فرق شاسع ما بين ترليون دولار على الأقل، المبلغ الذي خصصته السعودية لدعم المجموعات الإرهابية خلال الحرب الكونية ضد سوريا منذ سنوات، وما بين عشرات ملايين الدولارات فقط التي خصصتها الرياض كـ"دعم متأخر" للحكومة السورية، في جهود الأخيرة لإنقاذ وإغاثة شعبها ما بعد كارثة الزلزال الأخير وتداعياته.
وهذا إن دلً على شيء، فعلى أن حكّام الرياض مهما كانت هويتهم، مستعدين لدفع المليارات بل والتريليونات لقاء تدمير الدول وشعوبها، لكنهم غير مستعدين لذلك من أجل إغاثة أو مساعدة، خلال كارثة طبيعية على سبيل المثال لا الحصر.
فبعد أيام من الزلزال الذي ضرب جنوب شرقي تركيا وشمالي سوريا، والذي أدى الى وفاة أكثر من 3100 شخص سوري وجرح الآلاف، ما زال الدعم السعودي لإعانة وإغاثة سوريا خجولاً، بحيث لا تزال في دائرة المحدود جدّاً، انتظاراً للضوء الأخضر والإذن من الولايات المتحدة الأمريكية.
بينما خلال الحرب التي واجهتها سوريا دولةً وشعباً، منذ آذار / مارس للعام 2011، ضد تنظيمات إرهابية وفي مقدمتهم داعش الوهابي الإرهابي، فإن الحكام السعوديين لم يبخلوا في دعم هذه المجموعات مادياً (عبر مبالغ مالية طائلة وعبر الأسلحة)، بل وكان إسقاط الرئيس بشار الأسد وحكومته، هدفاً مركزياً لدى آل سعود، خصوصاً عبر ممثلهم في ذلك بندر بن سلطان. وبرز الدعم السعودي من خلال شراء عدد كبير من الأسلحة اليوغوسلافية المضادة للدروع وغيرها من الأسلحة المؤثرة كصواريخ التاو الأمريكية الصنع، التي كان يتم إدخالها إلى سوريا عن طريق الأردن نحو جنوب سوريا، أو عبر تركيا نحو شمال سوريا. وهنا لا بد الإشارة الى أن هذا الدعم استمر مع تبوأ سلمان بن عبد العزيز الحكم عام 2015، ففي الـ 17 من تشرين الأول / أكتوبر 2016، أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، بأن بلاده تعمل على زيادة دعم تسليح ما وصفهم بـ"المعارضة المعتدلة" في سوريا، وتعزيز نقل السلاح اليهم في حلب.
لم تكن أول مرّة!
لم يكن الدعم السعودي لتخريب سوريا خلال العقد الأخير هو الأول من نوعه، فقد سبق لها ذلك في حالات كثيرة، منها ما حصل في خمسينيات القرن الماضي، في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، عندما حاولوا الإطاحة أيضاً بالجمهورية العربية المتحدة، أي بسوريا ومصر معاً، وخططوا كذلك لاغتيال الرئيس جمال عبد الناصر عبر تفجير طائرته في الجو. يومها استطاع رئيس المخابرات العسكرية السورية المقدم عبد الحميد السراج اكتشاف هذه المؤامرة عبر خداعه للسعوديين، ومن ثم كشف التورط السعودي بالأدلة والبراهين التي هي عبارة عن صور 3 شيكات من الملك سعود بقيمة 2 مليون جنيه إسترليني، مسحوبة من البنك العربي المحدود بالرياض على بنك ميدلاند بلندن وتدفع لحاملها، والتي تم إعطاؤها للمقدم السراج عبر حمو الملك سعود الذي يُدعى " أسعد إبراهيم".
الكاتب: غرفة التحرير