لم يُثنِ شهر رمضان المبارك الفلسطينيين عن القيام بأعمالهم المقاومة في وجه كيان الاحتلال، فبعد المواجهات التي جرت في القدس المحتلة وقطاع غزة الأسبوع الفائت - والتي أطلق عليها اسم "الانتفاضة الرمضانية"، أطلق فلسطينيون النار مساء أمس الأحد على مستوطنين اسرائيليين كانوا ينتظرون عند حاجز زعترة جنوبي نابلس والذي تسيطر عليه قوات الاحتلال، ما أدى إلى مقتل أحدهم واصابة اثنين آخرين بجروح خطيرة بحسب ما نقل الاعلام العبرية.
وفي التفاصيل، فقد كشفت صحيفة كان العبرية عن التحقيقات الأولية في العملية موضحةً أن "مركبة فلسطينية جاءت من جهة الجنوب كان على متنها على الأقل اثنين من الفلسطينيين توقفت وصاح أحدهم "الله أكبر"، ثم أطلق المنفذ خمس رصاصات على حوالي عشرة مستوطنين كانوا ينتظرون في المنطقة"، وذكرت القناة أن "جنود جفعاتي على المفترق أطلقوا النار على السيارة لكنها أخطأتها ولم تصبها، وفرت إلى جهة مجهولة باتجاه الضفة الغربية".
وعلى الفور أعلنت قوات الاحتلال منطقة نابلس "منطقة عسكرية مغلقة" وبدأت عملية تمشيط واسعة من دهم للمحلات التجارية ومصادرة تسجيلات كاميرات المراقبة، إضافة إلى دهم المنازل في بلدة بيتا جنوبي نابلس ما أدى إلى اندلاع مواجهة بين أهالي البلدة وقوات الاحتلال وأصيب على أثرها خمس فلسطينيين بجروح.
كما نصبت قوات الاحتلال حواجز تفتيش قرب منطقة العملية وفي محيط مدينتي نابلس ورام الله، وقامت بتوقيف مركبات المواطنين المارة وتفتيشها بالكامل. وتأتي هذه العملية، بعد الحريق الذي وقع قرب مطار بن غوريون في تل أبيب أمس والذي سبقه حريق في منشأة النفط في حيفا نهار الجمعة الفائت.
مخاوف إسرائيلية
وفي هذا السياق، يسيطر القلق والخوف على أوساط كيان الاحتلال الاسرائيلي، وبحسب صحيفة "يسرائيل هيوم" فإن "هناك مخاوف حقيقية لدى الجهات الأمنية الإسرائيلية من أن تمثل عملية زعترة بداية موجة من العمليات البطولية الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس".
وحول المخاوف من أن تزداد وتيرة العمليات المشابهة لتلك التي حصلت أمس، قالت الصحيفة "هذا هو التحدي الماثل حاليًا بشكل كبير أمام الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية، خلال الأيام والأسابيع المقبلة، خاصةً وأن شهر رمضان يمثل كل عام نقطة حساسة بالنسبة لتلك الجهات، على الرغم من أنه مر خلال العامين الماضيين بهدوء، إلا أن هذا العام يبدو أنه أكثر تفجرًا بسبب عدة عوامل منها ما يجري من أحداث في القدس، وتأجيل الانتخابات الفلسطينية، وانعكاسات أزمة كورونا اقتصاديًا واجتماعيًا على الفلسطينيين".
وأكدت على أن جيش الاحتلال يستعد لإمكانية تطور الأحداث، ولذلك سيزيد من انتشار قواته بالضفة وكذلك مساعدة الشرطة في القدس المحتلة.
وحول عملية زعترة، أشارت التقديرات الأمنية الإسرائيلية إلى "أن خلية تقف خلف التنفيذ وليس فلسطيني واحد حيث يصعب على شخص واحد قيادة مركبة والبحث عن الأهداف المتاحة لضربها، وتنفيذ إطلاق النار بهذه الدقة، وفي جميع الحالات التي نفذت فيها عمليات مماثلة في الماضي كان هناك على الأقل شخصين يشاركان في مثل هذه الهجمات، وفي الكثير من الأحيان عدة أشخاص".
وتعليقًا على العملية، غرد وزير الامن الاسرائيلي بني غيتس في حسابه على تويتر وقال "الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن لن تهدأ حتى القبض على الإرهابيين الذين نفّذوا العملية"، كما صرح رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنّ "قوات الأمن تطارد الإرهابيين، وإنني متأكد بأنها ستلقي القبض عليهم في أسرع وقت. لن نسمح للإرهاب برفع رأسه وسنضرب أعداءنا بقوة".
مباركة فلسطينية
في المقابل، باركت الفصائل الفلسطينية "العملية البطولية عند حاجز زعترة" واعتبرتها "ردًا بطوليًا على الجرائم الاسرائيلية". وفي بيان لها وجهت حركة حماس التحية لمنفذي العملية البطولية "التي تحمل روح العزة والمقاومة في شهر الجهاد"، وقالت "إن رسالة عملية زعترة البطولية واضحة لجيش الاحتلال وقادة العدو أن البندقية السمراء التي يحملها الأبطال من أبناء شعبنا جاهزة للدفاع عن القدس والأقصى، وإن شعبنا البطل ما زالت يده على الزناد، وهي التي تحمي حقوقه في أرضه ومقدساته"، كما دعت الحركة إلى تصعيد المقاومة في وجه "مخططات جماعة الهيكل التي تنوي اقتحام المسجد الأقصى في 28 من شهر رمضان".
من جهتها أكدت حركة الجهاد الاسلامي على أن هذه العملية "هي دليل ساطع على أن المقاومة قادرة على استعادة حيويتها في الضفة" مضيفة إن "العملية رسالة باسم الشعب الفلسطيني كله أن القدس خط أحمر وأن المساس بالمقدسات سيفجر غضباً لا ينتهي في وجه الاحتلال".
كما أصدرت كل من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وكتائب أبو علي بيانات منفصلة باركت فيها للشعب الفلسطيني هذه العملية، داعيةً إياهم للتصدي والمواجهة للاحتلال الذي "لا مكان له على أرضنا ولا خيار له سوى الرحيل".
الكاتب: غرفة التحرير