تشهد المحافظات الجنوبية نزالاً تشتد وتيرته تباعاً مع إصرار الامارات على فرض نفوذها كأمر واقع. ولم يكن "الحوار" الذي دعا إليه المجلس الانتقالي، إلا ترجمةً للإرادة الإماراتية بحصر "القضية الجنوبية" بيد عيدروس الزبيدي. وبالتالي، إيصال رسائل مباشرة لعدوها الأول في تلك المنطقة: السعودية.
لمدة 5 أيام، كانت عدن محجاً لقادة ميليشيات وزعماء قبائل وشخصيات تابعة لأبو ظبي، لحضور ما سمي عبثاً، "حواراً تشاورياً". اذ ان الأجندة كانت معدّة مسبقاً: مبايعة غير علنية للزبيدي وتقديم ولاء ضمني لمحمد بن زايد.
كان المشهد الأبرز هو حضور مكونات يراها الانتقالي منافِسة "كالمجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير واستقلال الجنوب". وهذا ما يدل على رغبة الانتقالي في حشد أصحاب النفوذ والسلطة لضمان وضعهم تحت "العباءة" ويكون بذلك القطاف ثميناً يوفر كثير من التحديات التي قد تنتجها المرحلة اللاحقة.
جملة أحداث كانت تشي بأن الفترة القادمة ستكون أكثر سخونة لن يكون سيناريو التصعيد العسكري والأمني ببعيد عنها. اذ ان إعادة هيكلية المجلس تحمل رسائل متعددة أهمها، أنه جاهز للتحديات المقبلة، عبر تجديد الهيئات والمؤسسات -خاصة لناحية مؤيديه-، ورفع استعدادية الأجنحة العسكرية.
وشملت التعديلات اعادة تشكيل الهيئة الرئاسية وضمت أعضاء في مجلس القيادة الرئاسي، وهم عبد الرحمن المحرمي وفرج البحسني نائبين للزبيدي في رئاسته للمجلس. فيما تم استبعاد القيادي هاني بن بريك نائب الزبيدي السابق، الذي أسس معه المجلس الانتقالي في أيار/ مايو 2017، إضافة لمحافظ عدن القيادي البارز أحمد لملس.
وبات المجلس يضم 37 مكوناً وفصيلاً وهيئة ممن وقعوا على "الميثاق الوطني" الذي ينص على الوصول إلى رؤية موحدة بشأن المطالبة بانفصال الجنوب.
لم يستطع الزبيدي توحيد الشارع الجنوبي او تشكيل حالة وحدوية توافقية حوله. وبرز ذلك برفض عدد من الشخصيات الجنوبية البارزة دعوة الانتقالي إلى الحوار أو الانخراط في صفوفه لاعتبارات عديدة أولها قراره المصادر إماراتياً.
سعى الانتقالي إلى حشد شخصيات نافذة لمنح حواره الوزن المطلوب لكنه فشل. فلم يكن حضور اللواء محمود الصبيحي -الذي أطلقت سراحه صنعاء خلال عملية التبادل- مرضياً. الأمر الذي ينسحب أيضاً على عدد من الشخصيات الأخرى التي رفضت الحضور، خاصة في المهرة وحضرموت وشبوة، كاللواء فيصل رجب، الذي وصف الحضور على أنه تأدية لدور كومبارس في مسرحية للانتقالي.
واللافت، ان الانتقالي وجه دعوات لشخصيات كانت قد عانت ما عانته جراء سياساته الملتوية، كرئيس المكتب السياسي لمجلس الحراك الثوري مدرم أبو سراج، الذي رفض الحضور. إضافة للمجلس الإنقاذ الوطني الجنوبي ولجنة الاعتصام السلمي في المهرة، مؤتمر حضرموت الجامع والمؤتمر الشعبي العام الجنوبي.
لم تفرض الصورة التي أراد الزبيدي تقديمها ضرورة الافراج عن المعتقلين في سجونه. فلطالما كانت حساباته الميليشياوية بعيدة عن أولويات أبناء الجنوب وأزماتهم التي أججتها الحرب. وزاد من حدتها، ان الزبيدي نفسه، كان في سلطة القرار، راعياً للانقسامات والاغتيالات وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية.