تمتد الأزمة السياسية في كيان الاحتلال لتصل إلى مختلف المؤسسات الأمنية والاقتصادية وفروع الجيش. حيث كشفت صحيفة معاريف العبرية في تقريرها ان "جهاز الاحتياط المنقسم سيلحق ضرراً لا يُرأب بكفاءة "الجيش" الإسرائيلي، وهذا لا تستطيع "إسرائيل" أن تسمح به لنفسها في أي وقت، وخصوصاً الآن".
النص المترجم:
الشرخ العميق في المجتمع الإسرائيلي لم يوفّر أيضاً الذين يخدمون في الاحتياط، فيما الساحة الفلسطينية تحترق وتكلّف "إسرائيل" أثماناً باهظة.
الاحتجاج ضد الثورة القضائية يتصاعد ويرتقي درجةً، ويمكن أن يخرج عن السيطرة. الصور الصعبة من جادة "أيالون" في هذا الأسبوع ومن أنحاء البلد يجب أن تكون تحذيراً لنا جميعاً.
في مجموعات احتجاج ناشطة مختلفة، سُجّلت هيمنة عالية لتكتل مجموعات عناصر احتياط؛ ضباط وجنود. هويتهم كمن يخدمون "إسرائيل" في جهاز الاحتياط، في أيامٍ قلّة فيها تفعل هذا، تمنحهم أهمية ووزناً كبيراً في الوعي، كما القدرات العملية من ناحية تنفيذية وتنظيمية.
لكن قبل كثير من الاحتجاج الأخير، الحبل الذي يربط أُطر الاحتياط لم يعد قوياً كما كان في الماضي، ولذلك أسباب عميقة، منها الاستقطاب في المجتمع الإسرائيلي، وقيمة خدمة الاحتياط التي تأكّلت في السنوات الأخيرة، وشعور مبرر بأنّ قلة قليلة تحمل العبء وتعرض حياتها للخطر في القتال.
ما وراء التحولات في المجتمع الإسرائيلي، هناك أيضاً موضوع عملي. منذ أكثر من عقد وجهاز الاحتياط في البر يتدرب ويقاتل وينفّذ أنشطة بصورة مقلّصة عمّا كانت تقوم به أجيال الاحتياط في عقودٍ سابقة. حينها كان جهاز الاحتياط جزءاً لا يتجزأ من القوة الأساسية لجيش البر في الحرب. "حرب لبنان الثانية" في 2006، شكّلت إشارة تحذير ثاقبة فيما يخص وضع الاحتياط. حتى بعدها، أي بعد استخلاص الدروس، استمر جهاز الاحتياط في التأكّل، وأصبح اللاصق الرابط – حتى من دون المشاكل الأخرى-
ضباط كبار كُثر تسرحوا من الاحتياط في السنوات الأخيرة يقولون اليوم بصورة واضحة ما كانوا يجدون صعوبة في قوله عندما كانوا في خدمة نشطة: جهاز الاحتياط في البر واقع في أزمة تعمّقت كثيراً. ما وراء الشروخ التي تتسع في المجتمع الإسرائيلي، جهاز الاحتياط في الوحدات البرية في وضعٍ غير جيد ويعاني من أهلية متدنية لحرب. المشاكل الحالية في "إسرائيل" يمكن أن تقود "الجيش" إلى أزمة احتياط أخطر من حرب لبنان الثانية. هذا ما يعتقده مسؤولون في "الجيش".
قيادة "الجيش" الإسرائيلي تأخرت في فهم عمق الأزمة وتبعاتها المحتملة على جهاز الاحتياط، وتأخرت كثيراً في الاستجابة العلنية وإجراء نقاشٍ معمق بين القادة وعناصر الاحتياط، فيما كثيرون منهم يعتقدون أنّ العقد الأساسي مع الدولة سينكسر كلياً إذا مرت قوانين الإصلاح القضائي.
الأزمة الأشد تتبدى في سلاح الجو، وفي الأسراب يجري نقاش عميق في هذا الشأن. في "الجيش" الإسرائيلي يخشون من أنّه كلما تفاقمت الأزمة وتصاعدت، يمكن أن يقرر عناصر فريقٍ جوي التوقف عن الطيران. في قبال جهاز الاحتياط في البر، ضباط الاحتياط في أسراب سلاح الجو هم جزء لا يتجزأ من الأنشطة الجارية لسلاح الجو. من دون طياري احتياط، عملياً ليس هناك سرب.
"الجيش" الإسرائيلي يمكنه شن عملية برية في قطاع غزة بحجمٍ متوسط من دون تجنيد ألوية احتياط للقتال. في المقابل، عناصر الفريق الجوي في الاحتياط مهيمنون جداً في وظائف رئيسية. طيارو الاحتياط يلعبون دوراً في كل نشاطٍ جارٍ لسلاح الجو، بل وحتى يتقاسمون استنفار السبت مع عناصر الفريق النظاميين (خدمة إلزامية).
في جزء من الأسراب القديمة (مقابل أسراب الـ F-35) حوالى 60% من نظم قوات السرب هم من الاحتياط. في الواقع، لم يتسرحوا من سلاح الجو وهم يحلقون بطائرات في الروتين وفي عملية أو في حرب، ومنهم ملاحون. هؤلاء لا يمكن بأي حال وسمهم كفوضويين مثلما يسعون إلى فعله. كثيرون منهم، إلى جانب التضامن الكامل مع الاحتجاج الجماهيري بسبب المس بأسس النظام في "إسرائيل" يرون في المس باستقلالية المؤسسة القضائية تهديداً حقيقياً عليهم من القانون الدولي.
جهاز احتياط مستقطب ومنقسم سيلحق ضرراً لا يُرأب بكفاءة "الجيش" الإسرائيلي، وهذا لا تستطيع "إسرائيل" أن تسمح به لنفسها في أي وقت، وخصوصاً الآن. لسنا في هذه النقطة بعد، لكن المؤشرات مقلقة، وأضرار هذه الأزمة، أيضاً في كل ما يرتبط بـ"الجيش" الإسرائيلي، يمكن أن تكون أصعب بكثير من أن تُصلح.
المصدر: معاريف
الكاتب: طال ليف رام