مجددًا تتسبب العقوبات على روسيا بخطوة إضافية نحو التخلص من الدولار، وهو الأمر الذي أشارت إليه وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في تصريحات سابقة. ففي إجراء جديد على إلغاء الدولرة بين دول البريكس والدول التي قدمت طلبات الانضمام، ستدفع بنغلاديش مقابل قرض محطة نووية لروسيا باستخدام اليوان الصيني. ومن المقرر أن تدفع البلاد ما يقرب من 318 مليون دولار من اليوان مقابل دفعة القرض هذه. فبسبب العقوبات الغربية على روسيا، لم تستطع بنغلاديش الدفع بالدولار الأمريكي.
محطة روبور للطاقة النووية
هذه الدفعة هي تعويض جزئي عن قرض بقيمة 12 مليار دولار تلقته بنغلادش في السابق من موسكو، سيساعد في تمويل محطة للطاقة النووية "روبور" هي بمثابة مفتاح لأمن الطاقة في المستقبل، حيث تواجه بنغلاديش نقصًا متكررًا في الكهرباء. ويجري بناء محطة الكهرباء التي تبلغ تكلفتها 12.65 مليار دولار في منطقة بابنا بوسط البلاد على بعد نحو 140 كيلومترا غرب دكا بمساعدة شركة روساتوم النووية المملوكة للدولة في موسكو وتم تمويلها بقرض روسي. وسيتم تسهيل ذلك باستخدام نظام الدفع عبر الحدود بين البنوك في الصين، والذي أطلقته بكين في عام 2015 للمساعدة في رفع اليوان وتآكل هيمنة الدولار. وكانت روساتوم قد أصرّت في البداية على الدفع بالروبل، ورفضت اليوان، بسبب القلق من خسائر التحويل المحتملة، وذلك وفقا لبلومبرج. لكن ممثلًا عن روساتوم أكد لصحيفة واشنطن بوست أن الدفع سيتم باليوان.
تدفع السياسة البلدان بعيدًا عن الدولار
بحسب بيزنيس إنسايدر، فإن دفع اليوان في بنغلاديش هو أحدث مثال على التخلص من الدولار. كما تطلعت دول أخرى إلى خيارات غير الدولار حيث كشفت العقوبات المفروضة على روسيا، مثل تجميد احتياطياتها من العملات الأجنبية، عن مخاطر جديدة في الاحتفاظ بالأصول الدولارية.
وفي الوقت نفسه، تسعى الصين إلى إبرام صفقات تجارية تؤكد على المعاملات غير الدولارية، ووافقت على استخدام اليوان في التجارة عبر الحدود مع دول مثل البرازيل وكازاخستان. لكن من المرجح أن يظل الدولار عملة عالمية حتى مع بدء التخلص من الدولار ، كما قال الخبير الاقتصادي بيتر سي إيرل في وقت سابق من هذا الشهر. وكتب في المعهد الأمريكي للبحوث الاقتصادية، أن استخدام الدولار في "الحرب الاقتصادية" وكذلك "أنظمة السياسة النقدية المشحونة بالأخطاء" تدفع البلدان بعيدا عن الدولار.
ويأتي ترتيب العملة غير الدولارية في الوقت الذي تتطلع فيه الدول في جميع أنحاء العالم الناشئ إلى خفض الاعتماد على الدولار. كانت الصين والهند من بين أكثر الدول صراحة بشأن تعزيز العملات المحلية، خاصة في وقت تصف فيه المزيد من الحكومات العقوبات الأمريكية بأنها تسليح للدولار، وهو ما يقولون إنه يضيف ضغوطا غير ضرورية على قراراتهم.
احتياطيات اليوان للتحوط من المخاطر
"نظرا لأهمية مشروع محطة الطاقة هذه، فمن الطبيعي أن تحاول بنغلاديش إبقائه مستمرا بأي ثمن"، قال شفقت رابي، عضو هيئة التدريس المساعد في كلية إدارة الأعمال بجامعة دالاس في الولايات المتحدة، موضحًا سبب توقيع دكا فعليا على خطة الصين وروسيا لمواجهة الدولار، لكنه هدد بأنه سيكون من الحكمة أن تقتصر المدفوعات على المحطة النووية. لأن ذلك "سيسبب الكثير من التوتر مع شركاء بنغلادش الغربيين". وأضاف أن هناك أسبابًا اقتصادية قليلة لبنغلاديش للانخراط في "مغامرة جيوسياسية ضد الغرب حول العملات التجارية"، مشيرًا إلى أن معظم عائدات بنغلاديش من العملات الأجنبية تأتي من أوروبا والولايات المتحدة وحلفاء أمريكا. في المقابل قال مزبول حق، المتحدث باسم بنك بنغلاديش، إن البلاد لم تتبنى سياسة متعمدة لبناء احتياطيات اليوان. وقال: "بالنظر إلى الوضع العالمي والسوق، فإننا نقوم فقط بالتحوط من مخاطرنا وتنويع محفظتنا". وهكذا بدأ اليوان الصيني يراكم سمعة الضامن الاقتصادي ولو بشكل خجول.
الكاتب: غرفة التحرير