية وجود قضاء مستقل يتبع الإجراءات القانونية ويستند في قراراته إلى الدستور العراقي. بينما جاء تصريح القاضي زيدان مختلفاً والذي قال فيه بأن اللقاء مع السفيرة الأمريكية تضمن البحث في "التعاون بين البلدين في الملفات القانونية ذات الاهتمام المشترك".
رحبت بلقاء رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان لمناقشة التطورات الأخيرة والوضع الأمني في العراق. وأكدنا على أهمية وجود قضاء مستقل يتبع الإجراءات القانونية ويستند في قراراته على الدستور العراقي. pic.twitter.com/SE5BmPhChB
— Ambassador Alina L. Romanowski (@USAmbIraq) November 16, 2023
أما اللقاء الأغرب لرومانوسكي فكان مع الحلبوسي والذي تعاملت معه بصفته رئيساً للبرلمان، حيث قالت في تغريدتها: "اجتمعت مع رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، لمعرفة التطورات الأخيرة والوضع الأمني في البلاد".
وبحسب وسائل اعلام عديدة، فإن السفيرة الأمريكية طرحت حل أزمة الحلبوسي عبر الحوار، واصفةً قرار إقالته بالمتسرع والذي لا يستند إلى الدستور. مؤكدةً بأنها ستلعب دور "الوسيط بين الأطراف السياسية العراقية وتسعى لحل هذه الأزمة". معتبرةً الأخيرة بأنها خطيرة على الوضع العراقي خاصة مع قرب إجراء الانتخابات المحلية.
اجتمعت مع رئيس مجلس النواب @AlHaLboosii لمعرفة التطورات الأخيرة والوضع الأمني في #العراق . pic.twitter.com/S5yK24QSQw
— Ambassador Alina L. Romanowski (@USAmbIraq) November 16, 2023
خلفيات قرار الإقالة
هذا وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، قد أصدرت الثلاثاء الماضي، قراراً بإنهاء عضوية الحلبوسي النيابية، على خلفية دعوى قضائية كان قد رفعها أحد البرلمانيين، النائب ليث الدليمي، الذي اتهم فيها الحلبوسي بتزوير استقالته من البرلمان. فبعد أن تم إنهاء عضوية ليث الدليمي البرلمانية رسمياً (كان الدليمي عضواً في حزب "تقدم" الذي يتزعمه الحلبوسي، لكن الأخير فصله بسبب عدم التزامه بقرارته).
لذلك تقدم الدليمي بدعوى لدى المحكمة الاتحادية متهماً الحلبوسي فيها، بأنه زوّر هذه الاستقالة، كونها من دون تاريخ مكتوب منه، وأن طول الورقة أقصر من الورقة الطبيعية A4 المعروفة. وعندما نظرت المحكمة بحجج ليث الدليمي واقتنعت بها، أدانت الحلبوسي بالحنث باليمين والتزوير وإلغاء عضويته النيابية. وقد جاء في حكم المحكمة أيضاً إنهاء عضوية الدليمي ضمن الحكم نفسه، وأنه اعتباراً من تاريخ صدور الحكم، أي الثلاثاء، 14 نوفمبر/تشرين الثاني، 2023، سيكون قرارها باتاً وملزماً لكافة السلطات.
لذلك، يمكن التقدير بأن لا تستطيع الضغوط الدولية التأثير على قرار إنهاء عضوية الحلبوسي، خاصةً أن القرار جاء وفقاً لقانون المحكمة الاتحادية، وبالتالي فإن إعادته لمنصبه أمر صعب لأن قرارات المحكمة نهائية وملزمة ولا تقبل الطعن أو الاعتراض أو الاستئناف والزامية وفورية التنفيذ، بالتالي فإن تأثيرها يتجاوز مجرد القضية المعروضة أمام المحكمة فهي ليست مجرد قرارات قضائية، ولكنها تمثل إرادة الدستور نفسه. كما يجب الانتباه الى أن القرار ليس سياسياً أو شخصياً، ولم يكن متوقعاً عند الكثيرين.
سيناريوهات ما بعد الإقالة
هناك عدّة سيناريوات لمرحلة ما بعد إنهاء عضوية الحلبوسي، أبرزها وأخطرها: احتمال تأجيل انتخابات المجالس المحلّية (مجالس المحافظات) إلى موعد آخر، بعدما كان مُقرّراً إجراؤها في 18 كانون الأول / ديسمبر المقبل، لا سيما بعد أن أضيف حزب "تقدم" الذي يرأسه الحلبوسي، الى القوى التي لا تريد إجراء هذه الانتخابات، مثل التيار الصدري. مع العلم بأن سبق للحلبوسي أن أعلن المشاركة فيها منفرداً، ضمن قائمة انتخابية تحمل اسم حزبه وحيداً "تقدم".
وهنا يبرز سؤال مشروع، هل تلجأ الإدارة الأمريكية الى استغلال هذه القضية العراقية الداخلية، لتوتير الوضع في العراق، الذي يشكل جبهة مساندة قوية للمقاومة الفلسطينية في معركة طوفان الأقصى؟
الكاتب: غرفة التحرير