مارست قناة "إيران إنترناشيونال" دورًا فتنويًا في المظاهرات الأخيرة التي اندلعت في إيران إثر وفاة الناشطة مهسا أميني. القناة الممولة من السعودية ومقرّها بريطانيا تحرّض منذ سنوات على نظام الجمهورية الإسلامية وتقدّم الدّعم للمنظمات الإرهابية أمثال "المنافقون" و"بيجاك" وغيرها. في ردّها الأول على ممارسات القناة، صنّفت وزارة الاستخبارات الإيرانية "إيران إنترناشيونال" منظّمة إرهابيّة، تهدّد الأمن القومي الإيراني، وجاء ذلك بعد فرض وزارة الخارجية الإيرانية عقوبات على وسائل إعلامية معادية من بينها "إيران إنترناشيونال".
المقر الرئيسي للقناة يقع في لندن، ولها مكاتب في أوروبا والولايات المتحدة. وقد بدأت القناة البث في شهر مايو (أيار) 2017. برامج القناة تتضمّن أخبارًا سياسية واقتصادية وثقافية ورياضية، في الشأن الإيراني والعالمي، وجولات في الصحافة من داخل إيران وخارجها، وأفلامًا وثائقية أغلبها عن أوضاع إيران الداخلية.
تمويل سعودي
ووفق تقرير الغارديان "ظهرت إيران إنترناشيونال فجأة على الساحة الإعلامية في لندن العام الماضي. عُرض على العديد من موظفي شبكة الموظفين البالغ عددهم 100 موظف رواتب سخية، وغالبًا ما تكون ضعف ما يدفعه المنافسون، ولكن كان من الصعب تحديد مصدر تمويلها". إلا أنها ذكرت أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يعتقد الكثيرون أنه مسؤول عن مقتل الصحفي جمال خاشقجي، هو القوة التي تقف وراء "إيران إنترناشيونال". القناة، لم تنكر مزاعم أنها تتلقى تمويلها من الديوان الملكي السعودي. وأكّدت أن سعود القحطاني، الذي كان من بين اثنين من كبار المسؤولين الذين تم عزلهم فيما يتعلق بقضية خاشقجي، متورّط في تمويل القناة.
أنشطة القناة المعادية للجمهورية الإسلامية
بحسب تقرير لموقع فارس بلاس مجموعة من الأنشطة تمّ رصدها كالتالي:
- تغطية لحفل "المنافقين": "إيران إنترناشيونال" كانت في صيف 2017 عندما تم الكشف عن سياساتها الخفية شيئًا فشيئًا هي القناة الإعلامية الوحيدة التي غطّت الحدث خلال لقاء مجموعة المنافقين. حتى أنهم نشروا كلمات مريم رجوي لحظة بلحظة تحت عنوان "عاجل".
- إعطاء منبر لجماعة الأحواز الإرهابية: بعد الهجوم الإرهابي لمجموعة "الأحواز" على عرض القوات المسلحة في 31 سبتمبر 2017، برز اسم هذه القناة على وسائل الإعلام. في هذا الوقت، قدّمت "إيران إنترناشيونال"، في عمل غير مهني يُعد نموذجًا للترويج للإرهاب، منصتها الحية للإرهابيين الذين أطلقوا النار على العديد من النساء والأطفال الأبرياء في الحدث قبل ساعات قليلة.
- دعم جماعة "بيجاك" الإرهابية: لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يقدم فيها هذا التلفزيون الهواء المباشر للإرهابيين والجماعات التكفيرية، قبل ذلك، خلال الهجوم الإرهابي في مريفان، كردستان، والذي أسفر عن مقتل 11 من أبناء إيران، قدّمت هذه القناة التسهيلات والدعم لأحد أعضاء المجموعة الإرهابية "بيجاك".
- تغطية شاملة للمؤتمر الانفصالي: التغطية الخاصة للمؤتمر الذي تشكل تحت عنوان "مستقبل أمم إيران" ولم يكن له هدف سوى الانفصال وتقسيم إيران إلى مائة قطعة، جلبت الكثير من الانتقادات لهذه القناة.
- تغطية الاحتجاجات لحظة بلحظة: تشويه السمعة وإبراز نقاط الضعف وبثّ اليأس ودعم أصغر الاحتجاجات في جميع أنحاء إيران كانت السياسة التي وضعتها "إيران إنترناشيونال"، مثل القنوات الفضائية الأخرى الناطقة بالفارسية، على جدول أعمالها.
- إنقاذ الأمريكيين: يمكن رؤية إحدى مهام "إيران" الدولية في تنفيذ سياسة "جعل أمريكا المنقذ لإنقاذ الإيرانيين"، ولعل المقابلات الحصرية لشخصيات أميركية مثل بومبيو وبريان هوك مع "إيران إنترناشيونال" تتماشى مع هذه السياسة.
أصبحت سياسة "إيران إنترناشيونال" أكثر وضوحًا مع تفشي كورونا، إذ استغلّت هذه القناة التلفزيونية كل جهودها لجعل إيران تبدو ضعيفة من أجل إثبات أن السبيل الوحيد لإنقاذ إيران هو الاعتماد على أمريكا. بينما زعم الأمريكيون في بداية تفشي كورونا أن إيران ستساعدهم إذا طلبوا المساعدة، قبل بضعة أسابيع وبالتحديد بمساعدة "إيران إنترناشيونال"، منعوا إيران من شراء معدات الكشف عن كورونا من كوريا الجنوبية.
- كورونا فرصة للانتقام: مع انتشار فيروس كورونا، أصبحت عدائية هذه الشبكة أكثر وضوحًا؛ في تلك الأيام، روّجت "إيران إنترناشيونال" للعديد من المفاهيم التي تدين الجمهورية الإيرانية من ثبيل: "لامبالاة السلطات تجاه كورونا"، "إخفاء الجمهورية الإسلامية"، "حماقة إيران"، "إيرانفوبيا"، "عجز إيران"، وغيرها.
- هجوم على الدين: رأت شبكة "إيران إنترناشيونال" وغيرها من الشبكات المناهضة للثورة أن كورونا وتحديد أول عينة إيجابية من هذا الفيروس في قم هي أفضل فرصة لمهاجمة الدين والأشياء المقدسة. ولهذا الغرض، وضعوا في غرفة تفكيرهم "شائعة معارضة العلماء لحجر قم"، و "إظهار السلطة الخرافية والسلبية"، "مما يجعل الناس يشككون في الطقوس الإسلامية" في غرفة تفكيرهم كمحور إعلامي.
دورها في المظاهرات الأخيرة
من خلال استعراض أداء 5 وسائل إعلام معادية للجمهورية الإسلامية، وصفحاتها على الإنترنت، تبيّن أنّ هذه الوسائل نشرت أكثر من 38 ألف كذبة بشأن الأحداث الأخيرة في إيران خلال الفترة الممتدة من 14 أيلول/سبتمبر لغاية 31 تشرين الأول/أكتوبر.
وبحسب مركز استطلاع الرأي التابع لوكالة أنباء "فارس"، فإنّ دراسة أداء 5 وسائل إعلامية هي: قناة "بي بي سي فارسي" (تابعة للحكومة البريطانية)، وقناة "إيران إنترناشيونال" (الممولة من قبل السعودية)، وقناة "صوت أميركا"، وراديو "فردا" (تابعتان للحكومة الأميركية)، وقناة "من وتو" (تابعة للحركة البهائية)، وصفحاتها الافتراضية، يظهر نشر هذه الوسائل الإعلامية ما مجموعه 38003 كذبة في 47 يوماً (من 14 أيلول/سبتمبر إلى 31 تشرين الأول/أكتوبر)، حول الأحداث الأخيرة في إيران.
تشمل الأكاذيب الخمسة، وفق "فارس"، التي أعادت هذه الوسائط نشرها أكثر من غيرها في الـ47 يوماً الماضية ما يلي:
إيران تصنفها منظمة إرهابية
قال وزير الاستخبارات الإيرانية إسماعيل الخطيب، إن شبكة تلفزيون "إيران إنترناشيونال" تم إنشاؤها بدعم مالي من السعودية من أجل خلق حالة من انعدام الأمن في إيران، ومن وجهة نظر طهران، فإن أي اتصال بهذه الشبكة يعد بمثابة عمل إرهابي ضد الأمن القومي الإيراني.
وقال الوزير: "شبكة إيران إنترناشيونال معترف بها كمنظمة إرهابية من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية وسيكون عناصرها مطلوبين من قبل وزارة الإعلام، ومن الآن فصاعدا أي نوع من الارتباط بهذا التنظيم الإرهابي سيعتبر دخولًا. المجال الارهابي والتهديد ضده يعتبر أمنًا وطنيًا".
إسماعيل الخطيب هدّد بأنه من الآن فصاعدًا، لن يكون للجمهوريّة الإسلامية أي التزام بمنع عدم الاستقرار في إنجلترا، ويجب أن تتحمل حكومة لندن، في رأيه، تكلفة عملياتها لإنشاء عدم الاستقرار في إيران.
وقال وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، أمام اجتماع للجنة حقوق الإنسان الوطنية، إن طهران فرضت عقوبات على 13 شخصاً و7 مؤسسات بريطانية، "منها شبكة إيران إنترناشيونال، وبي بي سي الناطقة بالفارسية، في إثر جرائم التحريض على الاغتيالات وأعمال العنف والتطرف في البلاد، خلال الأسابيع الماضية".
جاء كلام أمير عبد اللهيان بعد أسبوع من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات ضد إيران "شملت 11 مسؤولاً و4 مؤسسات رسمية، ولاسيما شرطة الأخلاق، وقسم الأمن السيبراني في حرس الثورة، ووزير الاتصالات، وقائد قوات التعبئة الشعبية، الباسيج"، وشملت 97 فرداً وثمانية كيانات.
مزاعم تهديد وتلفيق اتهامات
زعم مصدر في سلطات إنفاذ القانون في المملكة المتحدة أن تحذيرًا بشأن وجود خطر على الحياة وجه رسميًا إلى اثنين من الصحفيين الإيرانيين البريطانيين، يعملان لدى قناة "إيران إنترناشيونال".
وقالت شركة "فولانت ميديا"، المجموعة المالكة للقناة، إن شرطة العاصمة البريطانية أبلغت الاثنين بزيادة تهديدات جدية من جانب قوات الأمن الإيرانية. الشركة ندّدت بـ "تصعيد الحملة التي ترعاها الدولة لترويع الصحفيين الإيرانيين العاملين في الخارج".
وفي أعقاب هذه المزاعم التي بثّتها قناة إيران إنترناشيونال بشأن تهديد الحرس الثوري الإيراني الصحفيين العاملين فيها بالقتل، قال مساعد وزير الخارجية البريطاني للشؤون البرلمانية، ديويد روتلى: إن "حكومة لندن كانت صريحة في موقفها بشأن أنشطة الحرس الثوري الإيراني المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة. بريطانيا تحتفظ بمجموعة من العقوبات ضد النظام الإيراني، وهذه العقوبات تقيّد أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار. وقال المسؤول بوزارة الخارجية البريطانية إن بلاده تراقب باستمرار المنظمات الخاضعة للعقوبات".
كما زعمت صحيفة "التلغراف" البريطانية عن كشف "فريق قتل إيراني" يهدّد حياة الصحفيين في قناة إيران إنترناشيونال.
وبحسب تقرير الصحيفة المزعوم، "بعد مشاهدة فريق مراقبة إيراني خارج منزل ومكتب هذين الصحافيين الأسبوع الماضي، ارتفع مستوى التهديد وأصبح هذان الصحفيان الآن يتمتعان بحماية على مدار 24 ساعة".
اهتمت وسائل إعلام غربية بشأن المعلومات الزائفة التي بثّتها قناة إيران إنترناشيونال بشأن تهديد العاملين فيها بالقتل، بما في ذلك "بي بي سي" و"سي إن إن" وغيرها من وسائل الإعلام الأخرى، كما تناولتها وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، بما في ذلك "راديو فردا"، و"صوت أميركا"، و"دويتشه فيله".
أدانت المنظمات الدولية الداعمة للصحفيين المزاعم التي تداولتها وسائل إعلام غربية عن تهديد إيران لصحفيين عاملين في إيران إنترناشيونال، في الأراضي البريطانية. وطالبت لجنة حماية الصحفيين السلطات البريطانية بضمان سلامة موظفي القناة.
فيما ادّعى منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بلجنة حماية الصحفيين، شريف منصور، إن "السلطات الإيرانية حاولت مرة أخرى إسكات الصحفيين في جميع أنحاء العالم". وأضاف: "على السلطات البريطانية ضمان سلامة موظفي قناة "إيران إنترناشيونال" وإرسال رسالة مفادها أنها لن تتسامح مع التهديدات الموجهة للصحفيين الموجودين على أراضيها.
الكاتب: غرفة التحرير