تستمر الاحتجاجات في بريطانيا المطالبة بتصحيح الأجور للتعامل مع مستويات التضخم القياسية التي وصلت اليها البلاد وارتفاع فاتورة الطاقة والكهرباء، اذ شارك منذ يومين نصف مليون عامل في تظاهرات كبيرة دعت اليها النقابات العمالية.
في هذا السياق يشير مقال في صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن "موجات الإضرابات المتتالية اليوم أكثر شمولاً" في تاريخ المملكة المتحدة فـ "المضربون هم إنهم أساتذة جامعات وأطباء ورجال إطفاء وسائقي سيارات إسعاف". وإن تداعيات هذه الإضرابات التي ستحدث "اظطرابًا كبيرًا" ستلاحق حكومة الرئيس ريشي سوناك.
المقال المترجم:
وصل نزاع طويل الأمد حول الأجور وظروف العمل إلى ذروته يوم الأربعاء، حيث شارك مئات الآلاف من العمال البريطانيين فيما وصفه المنظمون بأنه أكبر يوم للإضراب الصناعي منذ أكثر من عقد.
شارك حوالي 500 ألف عامل في يوم العمل الجماهيري، حيث نظم المعلمون وسائقو القطارات والمحاضرون الجامعيون وسائقو الحافلات وموظفو الخدمة المدنية وموظفو المطار إضرابًا عن العمل. يأتي العرض الضخم للاستياء وسط تضخم متفشي وسنوات من ركود نمو الأجور، ويفرض مزيدًا من الضغط على حكومة المحافظين التي تحكم منذ فترة طويلة والتي تصارع أزمة تكاليف المعيشة.
وحذر داونينج ستريت البريطانيين من أن الإضراب سيسبب "اضطرابًا كبيرًا". تم إغلاق آلاف المدارس - قيل إن حوالي 85 بالمائة من المدارس في إنجلترا وويلز تأثرت - ولم تعمل معظم القطارات في إنجلترا.
وصفت صحيفة ديلي ميل إضراب الأربعاء بأنه "إضراب عام في كل شيء ما عدا الاسم". فيما أطلقت عليه صحيفة "صن" اسم "Lockdown 2023". أمّا فيما صحف البريطانية أخرى فقد أسمته "شتاء السخط"، تذكيرًا بفترة 1978-1979 التي اتسمت بالتوقف عن العمل على نطاق واسع.
قالت الأكاديمية بريطانية متخصصة في قانون العمل في جامعة كامبريدج، كاثرين بارنارد، إن بريطانيا لديها أشد القوانين صرامة في أوروبا، حيث يتعين على العمال الساخطين القفز عبر العديد من الأطواق قبل أن يتمكنوا من الإضراب - ومن المقرر أن يصبحوا أكثر صرامة.
قدم رئيس الوزراء ريشي سوناك تشريعًا يفرض "حدًا أدنى من الخدمة"، مما يسمح لأصحاب العمل بفرض درجة أساسية من التغطية في مجالات مثل الصحة والسكك الحديدية والتعليم والحرائق وأمن الحدود أثناء الإضراب. مع ذلك، قام العديد من العمال بالإضراب بشكل جماعي منذ الصيف الماضي. ومنذ ذلك الحين تصاعدت وتيرة الاضرابات.
يقول العمال إنهم يتقاضون رواتب منخفضة ويعملون فوق طاقتهم، وأن رواتبهم الفعلية، على مدى سنوات عديدة، لم تواكب ارتفاع التكاليف. على سبيل المثال، شهد المعلمون في منتصف سلم الرواتب انخفاضًا في أجورهم بنسبة 9 إلى 10 في المائة بالقيمة الحقيقية بين عامي 2010 و2022، وفقًا لمعهد الدراسات المالية. تقول الحكومة إنها لا تستطيع أن تدفع للمعلمين ما يطلبونه لأن ذلك من شأنه أن يغذي التضخم، الذي يزيد بالفعل عن الـ 10%.
وتوضح نقابات عديدة انه لا يوجد مؤشر على انفراج في محادثات الأجور، وتعهدت بمزيد من الإضرابات في الأسبوع المقبل. فقد تم التخطيط لمزيد من الإضرابات على مدار شهر فبراير - وما بعده. وفي الأسبوع المقبل، من المتوقع أن تنضم الممرضات مرة أخرى إلى صفوف الاعتصام. عندما أضربوا في كانون الأول / ديسمبر، كانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ نقابتهم الممتد 106 عامًا.
قال الأستاذ الفخري للتاريخ السياسي بجامعة نوتنغهام، ستيفن فيلدنج، إن "موجات الإضرابات المتتالية اليوم أكثر شمولاً من تلك التي حدثت في أواخر السبعينيات، المضربون هم إنهم أساتذة جامعات وأطباء ورجال إطفاء وسائقي سيارات إسعاف".
"لن تسير الأمور بالطريقة التي كان ريشي سوناك يأمل أن تسير فيها". عندما أصبح سوناك رئيسًا للوزراء العام الماضي، نصب نفسه على أنه المدير المسؤول للاقتصاد، والشخص الذي سينظف الفوضى الاقتصادية لسلفه، وكان يأمل في إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح في الوقت المناسب للانتخابات المقبلة، والتي يجب أن تكون بحلول يناير 2025.
يلاحق "الفساد" والتوقعات الاقتصادية قاتمة حكومة سوناك. توقع صندوق النقد الدولي أن تكون المملكة المتحدة الاقتصاد العالمي الرئيسي الوحيد الذي ينزلق إلى الركود في عام 2023.
المصدر: واشنطن بوست