إن النظر إلى التحولات البنيوية في المجتمع الصهيوني هي نظرة مشتقة من اعتبارات الحاضر وتاريخ الماضي. وفي ظل الحكومة اليمينية الفاشية التي يقودها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تؤكد أن حركة التأريخ تحمل الكثير في طريق نحو انهيار الكيان. فالمظاهرات الصهيونية التي ضمت ما يزيد عن مئة صهيوني رفضاً لهذه الحكومة تؤكد تكسر وحدة الكيان سياسياً واجتماعياً وفشل بوتقة الصهر بالتزامن مع صعود اليمين الصهيوني وعقيدته الإرهابية الفاشية القائمة على القتل والاستيلاء على أملاك الآخرين بالقوة وبالجرائم دون أي اعتبار لأي قوانين أو مواثيق حقوقية وإنسانية.
في المقابل نجد ترابط مجتمع محورالمقاومة سوسيولوجيًا وفق حقائق البناء الاجتماعي والتفاعل المستمر وفق توازن وتبادل اجتماعي لتحقيق أهدافهم ومصالحهم الوطنية وفق الخصائص المؤسساتية لمجتمع المقاومة المرتبط بواقع مشترك، وغير المنعزل كما حاول الكيان وأعوانه العمل على احداث خلل في سوسيولوجية المقاومة من خلال مشاريع التطبيع التي كان آخرها مؤتمر النقب التطبيعي، في ظل التفاف واحتضان عربي إسلامي واسع خلف المقاومة فكرًا ومنهاجًا لاستعادة الحقوق ونصرة المظلومين من الإرهاب الصهيوني.
يجب أن ندركَ أن اعْتبَارات التراكم الذي حدث بين الماضي والحاضر في فكر المقاومة حقق تراكم قوة لا يستهان بها، إضافة الى أبعاد ابستمولوجيا المقاومة اجتماعيا والتي نججت في تحقيق الوعي الوطني المقاوم للجبهة الداخلية وتكمن القيمة أساساً بارتباطها بالقوي فيما بينها في فصائل المقاومة وقوى محور المقاومة التي تتكامل أدوارها في مواجهة الكيان الصهيوني.
تظهر جميع المؤشرات انسجام وتناسق عمل الغرفة المشتركة للمقاومة وارتباطها ببعضها ما جعل أجهزة أمن الاحتلال تفشل في تحقيق أمنها بعد أن نجح محور المقاومة في تحقيق ديناميكيات الوحدة الأمنية في مواجهة الكيان وهو ما كشف عنه اعلامياً في وقت سابق عن وجود غرفة أمنية مشتركة خلال معركة سيف القدس تضم قوى المحور تعمل وفق عملية تخطيط وتنظيم متكاملة.
استمر تطور العمل طوال الفترة الماضية على مراكمة القوة والمعلومات والخبرات حيث ترى المقاومة ضرورة استمرار المسار التطوري التكتيكي بالتزامن مع عملية تعبئة جماهيرية من أجل تحقيق أهداف المقاومة الامر الذي يحتم مزيد من العمل المشترك فالمواجهة أَصْبَحت فكريةً أَيضًا إلى جانب المواجهة العسكرية. بهذه الاستراتيجية ترسم المقاومة سبيل التصدي للاحتلال بقوة وفعالية فما بثته كتائب القسام من مشاهد الأسير الجندي الصهيوني لديها في غزة أفيرا منغستو والتي قال فيها "إلى متى سأظل هنا أنا ورفاقي بعد هذه السنوات الطويلة من المعاناة والألم؟ أين دولة وشعب (إسرائيل) من مصيرنا؟"، يمثل انتصارًا جديدًا للقسام في الحرب النفسية ضد الاحتلال إضافة الى تأكيد جديد أن قضية الأسرى حاضرة وبقوة لدى قيادة المقاومة، وكشفت حقيقة خداع قادة الاحتلال للرأي العام في الكيان وتهربهم من تحقيق صفقة تبادل. كل ذلك شكل صفعة في وجه رئيس أركان جيش الاحتلال الجديد هرتسي هليفي في أول أيام استلامه لمنصبه وطرح كل أكاذيبهم وشائعاتهم الزائفة وكشف هروب الاحتلال وتعطيله حتى الآن إتمام صفقات التبادل مقابل أسرانا الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
ما يحدث في الخان الأحمر من دعوات حكومة نتنياهو لهدمه والاقتحامات المتكررة من المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى تعجل بحدوث انتفاضة شعبية فلسطينية، وهو اشعال للمنطقة في وجه الاحتلال وعصابته ولن تحمل الا الخزي والعار والهزيمة للكيان فلا زال سيف القدس مشرعاً ولن تهزم مقاومة تدافع عن الأسرى والمسرى وتحمل منهاجاً جهادياً مستمد من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مدافعةً عن الحق بكل السبل والوسائل وعلى كل الجبهات والساحات.
لقد قدمت الروح النضالية للمقاومة أسمى مراتب التضحية ولا تزال مستمرة في إفشال مخططات الاحتلال في كل الساحات والعمل من أجل إيصاله نحو نهايته المحتومة من خلال مواصلة العمل ضمن الأهداف الأساسية للمقاومة عسكرياً وأمنياً وفكرياً وسيبرانياً، بتنا ندرك أن المواجهة الكبيرة مسألة وقت لا أكثر كل المؤشرات على الأرض توحي بإرهاصات مواجهة قريبة تدخل الاحتلال نحو منحدرات الهزيمة والزوال.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع
الكاتب: محمد مصطفى شاهين