تصاعد عنف الكيان المؤقت، عرّض هذا الكيان لانتقادات عامة ومتكررة بسبب واقعها كدولة احتلال وعدوان في العالم العربي والإسلامي، وكذلك بسبب أعمالها العسكرية الوحشية، وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات. كما أن الصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام محط أنظار وسائل الاعلام والاهتمام الدولي. كما يعاني الكيان المؤقت من حركات المقاطعة، الأمر الذي كان له أثر لا يمكن إنكاره على الصعد المختلفة سواء السياسية أم الاقتصادية والثقافية، فعلى سبيل المثال نجحت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات "بي دي أس" في تحقيق رد فعل إيجابي داخل الأوساط الأوروبية، ودول أميركا اللاتينية لمقاطعة الفعاليات التي ترتبط بالكيان المؤقت. مما حدا بهذا الكيان إلى البحث عن أدوات وأساليب لمواجهة كل ذلك، فكانت أحدها الدبلوماسية الرقمية.
وتعتبر الدبلوماسية الرقمية مكملاً مهماً للدبلوماسية التقليدية التي يمكن أن تساعد بلداً ما على تحقيق أهداف سياسته الخارجية، وتوسيع نطاق الوصول الدولي، والتأثير على الأشخاص من منازلهم؛ إذ توفر منصات التواصل الاجتماعي فضاءات للتفاعل، وزيادة المشاركة، وبالتالي تعزيز أهداف الدبلوماسية، كما أن السهولة المحتملة التي يمكن من خلالها الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي والتكلفة المنخفضة مقارنة بالطرق الأخرى تجعلها أداة جذابة للعديد من السفارات، عدا عن ذلك، تسمح العديد من المواقع استخدام محتوى أكثر ديناميكية، مثل: مقاطع الفيديو، والصور، بدلاً من الطرق التقليدية لإلقاء المحاضرات أو نشر الكتيبات، بالإضافة إلى ذلك، تعد وسائل الاعلام الاجتماعية قنوات رئيسة للوصول إلى مجموعات الشباب، وهو هدف رئيسي لجهود الدبلوماسية العامة والرقمية.
لجأ الكيان المؤقت إلى استخدام الدبلوماسية الرقمية لتعويض خسائره التي لحقت بدبلوماسيته التقليدية، وسياساته، وتقديم تفسيرات مقنعة حول استخدامه القوة العسكرية، كما سعى من خلال الدبلوماسية الرقمية الى تقديم نفسه للإعلام والجماهير العالمية بصورة إيجابية، فقدّم نفسه كدولة ديمقراطية تجاورها دول استبدادية، وأنه يخوض حرباً ضد الإرهاب المحيط به.
استخدم الكيان المؤقت الدبلوماسية الرقمية كمكمل لاستراتيجية "هاسبارا" أو الدبلوماسية العامة التي تهدف الى تظهير وجهة نظر حكومة الكيان، ومحاولة تعزيز موقف تل أبيب في مواجهة الصحافة المناهضة لها، وبغية شرح سياساتها وتبرير أفعالها الإجرامية والدعاية لصالحها.
يحاول الكيان إيجاد بُعد جديد للصراع، ,ذلك من خلال إدارة ناعمة هدفها الجماهير العربية لا سيما الشباب الذي لم يتأثر مباشرة بالحروب والصراع معها، وكانت هذه الطريقة المثلى "التوجه الى الشباب العربي" عبر الدخول إليهم عبر عالم الفايسبوك وتويتر وغيرها من شبكات ومنصات التواصل الاجتماعي.
تم تدشين قسم الدبلوماسية الرقمية في وزارة الخارجية الاسرائيلية في العام 2015، كما تم إطلاق نحو 800 موقعاً وقناة رقمية واجتماعية على شبكة الانترنت؛ وحوالي 50 موقعاً إلكترونياً بمختلف اللغات: العربية والإنكليزية والفارسية والروسية وغيرها.
الجدير بالذكر، أن الكيان المؤقت لا يعتمد في استراتيجيته للدبلوماسية الرقمية على وزارة الخارجية فقط، بل ايضاً على جيش الاحتلال وأجهزة الاستخبارات، إذ يقوم بتجنيد العديد من الناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي من خلال اعتماد علم الهندسة الاجتماعية.
باختصار يهدف الكيان المؤقت من استخدام الدبلوماسية الرقمية تحسين صورته في العالم وتأكيد شرعية عدوانه وعملياته العسكرية، وتشويه صورة خصومه، وفتح باب التطبيع مع الشعوب العربية، وتجنيد العملاء لخدمة مخططاته، وفتح قنوات تواصل ونقاط ارتكاز في وعي أعداءه.
لذلك فإن الوعي بأهداف وأدوات الكيان المؤقت، من خلال الرصد والمتابعة له يعدّ مهمة مركزية وأساسية في معركة إزالة هذه الغدة السرطانية من الوجود.