خاضت حركة الجهاد الإسلامي معركتين في قطاع غزّة، ردت خلالهما على اغتيال كيان الاحتلال لمجموعة من قادة مجلسها العسكري (في آب / أغسطس 2022 – معركة وحدة الساحات، وفي أيار / مايو 2023 – معركة ثأر الاحرار). ومنذ أكثر من سنتين، تتصدّر الكتائب التابعة للجناح العسكري لهذه الحركة أعمال المقاومة في مناطق الضفة الغربية، الى أن خاضت كتيبتها في جنين أيامًا قتالية (معركة "بأس الاحرار" في حزيران / يونيو 2023، ومعركة "بأس جنين" في تموز / يوليو 2023)، تصدّت خلالها لمحاولة الاحتلال استهداف حالة المقاومة واستهداف مقاتليها، مظهرة تطورات استراتيجية، تشير الى بداية انقلاب ميزان القوّة في الضفة. في هذا الإطار، شرح الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة، المشهد في الضفة الغربية، وما وصلت اليه المقاومة رغم تعقيدات الساحة، متطرقًا الى مفهوم وحدة الساحات، وكيف تتجسّد ليس فقط على المستوى الفلسطيني إنما في المنطقة أيضًا.
الضفة: وحدة الميدان وتعكس إرادة الشعب الفلسطيني
"كانت رسائل الاحتلال من العدوان على الضفة وجنين واضحة: إمّا أن تخضعوا أو الصدام، والشعب الفلسطيني لم يقبل الخضوع، ولم يقبل التهديد، رغم الشهداء وتضحيات ذويهم"، وأوضح النخالة أن ذلك ينطلق من أن الشعب أصبح لديه " قناعة أن لا جدوى من المفاوضات، وهذا تجاوزناه، بل حتى التنسيق الأمني، أن يكون هناك جهة فلسطينية تقبل بالاحتلال ومتواجدة تحت الاحتلال بإدعاء أن هناك مشروعًا وطنيًا، هذه مسألة انتهت، واتفاق أوسلو انتهى وأصبح خلفنا. الشعب الفلسطيني بات متمرسًا بالنضال ومتمرسًا بالسياسة، لم تعد تمر عليه البروبغندا".
وأكّد على أنّ "هذا المشهد يعكس إرادة وقوة لدى الشعب الفلسطيني ولدى المقاتلين بشكل عام وعلى وجه الخصوص مقاتلي حركة الجهاد الإسلامي. هذه القوة برزت في تصدي المقاومين في مخيم جنين مع إعطاب آليات الاحتلال". كما "عزّز روح المقاومة في الضفة الغربية" رغم أنها تشهد منذ فترة طويلة فيها حالات مقاومة عمليات فردية وأجواء المقاومة، وظهور الكتائب، فكان "ما جرى في جنين معركة فخر للشعب الفلسطيني".
شدّد النخالة على الوحدة البارزة في الضفة الغربية، اذ يقاتل الجميع من كلّ الفصائل كتفًا الى كتف، واصفًا أنّ ما يوجد في مناطق الضفة هو " عمل مشترك، وحدة ميدان أكثر تطورًا من مشهد الغرفة المشتركة في غزّة نحن نتقاسم السلاح، ونتقاسم الطعام، وهذا أفضل مشهد يمكن أن نصل اليه فلسطينيًا في المقاومة. وأضاف "وحدة الميدان تتجاوز الخلافات السياسية وتفرض على صانع القرار السياسي الفلسطيني هذا المشهد الوحدوي ليكون نموذجًا في الوحدة".
قطع الطريق على الاقتتال الداخلي.. الجهاد الإسلامي منفتحة على الجميع
الوحدة وتصويب البندقية فقط ضد الاحتلال، ليست فقط على مستوى تجاوز الخلافات الفصائلية إنما أيضًا عدم افساح المجال للصدام مع السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية بما يخدم الاحتلال، فـ "التوترات بين المقاومين والأجهزة الأمنية الفلسطينية لا يمكن أن تدفع نحو اقتال داخلي، لأن ليس لدينا برنامج صدام، فمشروعنا مقاومة الاحتلال، لكننا لا نعرف بماذا تفكر السلطة الفلسطينية".
ومن باب ضرورة الفصل بين السلطة وممارساتها وبين حركة فتح دعمًا لوحدة الصف الفلسطيني، قال النخالة: "نحن نعمل في الضفة الغربية مع شباب حركة فتح ومنفتحين على فتح بدون حدود وعلى كتائب شهداء الأقصى. ما يوجد على الأرض هي حالة مقاومة تشمل كل الفصائل".
دور حزب الله مع المقاومة الفلسطينية يجسّد وحدة الساحات
لفت النخالة الى أنه "عندما طرحنا وحدة الساحات، كان الهدف الأساسي منها وحدة الساحة الفلسطينية"، لكن أيضًأ "وحدة الموقف المحيط"، وتلك كانت رسالة المهرجانات الخمس التي أقامتها الحركة بالتزامن في غزّة، وجنين، ولبنان، وسوريا، واليمن، وذلك بعد معركة "وحدة الساحات".
وتابع "الجميع يعمل على أن تكون المقاومة الفلسطينية، مع المقاومة اللبنانية، مع كل المقاومات في المنطقة متعاونة، ونحن نسير على هذه الخطوات، وهناك محور يملك الفكرة وهناك تعاون مع كافة القوى، وخصوصًا مع حزب الله، اذ إنّ التعاون كبير معه وليس جديدًا".
واستعرض النخالة دور حزب الله بما يجسّد وحدة الساحات نظريًا وعمليًا، إذ الحزب " في أكثر من معركة كان جزءًا منها حتى ولو بشكل فني أو تقني أو معلوماتي... وهو يقدم ما يستطيع من خبرات ورؤى وغيرها...هو أصبح جزءًا من مشهد المقاومة الفلسطينية بطموحاتها بتحرير الأرض المحتلة". بالإضافة الى "استعداد حزب الله الكبير لأن يقف مع فلسطين والجهاد في فلسطين، ولو كان هناك تطورات هائلة في المشهد الفلسطيني فإنّ حزب الله لن يكون بعيدًا عن المعركة".
وأشار النخالة الى أنه "في جنين، لو حدث أكثر مما جرى، غزّة كانت لتكون في هذه المعركة، وكان هناك استعدادات من حماس، واستعدادات جدية في الخارج، ولاحظت ذلك من خلال خطاب السيد حسن نصر الله، عندما أشار لإمكانية تدخّل لبنان، هذه خطوة مهمّة لتجسيد وحدة الساحات".
ولفت النخالة الى أنّ "المراقب لحزب الله يجد أنه يكون فلسطينيًا أكثر من الفلسطينيين، أذ إنّ بعضهم ذهب الى توقيع سلام مع الاحتلال"، فيما أنّ مشروع حزب الله يضع في قلبه تحرير القدس والأرض الفلسطينية. وبالتالي لن يقتصر الأمر على دعم حزب الله ومساندته للفصائل الفلسطينية بل أيضًا "في أي معركة قادمة الفلسطيني لن يكون بعيدًا عن خط القتال ضد إسرائيل بجانب حزب الله، لان الحرب هي على فكرة المقاومة"، حسب ما أكّد النخالة.
المقابلة الكاملة لقناة "الغد" مع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة
الكاتب: غرفة التحرير