يحاول الرئيس الأميركي، جو بايدن، النأي بنفسه عن "المعركة الإعلامية" التي ترافق محاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب. وخلافاً للحملة السياسية التي خاضها بعيد اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني/ يناير عام 2021، الذي ألقى خلاله خطابين، وعدداً كبيراً من التصريحات، تبنى بايدن "سياسة عدم التعليق"، في خطوة يتجنب من خلالها نزالاً انتخابياً مبكراً، يعلم انه سيكون شرساً، بعد 4 سنوات أعدّ ترامب خلالها نهجاً سياسياً مختلفاً، حتى عن الجمهوريين أنفسهم، ترجمت بالاستحواذ على عدد كبير من المؤيدين الذين يمنحهم الحق "بحمل السلاح".
لم تتبع وسائل الاعلام الديموقراطية أو الصحف، نهج بايدن. بل كانت وقائع المحاكمة منذ انطلاق موكب ترامب إلى لحظة وصوله لمحكمة مانهاتن في نيويورك ثم تفاصيل الاحتجاز وأخذ البصمات وجلسة الاستماع، تحظى بتغطية مستمرة. في حين، لا يقتصر سبب التغطية، على ان ترامب، هو أول رئيس أميركي يواجه اتهامات جنائية، بل ان الأجندة الديموقراطية القائمة على حصد مزيد من الأصوات بتشويه صورة الأخير، إضافة لكشف تجاوزاته القانونية، تتطلب ضخ أكبر عدد من الحلقات التلفزيونية والمقالات الصحفية، كلما اقترب عام 2023 من نهايته.
يواجه ترامب لائحة الاتهام المكونة من 34 تهمة، تم الإعلان عنها في جلسة محاكمة، تتهم ترامب بتزوير سجلات تجارية. كل تهمة هي جناية، وتحمل عقوبة من سنة إلى خمس سنوات.
وتتعلق التهم بدفع محامي ترامب السابق مايكل كوهين مبلغ 130 ألف دولار للممثلة الاباحية ستورمي دانيلز، لمنعها من الكشف عن علاقتها المزعومة بترامب، الذي ينفي ذلك. ويقول المدعون العامون في نيويورك، أن ترامب وجه كوهين لدفع أموال لدانيالز ثم قام بشكل غير قانوني بإخفاء هذه المدفوعات، وهو انتهاك لقوانين الانتخابات الفيدرالية والولاية. وتهم أخرى منها ما يتعلق بحفظ الوثائق السرية وتزوير نتائج الانتخابات...
خلال خطابه من منزله في بالم بيتش، حذر ترامب من أن "الولايات المتحدة قد غرقت إلى مستوى "الاتحاد السوفيتي القديم...لم أعتقد أبدًا أن شيئًا كهذا يمكن أن يحدث في أمريكا". وأضاف "إنها إهانة لبلدنا، والعالم يسخر منا بالفعل... الجريمة الوحيدة التي ارتكبتها هي الدفاع بقوة عن أمتنا".
ولفت ترامب إلى ان المدعي العام، ألفين براغ، كان "مجرماً"، مستشهداً بتسريبات في لائحة الاتهام قبل المحاكمة. وقال "على الأقل، يجب أن يستقيل"، وربما كانت هذه الجملة قد قيلت بأعلى نبرة صوت خلال خطابه الذي استمر 20 دقيقة.
اتهامات بتسليح القانون
يقول الجمهوريون إن هذه الخطوة غير المسبوقة تمثل نقطة تحول في البلاد، حيث يمكن تسليح النظام القانوني ضد المعارضين السياسيين.
وردد ترامب وجهة النظر هذه، واصفًا العديد من التحقيقات الجنائية والمدنية الأخرى ضده، بأنها "تدخل هائل في الانتخابات على نطاق لم نشهده من قبل في بلدنا...لا يمكنهم التغلب علينا في صناديق الاقتراع، لذلك يحاولون ضربنا بالقانون". واصفاً القاضي المعني بقضيته الحالية، خوان ميرشان، بأنه "قاضٍ كاره لترامب". وأشار إلى أن ابنة ميرشان، عملت في حملة نائبة الرئيس كامالا هاريس الرئاسية لعام 2020.
صوّب ترامب سهامه نحو إدارة بايدن، متحدثاً عما اسماه "الانحدار الأميركي" خلال ولاية الأخير، والاضطرابات السياسية والاقتصادية التي تعرضت له الولايات المتحدة خلال السنوات القليلة الماضية. وقال "نحن الآن أمة فاشلة. نحن أمة في حالة انحدار. والآن يريد هؤلاء المجانين اليساريين الراديكاليين التدخل في انتخاباتنا باستخدام تطبيق القانون...لا يمكننا أن ندع ذلك يحدث".
وادعى أن الحرب الروسية الأوكرانية ما كانت لتحدث لو كان في البيت الابيض. وألمح إلى تهديدات روسيا باستخدام الأسلحة النووية وسط الحرب، التي قال أنها "يمكن أن تؤدي، تحت قيادة إدارة بايدن، إلى حرب عالمية نووية شاملة 3".
كما حذر ترامب من أن الدولار الأميركي قد يتوقف قريباً عن كونه العملة الاحتياطية العالمية: "الآن الولايات المتحدة في حالة من الفوضى. اقتصادنا ينهار، والتضخم خارج عن السيطرة....روسيا انضمت إلى الصين، هل تصدق ذلك؟ انضمت السعودية إلى إيران. تشكلت الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية معًا كتحالف خطير ومدمر...لم يكن ليحدث أبدًا لو كنت الرئيس".
ويقول المقدم التلفزيوني، بو ديفيدسون، في برنامجه THE BEAU SHOW، ان "تسليح المحاكم من أجل الحصول على ترامب قد يساعد ترامب. واعتبر، في الحلقة التي عرضت بعد المحاكمة، انه من الواضح أن تسليح المحاكم هذا يسعى إلى إلحاق الضرر بترامب أثناء ترشحه لإعادة انتخابه. براغ -المدعي العام- هو ديمقراطي يموله جورج سوروس. إنه متهاون بشأن الجريمة المتصاعدة في شوارع نيويورك، وهو رجل أدين بالحنث باليمين. متسائلاً عن لائحة اتهام هانتر بايدن وجو بايدن. وقال "لماذا لم تقف هيلاري كلينتون أمام هيئة محلفين؟ ليست هذه هي الطريقة التي من المفترض أن يعمل بها النظام القانوني للولايات المتحدة. يمكن لكل من الديمقراطيين والمستقلين على حد سواء أن يروا مخاطر النظام القضائي الذي يخطفه التحيز السياسي. على الرغم من محاولة الإضرار بحملة ترامب الرئاسية، قد تكون هذه القضية هي بالضبط ما هو مطلوب لضمان إعادة انتخابه".
الكاتب: مريم السبلاني