السبت 20 أيار , 2023 01:41

مفاتيح خطاب الأسد: غَمزٌ دبلوماسي من العيار الثقيل!

الرئيس الأسد

حضر الرئيس السوري بشار الأسد قمة جدة. ليست الجملة آنفة الذكر نبأ اخباريّاً، بل حدثاً يلخص ما أنتجته تغيرات الساحة الدولية. كل ما في القمة كان هامشيّاً ما خلا أمرين: كلمة الأسد في محضر مَن دفعوا مليارات الدولارات لإسقاطه مخلوعاً والاجماع العربي على الرغبة المشتركة في تنويع جهات التعاون الاستراتيجي، بين غرب لا يزال يحتفظ بنفوذه في دولهم العميقة والشرق الذي يشكّل العالم الجديد بمسار تصاعدي.

هذه المرة، حضر الأسد محاضراً في جموع العرب. بـ "عروبة الانتماء لا عروبة الأحضان". مؤكداً على ان "من يقع في القلب لا يقبع في حضن، وسوريا قلب العروبة".

غمز الأسد من القناة الدبلوماسية برسائل ضمنية شرّحت مواقفه المتعددة من رؤساء الدول الحاضرين أمامه وجهاً لوجه للمرة الأولى منذ 11 عاماً.

فشدد على ضرورة استثمار الفرص لترسيخ الثقافة العربية في "مواجهة الذوبان القادم، الليبرالية الحديثة التي تستهدف الانتماءات الفطرية للإنسان وتجرده من أخلاقه وهويته"، في الوقت الذي باتت فيه السعودية وجهة مفضّلة للمثليين الأجانب.

متهماً تركيا دون أن يسميها باحتواء "الفكر العثماني التوسعي المطعّم بنكهة اخوانية منحرفة"، رداً على احتلالها الشمال السوري ورفضها الانسحاب منه ودعمها "للمعارضة"، والجماعات الإرهابية المتطرفة منذ بدء الأزمة واصرارها على موقفها إلى اليوم مع تغير ظروف ومآلات الواقع الذي فرض سابقاً.

وعما عانته دمشق من تدخل دولي- عربي منظّم اتخذ أشكالاً عدة لا ينتهي عند الدعم العسكري والمالي والاستخباري للجماعات الإرهابية، أكد الأسد على ضرورة "ترك القضايا الداخلية لشعوبها فهي قادرة على تدبير شؤونها وما علينا إلا أن نمنع التدخلات الخارجية في بلدانها ونساعدها عند الطلب حصرًا". داعياً إلى استثمار هذه الفرصة التاريخية "لإعادة ترتيب شؤوننا بأقل قدر من التدخل الأجنبي".

حاول الأسد خلال كلمته تظهير ما أعدّته الجامعة العربية من أجندة سياسية متطرفة تجاه سوريا، وكيف باركت مجتمعة ما قامت به دول مجلس التعاون الخليجي منفردة. اذ كان بعضهم عرّاب الحرب فيما كان البعض الآخر تاجر أزمة لا يمتلك تأثيراً في القرار بل يحاول استغلال مفاعيله. فسلط الضوء على الدور الذي أقيمت لأجله الجامعة " باعتبارها المنصة الطبيعية لمناقشة القضايا المختلفة ومعالجتها شرط تطوير منظومة عملها عبر مراجعة الميثاق والنظام الداخلي وتطوير آلياتها كي تتماشى مع العصر". مؤكداً على ضرورة ان تكون الجامعة "متنفساً في حالة الحصار لا شريك به. ملجأ من العدوان لا منصة له".

وأضاف "أما عن القضايا التي تشغلنا يومياً من ليبيا إلى سوريا مرورًا باليمن والسودان وغيرها من القضايا الكثيرة في مناطق مختلفة فلا يمكننا معالجة الأمراض عبر معالجة الأعراض، فكل تلك القضايا هي نتائج لعناوين أكبر لم تعالج سابقًا أما الحديث في بعضها فهو بحاجة لمعالجة التصدعات التي نشأت على الساحة العربية خلال عقد مضى واستعادة الجامعة لدورها كمرمم للجروح لا معمق له".


الكاتب:

مريم السبلاني

-كاتبة في موقع الخنادق.

-ماجستير علوم سياسية.



وسوم مرتبطة

دول ومناطق


روزنامة المحور