على ضوء المستجدات الأخيرة التي تشهدها المحادثات النووية بين ايران والولايات المتحدة، وفي ظل استمرار نفي الأخيرة لأي تقدم لتوقيع اتفاق "مؤقت"، أشارت صحيفة هآرتس العبرية إلى ان الهدف من الابتعاد عن صيغة "الاتفاق" واستبدالها بـ "تفاهمات" هو تجنب إجراء تصويت بهذا الشأن في الكونغرس".
النص المترجم:
تقدر شخصيات رفيعة إسرائيلية بأنه إذا ما تم التوصل إلى تفاهمات بين الولايات المتحدة وإيران في موضوع البرنامج النووي الإيراني، فستحاول إدارة بايدن تجنب الإعلان عن التفاهمات كاتفاق من أجل تجنب إجراء تصويت عليها في الكونغرس الأمريكي. رفضت إدارة بايدن في الأيام الأخيرة تقارير عن حدوث تقدم كبير في المحادثات مع إيران، ولكن إسرائيل تعتقد أن المفاوضات بين الطرفين أكثر جدية مما تعترف به الإدارة الأمريكية علناً.
نشرت "هآرتس" في الأسبوع الماضي، بأنه حدث تقدم كبير في الاتصالات، وفيما بعد نشر في "واللا" بأن عُمان تتوسط بين الولايات المتحدة وإيران بصورة مباشرة. امتنع البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية عن التطرق صراحة لهذه الأقوال، ولكن تقريراً ظهر في موقع الأخبار "ميدل ايست أي" قال إن الطرفين يسعيان للتوصل إلى اتفاق مؤقت، لاقى نفياً رسمياً من الإدارة. "كل تقرير بخصوص اتفاق مرحلي خاطئ ومضلل"، أعلنت الإدارة. والسيناتور الكبير روبرت ميناندز رئيس لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ، قال لموقع "جويش انسايدر" إنه إذا كانت الإدارة تسعى لاتفاق مرحلي مع إيران، "فإنهم يعملون عملاً جيداً جداً في إخفاء ذلك".
وقال مصدر في الإدارة الأمريكية، نفى هذه الليلة أيضاً تقارير عن اتفاق مؤقت بين واشنطن وطهران، بأنه "ليس هنالك أحاديث عن صفقة مرحلية" ولكنه لم ينفِ تقارير عن إجراء اتصالات بين الدولتين. وأشار أن واشنطن تريد رؤية مزيد من تعاون النظام الإيراني مع الوكالة الدولية للطاقة النووية.
المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي، قال أمس رداً على تقارير إسرائيلية بأن البيت الأبيض "لن يؤكد أو ينفي تقارير نشرتها وسائل الإعلام عن الاتفاقات"، وأضاف بأن إدارة بايدن في اتصال "قريب جداً جداً" مع إسرائيل في الموضوع الإيراني، وإن واشنطن و"القدس" تريان التهديد الإيراني بنفس المنظار على الاستقرار في الشرق الأوسط. "نركز على نشاطاتهم التي تزعزع الاستقرار، لا في المجال النووي فحسب بل في خطتهم للصواريخ الباليستية، وعلاقاتهم الأمنية مع روسيا ودعمهم لروسيا في إطار الحرب في أوكرانيا"، قال كيربي في إحاطة للصحافيين. "نتحدث مع الإسرائيليين طوال الوقت عن هذا. لنا رؤية متشابهة لهذه التهديدات"، أضاف. مع ذلك، أشار كيربي إلى أن "الإسرائيليين يستطيعون التحدث عن أنفسهم مثل أي دولة أخرى تتحدث عن نفسها بخصوص هذه التهديدات وكيف ستواجهها".
ترى إسرائيل في هذا النفي جزءاً من محاولة محسوبة للإدارة لتجنب الإعلان عن اتفاق مع إيران، والسعي بدلاً من ذلك إلى "تفاهمات" ليس واضحاً إن كانت ستحظى بصلاحية سريان رسمية. حسب أقوال شخصيتين رفيعتين إسرائيليتين، فإن الهدف هو تجنب إجراء تصويت بهذا الشأن في الكونغرس الأمريكي، مثلما يقتضي القانون في الولايات المتحدة في حالة التوصل إلى اتفاق دبلوماسي. الكونغرس منقسم بين مجلس الشيوخ تحت سيطرة الحزب الديمقراطي ومجلس النواب الذي فيه أغلبية ضئيلة للحزب الجمهوري.
أحد الشخصيات الرفيعة الإسرائيلية أشار في هذا السياق إلى مقال نشره في نهاية الأسبوع الباحث الأمريكي هينري روم الخبير في الشؤون الإيرانية في معهد واشنطن لأبحاث الشرق الأوسط، والذي عرض فيه 3 طرق عمل ممكنة بالنسبة للإدارة في الموضوع الإيراني: التوصل إلى اتفاق جديد، ومضاعفة الضغط الاقتصادي على طهران مثلما تطالب إسرائيل، أو ما يسميه "الخيار الثالث" -التوصل إلى تفاهمات في الاتصالات مع إيران بدون الإعلان عنها كاتفاق.
يحظى التحليل الإسرائيلي أيضاً بنقد معين في واشنطن. مصدر مقرب من الإدارة قال لهآرتس بأن بايدن "رئيس نما في الكونغرس ويعمل مع الكونغرس أكثر من معظم الرؤساء. فكرة أن يحاول تجاوزه لا تتساوق بالضرورة مع سلوك الإدارة".
أمس، اعترفت شخصية إيرانية رفيعة للمرة الأولى في تصريح علني، بأن اتصالات تجري مع الولايات المتحدة في الموضوع الإيراني. متحدث باسم وزارة الخارجية في طهران، قال في تصريح لوسائل الإعلام بأن اتصالات تجري بوساطة عمانية وأنه “تبادلنا الرسائل مع الطرف الثاني". المتحدث ناصر كناني، أضاف بأنه "لم نوقف العملية الدبلوماسية في يوم من الأيام" وأن وجود المحادثات "ليس سراً".
السبت، نشر أن العراق وافق على تحويل حوالي 2.76 مليار دولار لإيران، كانت مدينة لها مقابل غاز وكهرباء، بعد أن حصلت على مصادقة خاصة من الولايات المتحدة لهذه العملية على الرغم من العقوبات التي فرضت على طهران. حسب تقرير في وكالة الأنباء رويترز، فإن وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، تلقى ضوءاً أخضر خلال اللقاء الذي أجراه مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، على هامش مؤتمر في الرياض الخميس.
في نهاية الأسبوع، جرت أيضاً محادثة تلفونية بين الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، والتي قال ماكرون خلالها إن فرنسا وباقي دول أوروبا معنية بـ "إيجاد حل دبلوماسي" لقضية النووي، وتوسل لإيران من أجل تجنب القيام بخطوات ستصعد الوضع. وتضمن البيان الإيراني بشأن المحادثة تطرقاً صريحاً لاستئناف الاتفاق النووي من سنة 2015، والذي غاب عن البيان الذي أصدرته فرنسا.
في الأسبوع الماضي، نشرت هآرتس أن جهاز الأمن الإسرائيلي تولد لديه انطباع بأن الأمور تتحرك بوتيرة أسرع من المتوقع، وأن الطرفين قد يتوصلان إلى تفاهمات خلال عدة أسابيع، على الرغم من أنه لم يجسر نهائياً على كل الفجوات بينهما. تقف على الأجندة تفاهمات قد تتضمن موافقة إيرانية لوقف عملية تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية. بالمقابل، يتوقع النظام في طهران تسهيلات في العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران. يدور الحديث في المرحلة الأولى حول الإفراج عن 20 مليار دولار من الممتلكات الإيرانية المجمدة في حسابات بنكية في الخارج -في كوريا الجنوبية والعراق وفي صندوق النقد الدولي.
كجزء من الخطوات البانية للثقة، أفرجت إيران في الأيام الأخيرة عن ثلاثة سجناء غربيين كانت تحتجزهم. مقابل إطلاق سراح دبلوماسي إيراني كان مسجوناً في بلجيكا منذ سنتين بسبب دوره في محاولة تفجير عبوة ناسفة في فرنسا.
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تحدث الخميس مع بلينكن في نهاية زيارته للسعودية، وقال له إن "العودة إلى الاتفاق لن توقف البرنامج النووي الإيراني، وإن أي تسوية لن تلزم إسرائيل، التي ستعمل كل ما بوسعها للدفاع عن نفسها". رغم الرسالة القوية التي نشرها مكتب نتنياهو بعد المحادثة، تقدر شخصيات رفيعة في إسرائيل بأن مجال العمل ضد اتصالات الولايات المتحدة مع إيران محدود جداً.
ستجد إسرائيل صعوبة في تجنيد الكونغرس ضد التفاهمات، على خلفية السيطرة الديمقراطية في مجلس الشيوخ، في حين أن المحاولات الإسرائيلية لجعل دول أوروبا تشدد مواقفها تجاه إيران حظيت بنجاح حتى الآن، بالأساس في موضوع التدخل الإيراني في أوكرانيا وبدرجة أقل في القضية النووية.
المصدر: هآرتس
الكاتب: أمير تيفون وبن سيموئيليس