السابع عشر من شهر شباط / فبراير من العام 2018 "يسجل في التاريخ الفلسطيني على أنه يوما إنتصر به الكف الفلسطيني على المخرز الصهيوني وأذلته وجعلته أضحوكة ومحل إستهزاء أمام مرأى كل العالم وجعلته يفكر كثيراً قبل أن يعتدي على شعبنا وشبابنا الثائر في مسيرات العودة وكسر الحصار".
بهذه الكلمات وصف الناطق باسم لجان المقاومة الشعبية محمد البريم في الذكرى الخامسة على عملية "كمين العلم" التي نفّذها الجناح العسكري للجان "ألوية الناصر صلاح الدين" ردًا على اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني خلال مسيرات العودة آنذاك في قطاع غزّة.
تحدّث "بريم" لموقع "الخنادق" عن تفاصيل تخطيط الألوية للعملية اذ عمل "الجهاز الأمني التابع لالوية الناصر على رصد العدو لاختيار هدف مناسب وموجع ليكون الرد في حجم جرائمه وقد تم اختيار عدة أهداف قابلة للتنفيذ. لكن قيادة الالوية ووحدة العمليات لاحظت أنه بعد انفضاض المتظاهرين تقوم وحدات الهندسة الصهيونية بتنظيف السلك من الرايات والاعلام واليافطات وهنا تم اختيار الهدف بأن يكون علمًا فلسطينيًا مفخخًا وأوكلت المهمة لوحدة الهندسة".
تم التخطيط للعملية في "موقع الشهيد عماد حمّاد" وهو أحد مواقع ألوية الناصر صلاح الدين للإعداد والتدريب المركزي، حيث عمل المجاهدون على تفخيخ سارية العمل بطريقة ذكية لا يمكن للاحتلال اكتشافها.
الطريقة المبتكرة
ملأ المجاهدون فراغ السارية بالمواد المتفجرة من نوع C4 والتي كانت من مخلفات جيش الاحتلال ما قبل انسحابه من القطاع عام 2005، الى جانب مواد TNT. ولأن هذه المواد تحتاج الى الصاعق وفتيل لتفجيرها، ولصغر مساحة السارية، ابتكر المجاهدون طريقة أخرى، إذ وضعوا رصاصة داخلها مادة شديدة الانفجار مع سلكين.
من المفترض في صناعة العبوات أن يتم إضافة بطارية لتوليد الطاقة من أجل الصاعق، لكنّ دقّة هذه العملية وحرص الألوية على عدم وقوع أيّ خطأ يحبطها او يعرّض المجاهدين للخطر. اكتفت وحدة الهندسة بوضع فتيل في السارية يسحبه المجاهد أنثاء زرعه للعلم عند السلك. هذا يعني أن السارية باتت قابلة للانفجار في اللحظة التي تحرّك فيها أو ترمى بطريقة عشوائية. وقد ذكرت هذه التفاصيل في مقطع مصوّر سجّل من داخل موقع التخطيط.
وهو ما حدث فعلًا، فبعد أن زرعت الألوية العلم الفلسطيني فوق السارية عند السلك الحدودي الفاصل شرق مدينة خانيونس، وأثناء حملة الاحتلال لنزع الأعلام بعد انتهاء مسيرة العودة، رمى الجندي بالعلم على الأرض فانفجر به ووقع الجيش بكمين الألوية.
أوقعت العملية إصابات مباشرة في صفوف الجنود وثّقتها كاميرات وحدة الرصد في الألوية لتشكّل حربًا نفسية وحرب رواية ضد الاحتلال وتضليله الاعلامي والتعتيم على خسائره.
رسائل العملية
وشدّد "بريم" في حديثه أن العملية أوصلت رسائل مفادها أن الوية الناصر صلاح الدين ومعها المقاومة الفلسطينية جادة جدا بتحذيرها للعدو الصهيوني بالتوقف عن جرائمه وانها تنفذ ما تقول. والرسالة الثانية كانت أن اليد التي تمتد على أبناء شعبنا ستقطع عاجلاً ام عاجلا وفي الوقت والمكان المناسب. أمّا الرسالة الثالثة كانت لابناء شعبنا ولابطاله الثوار أن خلفهم مقاومة قوية وقادرة على حمايتهم وقطع اليد التي تمتد اليهم بأي أذى".
أثبت هذه العملية، الى جانب العديد من العمليات في تاريخ المقاومة الفلسطينية، على العقلية الابتكارية والابداعية الفلسطينية في توجيه الضربات للاحتلال وإقحامه في المآزق كلّ مرّة.
الكاتب: غرفة التحرير