التقى منذ أيام، كلاً من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في مدينة سوتشي الروسية، بعد أسابيع من اجتماعهما خلال فعاليات قمة طهران، لبحث آخر المستجدات في سوريا وأوكرانيا، والتطورات الأخيرة التي شهدها إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه بين أذربيجان (حليفة تركيا) وأرمينيا، والتي ترعى روسيا اتفاق وقف إطلاق النار ما بينهما.
وقد سادت الأجواء الإيجابية هذه القمة وما بعدها، وهو ما عكسته الصور واللقطات التي جمعت الرئيسين، بالإضافة الى عدم إطلاق تصريحات متشنّجة أو نارية. وكان لافتاً اعلان الكرملين أنّ الرئيسين بعد تطرقهما للوضع في سوريا، قد أكّدا على دعمهما لوحدة أراضيها.
في حين زعمت وسائل إعلام تركية عديدة، أنّ الرئيسين السوري والتركي قد يجريان اتصالاً قريبا، باقتراح من الرئيس الروسي، من أجل حلّ مشكلة المجموعات الإرهابية هناك، في تطوّر على صعيد العلاقة ما بين الدولتين بعد قطيعة بينهما تخطت الـ 10 سنوات. إلا أن العديد من المصادر الإعلامية، نفت حصول أي تطرق لهذا الموضوع، وزاد في الأمر غموضاً، تصريح المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الذي قال بأن الإجابة بخصوص هذه المزاعم، لا يمكن لموسكو إعطاء تعليق عليها، طالباً من الصحفيين التوجه بهذا السؤال الى الجانب السوري أو التركي.
وهنا يجب الإشارة، إلى هناك تواصل فعلي وجاري، بين أجهزة الاستخبارات السورية والتركية، بشأن مكافحة الإرهاب. وقد سبق أن التقى رئيس مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك في هذا الإطار، برئيس جهاز الاستخبارات التركية "حاقان فيدان"، خلال العام 2020.
أهداف أردوغان
يرى العديد من المتابعين للزيارة، وما تخلله من اتفاقات ثنائية وأجواء إيجابية، أن سلسلة من المكاسب الدبلوماسية، التي توجت باتفاق استئناف صادرات الحبوب الأوكرانية، ستوفر بعض الراحة للرئيس أردوغان، من الأزمة الاقتصادية في بلاده (وصول التضخم الى أعلى مستوى بحوالي 79 % وتدني قيمة الليرة التركية). كما ستقدم له مخططاً لاستراتيجية حملته الانتخابية المقبلة، والتي تعدّ من أكبر التحديات الداخلية له، طوال فترة حكمه التي استمرت 20 عاماً تقريباً، من خلال الترويج للمكاسب الدبلوماسية التي استطاع تحقيقها في الآونة الأخيرة.
وهذا ما عبّر عنه أردوغان بوضوح، بعد يوم من قمة سوتشي الروسية، حينما قال أمام حشد من آلاف الأشخاص شمال غرب تركيا، بأن بلاده تمر بأقوى فترة لها سياسيا وعسكريا ودبلوماسيا. مضيفاً بأن ثمار السياسات الاقتصادية لحكومته، ستصبح أكثر وضوحًا في الربع الأول من العام 2023.
وفي هذا الشق تحديداً، يهاجمه خصومه ومعارضوه الداخليين، بحيث يلقون باللوم على سياساته الاقتصادية غير التقليدية، بما في ذلك سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة على الرغم من ارتفاع التضخم، وإقالة ثلاثة محافظين للبنوك المركزية منذ العام 2019، مما ترك البلاد تعاني من عجز كبير على الحساب الجاري، وتعتمد على التمويل الخارجي لدعم الاقتصاد.
أما مناصروه، فيعمدون الإشارة الى إنجازاته الدولية والخارجية، لتأكيد جدارته وحده فرئاسة البلاد من جديد، مبينين بأنه لا توجد شخصية دولية أخرى لديها نفس المستوى من الاتصال مع كبار اللاعبين العالميين، وبأنه لا يوجد زعيم في تركيا يمكن أن يحل محله!!
الكاتب: علي نور الدين