بشكل مفاجئ، أعلن وزير الدفاع الروسي "سيرغي شويغو" بالأمس الأربعاء، عن موافقته بدء سحب القوات الروسية من مدينة خيرسون، إلى الضفة اليسرى من نهر دنيبرو، وذلك من خلال مقطع فيديو نشر على التلفزيون وهو يقول:"نفّذوا انسحاب الجنود".
وقد جاء هذا التطور، بعد اقتراح قائد العمليات الروسية في أوكرانيا الجنرال سيرغي سوروفيكين، الذي أقر بأنه ليس قرارا سهلا لكنه ضروريا، لناحية منع وقوع الخسائر في حال نفذت القوات الأوكرانية هجوماً واسعاً، خصوصاً وأن المدينة غير مرتبطة بالضفة اليسرى سوى بجسرين، لن يكفلا استمرار تدفق الدعم اللوجستي الى الجبهة، لذلك كان من الأفضل بحسب الجنرال سوروفيكين، أن تعيد روسيا تنظيم صفوفها على الضفة الأخرى من نهر دنيبرو في جنوب مدينة خيرسون.
أما السلطات الأوكرانية، فقد بدا موقفها لافتاً، حينما أعلن رئيسها فولوديمير زيلينسكي بأن بلاده تتعاطى بحذر شديد مع هذا الإعلان الروسي. أما مستشاره ميخايلو بودولياك فقد قال لوكالة رويترز بأنه من المبكر الحديث عن انسحاب روسي من خيرسون، مشيرا إلى وجود قوات روسية فيها حتى اللحظة. مؤكداً بأن بلاده لا تعير اهتماما للتصريحات الروسية وإن الأفعال تختلف عن الأقوال. موضحاً بأنه لا يوجد معنى للحديث عن انسحاب روسي، ما دامت الأعلام الأوكرانية لا ترفرف فوق المدينة.
إرباك في التحليل والتقدير
يبدو أن أهمية هذه الخطوة وتوقيتها، قد فاجئ المعسكر الغربي الذي تخبطت تحليلات وتقديرات خبرائه ما بين النشوة بما اعتبروه انتصاراً للجيش الأوكراني، وبين من حذّر من كمين كبير لروسيا.
فبحسب آراء العديد من الخبراء، فإن روسيا تهدف في هذا المرحلة الى التقليل قدر الإمكان من خسائرها، قبل حلول الشتاء الذي تعتبره أحد أسلحتها الاستراتيجية.
وقد نجحت روسيا خلال الفترة الماضية، في تدمير حوالي 40٪ من محطات تحويل الكهرباء الأوكرانية، بمزيج من الصواريخ والطائرات بدون طيار، مما أدى الى فقدان الكهرباء لدى أكثر من مليون أوكراني. وفي العاصمة كييف، يعاني حوالي 80 % من سكانها من انقطاع الماء.
ومن ناحية أخرى، يتوقع خبراء الاقتصاد أن اقتصاد الدولة الأوكرانية سينكمش بنسبة 35 في المائة على الأقل في العام 2022، وتقدر الأمم المتحدة بأن 9 من أصل 10 أوكرانيين سيتحولون الى فقراء بحلول عيد الميلاد.
وإذا ما أضفنا الى هذا الوضع، الأزمات الاقتصادية التي تضرب بقسوة أغلب دول العالم والمعسكر الغربي، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، فعندها يمكننا التقدير بأن ما سيحققه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من كل هذه المعطيات، سيكون أفضل من أي حملة عسكرية، وبالتالي يمكنه بعد تلامس نتائج ذلك، تنفيذ مرحلة هجومية جديدة تكون قادرة على تحقيق نتائج كبيرة، مستفيداً من التعبئة العسكرية الجزئية بحوالي 300 ألف جندي التي حصلت مؤخراً.
الكاتب: غرفة التحرير