يتوالى انهيار الحاميات في مدينة مأرب، فمع سقوط الطلعة الحمراء، تكون قوات الجيش واللجان الشعبية قد سيطرت على أهم وأكبر الحاميات في المدينة، وبذلك تكون المعركة قد دخلت خط التحرير، وأصبح سقوط المدينة مسألة وقتٍ لا أكثر.
خسرت ميليشيات هادي آخر الجبهات التي كانت تعوّل عليها، والتي ما زالت تحاول جاهدةً لتحصين دفاعاتها فيما تبقى من تخوم مركز المحافظة مستخدمةً الجرافات لاستحداث دفاعات جديدة، شرق حمة المصاريه ضمن الخط الدفاعي حول مدينة مأرب، وفق ما أكدت مصادر ميدانية للخنادق.
تأتي أهمية الطلعة الحمراء من موقعها الاستراتيجي الذي يمنح مَن يسيطر عليها تلقائياً، قدرة السيطرة على طرق الإمداد الاستراتيجية، إضافة للسيطرة النارية على المفاصل المتبقية في محيط المدينة، وبذلك تكون قوات صنعاء قد أصبحت مشرفة على البوابتين الشمالية والغربية لمركز المحافظة، إضافة إلى مأرب وصرواح، وقادرة على التقدم المباشر باتجاه البلق القِبْلي والجفينة، وإطباق السيطرة على مأرب من اتجاهات عدة.
بعد حصار ميليشيات هادي منذ يوم السبت الفائت، وتعرضها للقصف الجوي الممنهج، استسلم "لواء 125" وأعلن الانضمام الى صفوف الجيش واللجان بعد ما تعرّض "للخيانة" من قوى التحالف على حد تعبير بعض الأوساط الإعلامية، فيما تقدّمت في تبّة الدحلة، التي تشرف على أغلب خطوط الامداد لقوى التحالف.
في سياق متصل، تابعت قوات الجيش واللجان الشعبية الهجوم الأخير فجر الأحد، على 3 محاور، استطاعوا خلالها إحداث خرقٍ جديد في أم قباقيب وشرق الشعب الأحمر، إضافة لانهيارات واسعة في صفوف ميليشيات هادي، فيما مهدّت بالهجوم الذي استمر 12 ساعة، للسيطرة على عدد من المواقع الاستراتيجية مثل التبّة البيضاء.
رغم التحصينات والخنادق والثقل الميداني والاسناد الجوي الذي استمر مدة عامين على هذه الجبهة، تمكنّت قوات صنعاء من اسقاطها عسكرياً الأسبوع الفائت، وباتت قوات التحالف تعمل على إعادة تشكيل وحداتها العسكرية، بغية استعادة ما خسرته ميدانياً طيلة الفترة الماضية.
مصادر قبلية يمنية أكدّت ان نائب الرئيس المنتهية ولايته "هادي"، محسن الأحمر، قد غادر مأرب بعد زيارة لم تدم يومين، بعد إصابة مدير مكتبه عبد الله العرار، رغم انه لم يكن يشارك في أي معارك حتى في صنعاء عام 2014، وقد كان من اللافت تغيبه -أي الأحمر- عن حضور مراسم تشييع أبرز أجنحته عبد الله الحاضري الذي قتل في ظروف غامضة، حيث تم تشييعه اليوم.
وتابعت المصادر ان هناك معلومات متضاربة حول مصير وزير الدفاع محمد علي مقدشي، في ظل تركيز هجمات الجيش واللجان على كبار قادة قوات التحالف من الميليشيات والمرتزقة.
ما يحدث على هذه الجبهة هو تغيير في قواعد اللعبة، فما بعد مأرب ليس كما قبلها، وواشنطن التي كانت تعمل دائماً على توظيف الميدان بالدبلوماسية، تدرك ان خسارة مأرب يعني خسارة كبيرة في الجغرافيا اليمنية، وأنها خسرت ورقةً مهمة على طاولة المفاوضات القادمة، إضافة لخسارتها المورد النفطي المهم الذي كان يساهم في استمرار العدوان، وبهذا ستصبح فاتورة تغيير المعادلات باهظة الثمن على الخزانة السعودية، التي لطالما دفعت من حق الشعب السعودي بنفطه وموارده، فاتورة حساباتها الخاطئة.
على بُعد أسابيع أو ربما أيام، سيكون تحرير مأرب بات أمراً محتوماً، فكيف ستنقذ الرياض نفسها، بعدما تخلّت عنها واشنطن بتصديق مشروع قانون الحد من بيع الأسلحة لها؟
الكاتب: غرفة التحرير