بعد زعم المعسكر الغربي استخدام الجيش الروسي لمسيرات إيرانية في العملية العسكرية في أوكرانيا، أبدت إسرائيل قلقها المتزايد مما ستؤول إليه الأمور اذا ما بدأت إيران بالفعل بتصدير أسلحتها خاصة اذا اثبتت نجاعتها في الحروب. وتقول صحيفة يديعوت احرنوت في هذا الصدد ان "المسيرات وصواريخ أرض - أرض الإيرانية نصف الدقيقة تقدم ميزة كمية ونوعية للروس".
النص المترجم:
المسيرات التي زوّدها الإيرانيون، وما يزالون يزودونها، لروسيا ما تزال تحسّن بشكل كبير إنجازات جيش فلاديمير بوتين في جبهات القتال المختلفة في أوكرانيا. الكاميرات المثبتة على المسيرات من طراز "مهاجر 6" تحسّن قدرات الجيش الروسي في جمع المعلومات الاستخبارية في ميدان المعركة، وتساعده بشكل أساس في تعقب بطاريات المدفعية ومضادات الطائرات، وحركة قوافل المدرعات الأوكرانية الكبيرة. باستخدام هذه المسيرة (التي تحمل أيضًا 2-3 صواريخ صغيرة) يستطيع الروس أن يُحيدوا تمامًا الدبابة والمدفع المتحرك ومقطورة الرادار الأوكرانية. لكن وفق المعلومات التي توفرها المخابرات الامريكية والبريطانية، وكذلك جمع المعلومات، وأيضًا التدمير المادي؛ كلها غير فاعلة وبالكم الذي من شأنه أن يؤدي إلى تحول لصالح الروس في واحد او اثنين من ميادين القتال.
المسيرات "الانتحارية" من طراز "شاهد 136" أكثر فاعلية وخطورة، سيما في مواجهة الأهداف المدنية الثابتة وغير المحصنة. إنها طائرة صغيرة وخفيفة، لكنها مثقلة بالوقود وبضع عشرات الكيلوغرامات من المواد المتفجرة المُدمرة بشكل خاص، إنها معدة للإقلاع إلى هدفها حتى مسافة 1000 كم وأكثر من خلال نظام GPS، ويُمكن شراؤها من المتاجر الالكترونية (ebay على سبيل المثال) من أجل تحقيق النتيجة المرجوة: قتلى وجرحى مدنيين، المهاجرين الذين ينزلون إلى محطات المترو ويرفضون الخروج منها انقطاع الكهرباء ونقص المياه.
لذلك، فمسيرات "شاهد 136" تمثل في الفترة الأخيرة مشكلة حقيقية للسلطات البلدية الأوكرانية والحكم المدني للرئيس فلاديمير زلنسكي. إنها لا تتسبب فقط بالقتل والدمار المادي، وإنما أيضًا تتسبب بأضرار معنوية ونفسية بسبب الشعور السائد في أوساط المدنيين بأن الروس لديهم القدرة، المتزايدة للوصول من خلال المسيرات بعيدة المدى هذه إلى أيّ مكان في أوكرانيا.
في ميدان المعركة، من المُمكن استخدام "شاهد 136" بطريقتين؛ الأولى: "مسيرة انتحارية" تحمل بضع عشرات من الكيلوغرامات من المتفجرات الحساسة والموجهة مسبقًا للتحليق والسقوط على هدف معروف موقعه. الثانية: "سلاح متجول"، ووفقه تُرسل "شاهد 136" لتحلق فوق منطقة القتال إلى ان تعثر بنفسها (دون توجيه عن بعد) من خلال المجس أو الكاميرا المثبتيْن عليها الهدف المُعد مسبقًا للعثور عليه وتدميره. عندما تشخّص المسيرات هذا الهدف (على سبيل المثال: شعاع رادار بطارية صواريخ مضادة للطائرات)، تغير المسيرة عليها إلى ان تضربها وتنفجر عليها.
تجدر الاشارة إلى أن المسيرة "الانتحارية" الواحدة ليس لها، ولا يُمكن أن يكون لها، مفعول "مغير للعبة" في ميدان المعركة. من بين الكثير من الأشياء، لأنهم في الجيش الأوكراني استوعبوا العبرة في ميدان المعركة، في الوقت الحالي ممنوع التواجد في مكان واحد أكثر من بضع ساعات. حتى وإن كنت متخفيًا جيدًا تحت النباتات ولا تطلق النار أو تثير الغبار، سيتم اكتشافك عاجلًا ام آجلًا؛ وحينها تضرب. لذلك، المدفعية وبطاريات الصواريخ الأوكرانية تطلق النار وتنطوي وتتحرك صوب موقع جديد، وكذلك تفعل الدبابات. كما يستخدم الأوكرانيون التشويش الالكتروني، ويطلقون النار أيضًا على المسيرات البطيئة، وهكذا في الكثير من الحالات يُسقطونها.
لكن يُمكن ان نتوقع أن يبدأ الروس في استخدام المسيرات المهاجمة الرخيصة نسبيًا، والتي زودهم بها الإيرانيون بكميات كبيرة. في ظروف اليوم، لم تعد هذه مشكلة تقنية معقدة أن تستخدم "شاهد 136" بأسراب كبيرة بعشرات المسيرات بدلًا من إطلاقها، كما يفعلون اليوم أزواجًا ورباعيات. إذا فعل الروس ذلك سيكون الأوكرانيون في مشاكل، سيما في فصل الشتاء القريب، الذي تكون فيه حركة قوافل المدرعات والمدفعية وبطاريات الصواريخ المضادة للطائرات ودوريات التمويل في شرق أوكرانيا المتجمدة محدودة على محاور التنقل المعبدة وغير الموحلة. ستكون هذه مكشوفة - تمامًا مثل الروس في بداية الحرب في الشتاء الأخير - لضربات أسراب المسيرات والحوامات الإيرانية.
عمومًا، في الشتاء ستتحول الحرب في أوكرانيا إلى تكسير متبادل ثابت، فيها المسيرات وصواريخ أرض - أرض الإيرانية نصف الدقيقة تقدم ميزة كمية ونوعية للروس، ليس فقط في ميدان المعركة، وإنما أيضًا في حرب الاستنزاف التي سيجريها الروس ضد السكان المدنيين في أوكرانيا.
لم يصدر بعد مصادقة رسمية أمريكية أو غير أمريكية للخبر الذي انتشر أمس في "واشنطن بوست" والقائل بأن إيران ستبيع روسيا صواريخ أرض - أرض من طراز "فتح 110" (مداه 300 كم) و"ذو الفقار" (مداه 700 كم)، ولكن يُعقل تمامًا أن نقدر بأن الخبر صحيح رغم أن روسيا وإيران تنفيانه بتاتًا. هذه الصواريخ تشكل تهديدًا.
الاستنتاج هو أن الولايات المتحدة والناتو يجب أن يطوروا سريعًا أساليب فاعلة، سواء كانت ناعمة أو خشنة، لمواجهة الأسراب الكبيرة من المسيرات والزخات الكبيرة من الصواريخ البالستية القصيرة والمتوسطة المدى وتحييدها قبل أن تصيب أهدافها. الأوكرانيون شخصوا قبل الروس بكثير الإمكانية العسكرية الكامنة في المسيرات والحوامات، وتعلموا تشغيلها بفاعلية كبيرة لتحسين المعلومات وتدقيقها وتحسين النيران التي استخدموها على الروس، بأدواتهم التي كانت قليلة نسبيًا في بداية الحرب. لذلك، فمن المحتمل إلى حد كبير أن يقودوا هم التطوير الغربي لأدوات تحييد التهديد الذي تشكله المسيرات. إسرائيل يجب أن تنضم إلى هذا المجهود، رغم أن المُراد هو أن يتم الأمر بعيدًا عن الأنظار، ومن دون تصريحات من قِبل السياسيين على الإطلاق.
الجانب الأقل ودًا من العملية هو الفائدة التي سيجنيها الإيرانيون من استخدام منظومات سلاحهم في ميدان المعركة في أوكرانيا. ليس فقط أن العلماء والخبراء الإيرانيون يستطيعون أن يحسنوا دقة مسيراتهم وصواريخهم وقدرتها التدميرية وفق الخبرة التي سيحصلها الروس في أوكرانيا؛ وإنما سيتعلمون أيضًا كيف يحولون مسيراتهم وصواريخهم لتصبح محصنة في وجه الأدوات المضادة التي سيطورونها في الغرب (ربما بمساعدة إسرائيل)، وسيتعلمون تطوير أساليب استخدام تشغيلية تتجاوز الأدوات الدفاعية. ميادين القتال على الإطلاق، وفي أوكرانيا بالذات، المعامل التجريبية النهائية التي تحدث فيها مسابقات التعلم.
التقنية التشغيلية بين الأطراف، والتي ينتصر فيها عمومًا المنتصر في الحرب أيضًا. الإيرانيون من خلال الروس (كالمعتاد من خلال "الوكلاء" - المبعوثين) ينافسون الآن في الدوري العالمي لمطوري ومنتجي الأنظمة القتالية الذكية ويجمعون الخبرة. لا شك بأن العلماء والمهندسين الروس سيساعدونهم ويستخلصون معهم العلم الذي حصلوه في أوكرانيا في استخدام الأنظمة الإيرانية وغيرها، هذه ليست بشرى إيجابية من منظور إسرائيل.
المصدر: يديعوت أحرنوت