مجدداً للقاهرة بعد عدة عواصم عربية كانت بيروت حاضرة في سبتمبر 2020 في اجتماع على مستوى الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وقد تم الوصول لمخرجات أعلن عنها في بيان ختامي وسط تفاؤل في الشارع الفلسطيني سرعان ما تلاشى وتبدد عندما أصبح الاتفاق حبرا على ورق، ثم تبعه لقاء الجزائر في أكتوبر 2022، ليتكرر المشهد اليوم الاحد الموافق ال 30 من تموز / يوليو 2023 في القاهرة لاجتماع الأمناء العامين وسط احباط يسود الوسط الفلسطيني وعدم التفاؤل، رغم أن المتغيرات على الساحة الإقليمية والدولية تشجع الفصائل الفلسطينية المجتمعة (فصائل منظمة التحرير وحركتي حماس والجهاد) للوصول لاتفاقيات ممكنة التنفيذ، تعيد الأمل بالوحدة ليصبح الحلم حقيقة، ويكثر دائما السؤال إذاً ما هي الجدوى من هذه اللقاءات التي ما زالت لم تلبي تطلعات المواطن الفلسطيني، ولنتفق بداية أن وجود هذه اللقاءات حتى وإن لم تلبي أدنى المأمول فهي بحد ذاتها تخفف من حالة الاحتقان بين الفصائل الفلسطينية.
فماذا يريد محمود عباس من هذا الاجتماع؟
إذا لم يتخذ أبو مازن وحركة فتح خطوات عملية باتجاه الوحدة الوطنية، والبدء في الافراج عن المقاومين المعتقلين من الفصائل الفلسطينية المقاومة كبادرة حسن نية فإنه:
أولا: يحاول الالتفاف على المقاومة في الضفة، وما لم يستطع تحقيقه بالقوة يحاول حسب اعتقاده تحقيقه من خلال ضرب علاقة المقاومين بمرجعياتهم والحاضنة الشعبية التي تزداد يوما بعد يوم في الضفة وبالذات بعد معركة اجتياح مخيم جنين في يوليو 2023 والسيطرة عليها، حيث أن هذا الهاجس الأكبر الذي يُؤرق أجهزة السلطة في الضفة الغربية في الوقت الحالي.
ثانيا: يحاول عباس من خلال ذلك الحصول على اجماع سياسي -ولو شكلي- يستطيع من خلاله التحرك أمام المجتمع الدولي الذي بدأ ينتقده ويتحدث عن دوره غير الفعال في المنطقة، وعدم استطاعة أجهزة السلطة القيام بالمهام الموكلة بها -حسب تعريفهم- وخاصة بعد العمليات المتتالية الناجحة للمقاومة ضد الأهداف الصهيونية.
-ماذا تريد حركة حماس والفصائل الفلسطينية المقاومة؟
حركة حماس والفصائل المقاومة تقر بشكل كامل أن الطريق الأقصر للوصول للقدس والدفاع عن القضايا الفلسطينية وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني والحفاظ على المقاومة يتحقق بالوحدة والتكاتف بين كل أطياف الشعب الفلسطيني، وقد تحقق ذلك في قطاع غزة عبر التفاهم والتناغم بين الفصائل الفلسطينية، وهي تجربة ناجحة تسعى لتحقيقها على مستوى الكل الفلسطيني لترميم ما يمكن ترميمه، لذلك تسعى دائما خلف أي لقاء يجمعها بالفصائل الفلسطينية وبالذات حركة فتح، لكي يتفرغ الجميع لمجابهة المخططات الصهيونية المتطرفة ضد المقدسات والمسجد الأقصى في القدس وفي المدن الفلسطينية، في ظل وجود حكومة صهيونية متطرفة تسعى لتحويل الصراع الى صراع ديني، هذا أولا،
- ورغم أن أبو مازن وحركة فتح لم يقدما أي شيء كمبادرة حسن نية لإنجاح هذا اللقاء، إلا أن عدم حضور حركة حماس وهي التي تشكل رأس حربة المقاومة، سيجعل دول الإقليم تتحامل عليها وتتهمها بتعطيل المصالحة الفلسطينية وشق الصف، وستجعل أبو مازن يستفرد بالقرار الفلسطيني.
ورغم كل المعيقات وأهداف كل فصيل خلف هذا اللقاء الا أنه من الممكن تحقيق جزء ولو يسير من التطلعات العادلة للشارع الفلسطيني، للخروج من نفق الانقسام المظلم الذي انهك الشعب، والقضية الفلسطينية بشكل عام، والذي يمكن تحقيقه بالضغط على الجهة المعطلة للمصالحة والوحدة الفلسطينية من قبل المؤثرين من الداخل الفلسطيني او الإقليمي وعدم الكيل بمكيالين ومسك العصاة من المنتصف، ووضع المصلحة الوطنية نصب أعينهم لكي نصل الى بر الأمان والتفرغ لإفشال مخططات العدو الصهيوني والذي ذكرهم الله تعالى بوصفهم { لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ }[ سورة الحشر : 14 ]
هذا ودعت حركة الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية القيادة العامة، قوات التحرير الشعبية، ومنظمة الصاعقة، التي قاطعت الاجتماع، وسائل الإعلام لتغطية وقائع المؤتمر الصحفي في مدينة غزة، وذلك تزامناً مع انعقاد الاجتماع اليوم الأحد.