قارب الاعلام العبري بين العملية النوعية التي نفذها الشهيد أمير الصيداوي في القدس المحتلة فجر يوم 14 / 8/ 2022 بعملية أسماها الاحتلال "زقاق الموت" ونفذتها مجموعة من سرايا القدس في الخليل في الضفة الغربية عام 2002. أظهرت هذه العملية التي استغرقت أشهر في التخطيط والتدريب نقلة في العقلية العسكرية للمقاومة اذ أنها نفّذت بتكتيك جديد كشف عن فقدان سيطرة ضباط جيش الاحتلال في الميدان وخلالها تمكن المجاهدون من قتل 13 جندياً بينهم قائد قوات الخليل.
تعود جهود التخطيط للأسير نور جابر وشاركه أيضاً الشهيد القائد المهندس محمد سدر الذي كان له دور كبير في اختيار منفذي العملية. وقد قال الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة عن العملية انه "لم يكن السلاح فقط يعمل في تلك الليلة، إنها عبقرية الذين خططوا...وروحية الرجال الذين قاتلوا في الميدان". فيما صرّح وزير حرب الاحتلال آنذاك شاؤول موفاز عقبها "لابد من القبض على محمد سدر أو قتله...هناك ثأر شخصي بيني وبينه".
فما هي سيرة الشهيد القائد محمد سدر
ولد الشهيد سدر، بتاريخ 14/1/1978 في حارة الأكراد القريبة من الحرم الإبراهيمي بمحافظة الخليل. تخصص عام 1997 بجامعة "البوليتكنك" في الهندسة الميكانيكية، وخلال هذه الفترة التحق بـ "الجماعة الإسلامية" الجناح الطلابي لحركة الجهاد الإسلامي. وتولى مسؤوليّة اللجنة الاجتماعية في الجامعة ما سمح له بناء علاقات جيدة مع العديد من الشباب. كذلك تولى مسؤولية اللجنة المالية فيها وعمل على توفير المال وجمع التبرعات.
لم يقتصر عمل الشهيد سدر داخل حرم الجامعة بل امتد ليشمل المشاركة في فعاليات وطنية من مظاهرات ومواجهات وإضرابات متنوعة ضد سياسات وممارسات الاحتلال، وعمل على استقطاب زملائه نحو فكر المقاومة وحثّهم على المشاركة في الفعاليات ودفع بهم نحو تنفيذ العديد من العمليات العسكرية.
في السنة الخامسة من دراسته ونتيجة نشاطاته أصبح مطارداً من قبل قوات الاحتلال. وتعرّض لمحاولة اغتيال في 10/12/2001، عندما هاجمت صواريخ الأباتشي الإسرائيلية السيارة التي كان يستقلّها بالقرب من "مربع سبته" في الجزء الغربي من مدينة الخليل، وقد استطاع الهروب من السيارة فيما أصيب بجروح وشظايا في وجهه وساقه وكفيه وعنقه.
استمر الاحتلال بمحاولة اغتياله وقد لجأ الى عملاء يراقبونه 24 ساعة ومنهم من حاول إطلاق النار على الشهيد بمسدس كاتم للصوت، بالإضافة الى ذلك حاولت طائرات الاحتلال اغتياله في منطقة الحرس شمال مدينة الخليل.
تعرض الشهيد سدر للاعتقال لمدة سبعة شهور في سجون الاحتلال كما اعتقلته أجهزة السلطة الفلسطينية لمدة شهرين بسبب فكره الجهادي المقاوم. واتخذ من السجون مركزاً لبناء الذات وللتخطيط للعمل العسكري بعد الخروج، فاتفق مع رفيقه محمد أبو طبيخ على تجميع ما يحصلون عليه من مستحقات مالية كأسرى من أجل شراء السلاح بعد تحرّرهم.
تشكيل الخلايا العسكرية في الضفة
بعد تحرّره عام 2000 اشترى الشهيد سدر قطعة سلاحٍ من ماله الخاص، وتم تكليفه - بشكلٍ سريّ- بتشكيل خلية عسكرية لسرايا القدس، بالتزامن مع تكليفه المسؤولية الميدانية لحركة الجهاد الإسلامي في مدينة الخليل. وعمل القائد على استغل استقطاب العديد من أبناء وأنصار الحركة الى صفوف سرايا القدس، وتميّز برؤية تهدف الى تجنيد أكبر عدد ممكن من الشباب وتدريبهم ونقل الخبرات العسكرية إليهم للحفاظ على استمرارية الفعل العسكري في الضفة.
حمّل الاحتلال القائد سدر مسؤول تخطيط وتنفيذ العديد من العمليات الى جانب "زقاق الموت"، ومنها عملية مستوطنة "عتنائيل" التي قتل فيها 4 إسرائيليين وأصيب فيها 7 آخرين. وعملية "خارصينا" التي قتل فيها ثلاثة اسرائيليين، وعملية ""التلة الفرنسية" التي قتل فيها اسرائيليين وأصيب أكثر من خمسين وكان منفذها الشهيد حاتم الشويكي من الخليل.
الشهادة
في 14/8/2003 حاصرت قوات الاحتلال منطقة "واد الشعابة" غرب مدينة الخليل التي كان يتواجد فيها القائد سدر الذي رفض تسليم نفسه واشتبك معهم. اضطر الاحتلال الى إرسال كلب أثر ولكن القائد أطلق عليه النار، فلجأ الاحتلال الى قصف المكان بصواريخ. وبعد اشتباكات دامت حوالي الـ 10 ساعات استشهد القائد سدر. واعتقل الاحتلال جثمانه الى أن سلّمه بعد 9 أعوام وتحديداً في 31 -5-2012.
وفي بيان نعياها للشهيد أعلنت سرايا القدس أنها "أصدرت تعليماتها لمجاهديها بالرد على هذه الجريمة النكراء بما يتناسب وحجمها، وفي أي مكان تصل إليه سواعد المجاهدين وأجساد الاستشهاديين الأبطال".
الكاتب: غرفة التحرير