اتفقت سوريا والسعودية على إعادة فتح سفارتيهما، بعد مرور أكثر من عقد على قطع العلاقات الدبلوماسية ما بينهما، بسبب الحرب التي شنت على سوريا في آذار / مارس من العام 2011.
فقد نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر إقليمية، بأن الحكومتين "تستعدان لإعادة فتح السفارتين بعد عيد الفطر"، في النصف الثاني من نيسان / أبريل القادم، وجاء القرار نتيجة محادثات في السعودية مع مسؤول استخباراتي سوري رفيع المستوى (يرجّح بأنه اللواء حسام لوقا).
هذه الأنباء أكدها مسؤول في وزارة الخارجية السعودية، عبر تصريحات أدلى بها لقناة "الاخبارية" الحكومية، بأن بلاده وسوريا تجريان مباحثات تتعلق باستئناف الخدمات القنصلية، في إطار ما وصفه بـ"حرص المملكة على تسهيل تقديم الخدمات القنصلية الضرورية للشعبين".
وبالتأكيد فإن هذه الاتصالات ما بين الدولتين، لم تكن لتحصل بهذا الزخم، لولا الاتفاق التاريخي الذي حصل لإعادة العلاقات بين السعودية وإيران. وهو ما أشار إليه الرئيس السوري بشار الأسد مؤخراً، عندما وصف الاتفاق بالمفاجأة الرائعة، مؤكداً بأنه سينعكس إيجاباً على دول المنطقة بشكل عام، ومن بينها سوريا. مشيراً إلى أن ما كان يطرح سابقاً من قبل بعض الدول العربية، عن "علاقة سورية إيرانية يجب أن تنقطع، لم يعد يثار مع سوريا. هناك وفاء بين سوريا وإيران عمره 4 عقود. هذا الموضوع لم يعد مشكلة على الساحة العربية".
بالتالي سنشهد بالتأكيد خلال المرحلة المقبلة، توسعاً في الكوّة العربية التي فتحت في الحصار الأمريكي المفروض على سوريا. وربما تكون الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة ضد منطقة دير الزور في سوريا، هي رسالة من الإدارة الأمريكية في هذا السياق أيضاً، كي تعبر فيها عن غضبها وسخطها من هذه التطورات، التي تحصل بعكس مصالحها.
كما ستمثل إعادة العلاقات بين الرياض ودمشق، أهم تطور حتى الآن في تحركات الدول العربية لإعادة العلاقات مع الدولة السورية، لأنه بطبيعة الحال سيكون إيعازاً لكل الدول العربية المتبقية للقيام بذلك.
العلاقات الثنائية والقمة العربية
بالتأكيد لن تكون عودة العلاقات ما بين البلدين، بالشكل الذي حاولت به الدول - التي ساهمت في تدمير سوريا-إملاء الشروط سابقاً. فالرئيس الأسد كان واضحاً، بأن بلاده لم تقطع العلاقات مع أي بلد، وعليه فإن هذه الدول ستكون هي العائدة إلى سوريا لا العكس. فقد قال مؤخراً في معرض رده على سؤال حول حراك الدول العربية تجاه بلاده: "هناك بداية حراك عربي من خلال طرح الأفكار، نحن بانتظار أي خطط تنفيذية أخرى لهذه الأفكار حول موضوع الأزمة السورية. لم نقطع العلاقات يومًا مع الدول العربية. قطع العلاقات ليس مبدأً صحيحًا في السياسة". موضحاً حول موضوع عضوية سوريا المجمّدة في الجامعة العربية بأنه "لا بد من إلغاء التجميد في إطار قمة عربية، ثم نشارك... الهدف هو العمل العربي المشترك، وليس القمة في حد ذاتها". وهذا ردّ آخر على محاولات بعض الدول مثل قطر، التي ما زالت تعادي سوريا، الوقوف حائلاً أمام رفع التجميد، بذريعة دعمها لما تصفه بـ "ثورة الشعب السوري". لكن يبدو أن الاتفاق السعودي الإيراني، جاء أيضاً ليعيد حكام الدوحة الى حجمهم الطبيعي، وهو ما برز في بيانهم الترحيبي بالأمس الخميس.
الكاتب: غرفة التحرير