"النكبة" مصطلح فلسطيني يبحث في المأساة الإنسانية المتعلقة بتشريد عدد كبير من الشعب الفلسطيني خارج دياره. وهو الاسم الذي يطلقه الفلسطينيون على تهجيرهم وهدم معظم معالم مجتمعهم السياسية والاقتصادية والحضارية عام 1948. وهي السنة التي طرد فيها الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه وخسر وطنه، لصالح إقامة الدولة اليهودية. وتشمل أحداث النكبة: احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يربو على 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين، كما تشمل الأحداث عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية. وطرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية وتدمير طبيعة البلاد العربية الأصلية من خلال محاولة خلق مشهد طبيعي أوروبي.
مجموعة من السرديات الكبرى يتم تداولها بعدما جرى تكرارها كثيرًا في التاريخ الثقافي الذي أرّخ للنكبة، فيها الكثير من المغالطات والتضليل والتي تظهر الشعب الفلسطيني ضعيفًا، وعاجزًا وقليل الحيلة، وغير قادر على المقاومة، المؤرخ الفلسطيني صالح عبد الجواد تحدث في أعماله البحثة والتوثيقية على التأريخ لمواضيع الصراع العربي مع الصهيونية، بما في ذلك: خصوصية النموذج الاستعماري الصهيوني، والقرى الفلسطينية المهجّرة خلال النكبة، والمقاومة الفلسطينية المسلّحة، والذاكرة الجماعية الفلسطينية، وقد تحدّث في إحدى الحوارات عن أساطير صهيونية حفظناها دون مساءلة عن النكبة، مشيرًا إلى أنّ النكبة لم تتوقف منذ وقعت يومًاً واحدًاً، فهي ليست حدثًاً انقضى، بل عملية تاريخية مُستمرة ومُمنهجة في محاولة تدمير مجتمع كامل، وإلغائه بشكلٍ شامل. والغاية تحويل الشعب الفلسطيني، كما قال ديفيد بن غوريون، إلى "غبار تحت أقدام الأمم". وبهذا المعنى، فإنّ النكبة تعبيرٌ عن خللٍ بُنيويّ قائم على صعيد المجتمع العربي والمنطقة والنظام العالمي. وفيما يلي عرض لمجموعة أساطير وروايات كاذبة ذكرها المؤرخ الفلسطيني الذي اعتقل في سجون الاحتلال أكثر من ثلاث مرات:
- اختيار 15 أيار لإحياء النكبة هو اختيار خاطئ، فهو تاريخ جلاء الاستعمار البريطاني عن بلادنا والأولى أن تكون الذكرى في 14 أيار أي تاريخ إعلان قيام ما يسمى "دولة إسرائيل".
- يتم تداول على أن الفلسطينيين هم ضحايا فقط في حين كانوا أبطالًا أيضًا، لم يكونوا ضحايا سلبيين، أي لم يجلسوا في بيوتهم ينتظرون التهجير كما روّج الصهاينة، وقد قتل لهم حوالي 6 آلاف جندي إسرائيل، والمعارك التي شهدتها قرى مثل لوبيا، جبع، إجزم، الفالوجة، وغيرها، واستشهاد 3 من القادة المعروفين هم عبد القادر الحسيني وحسن سلامة وإبراهيم أبوديه شاهد على ذلك.
- تناقلت الأجيال أسطورة أن العرب خسروا بسبب أسلحتهم التالفة، وهذا الأمر ليس صحيحًا، فقد ثبت أن أسلحة الجيش المصري لم تكن تالفة، وكان سبب الهزيمة ضعف تدريب الجيوش وتنظيمها بالإضافة إلى دعم المجتمع الدولي للاحتلال، وغلبة العدو العسكرية.
- ما لم يذكره التاريخ ويتم تناقله بشكل شائع، هو أنّ غالب الفلسطينيين هبوا للتصدي منذ قرار التقسيم 1947، فباع الرجال أراضيهم والنساء مصاغهنّ لشراء السلاح ووصلوا أماكن بعيدة طلبًا له مثل السعودية والعراق وصولًا إلى مدينة العلمين قرب الحدود الليبية.
وأخيرًا، تحوّلت إسرائيل إلى قوة إقليمية بعدما ساهمت تداعيات الصراع في فلسطين في تدمير المشروع السياسي للدولة العربية بعد الاستقلال. وضمن هذه الصورة، فإن النكبة ما تزال مستمرة في العالم العربي.
الكاتب: غرفة التحرير