"أنا لا أملك شيئاً... إلا منزلاً مدمراً على أرض لا تساوي إلا عشرين متراً". يأتي هذا الحديث على لسان الرئيس المشير مهدي المشاط بعد أكثر من 7 سنوات على انخراطه بالعمل السياسي إلى جانب حركة أنصار الله أولاً، ومشاركته في المفاوضات في 22 أيلول/ سبتمبر 2014. ثم تسميته رئيساً للمجلس السياسي الأعلى في 23 نيسان/ ابريل عام 2018.
قديماً، لُقّب الرئيس الأسبق للأرغواي، خوزيه موخيكا، بـ "أفقر رئيس في العالم"، بعد إصراره على متابعة أعماله الرئاسية من مزرعته بطريقها غير المعبّد وسيارته الصغيرة من نوع "فولكس فاجن". وهو رجل استثنائي حقاً. إلا ان السيارة التي كانت تشكّل "رفاهية" لموخيكا، والتي تلقّى عرضاً ببيعها لقاء مليون دولار، ليست موجودة أمام منزل الرئيس المشاط المستأجر والذي يُطالب بتسليمه كأي مواطن يمني آخر. وفي معرض حديثه عن ضرورة تقديم إقرار بالذمة المالية، خلال الجلسة الأخيرة لمجلس النواب، يكمل المشاط قوله "إنني متأسف أنني شخصياً لم أقدمها لحد الآن، لكن لماذا؟ لأنني لا أملك شيئاً". واستدرك "أنا كنت في خطاب مع الاخوة في الأجهزة الرقابية، قلت لهم بأني لا أملك إلا منزلاً مدمراً على أرض لا تساوي إلا عشرين متراً، لم يتغير شيء من ذلك اليوم لحد الآن. فقط نسيت واحدة وهي السيارة، كان لدي سيارة واحدة احتاجَ إليها الشهيد الصماد. وفي أيامه الأخيرة، قال لي بأنه يريدها في عمل ولا يملك سيارة فاعطني إياها وسأشتري لك سيارة بدلها، لاحقاً أعطيته إياها وراح شهيداً بعد شهر.. هذه السيارة الوحيدة التي أمتلكها، البقية لا يوجد لدي شيء". مضيفاً: نحن لا نزال يا إخوتي، لأهلنا نقتني البيوت كما أصغر مواطن، أنا أقتني لأسرتي بيتاً وأتعرض للإشكالات التي يتعرض لها أي مقتنٍ، أحياناً يأتون يطالبوننا بخروج هذه الأسرة".
هذه المقارنة والتي قد تحكمها مراعاة في اختلاف الظروف والحيثيات، تصبح مشروعة مع شخصيات يمنية استغلوا صلاحياتهم الرئاسية وعملوا على نهب مقدرات الشعب اليمني بشكل ممنهج. حيث قُدرت ثروة الرئيس الراحل علي عبد الله صالح بما يتراوح بين 32 مليار دولار و60 مليار دولار. بينما وصلت ثروة الرئيس المنتهية ولايته عبد ربه منصور هادي إلى أكثر من 31 مليار ريال يمني، و636 مليون ريال سعودي. حسب ما كشفت وثيقة صادرة عن المحكمة الجزائية لدى حكومة صنعاء تخاطب فيها مدير بنك التضامن الإسلامي وتحمل توقيع القاضي عبدالله زهرة، في 27 حزيران/ يونيو عام 2021.
العمل على بناء الدولة
وفي الوقت الذي تتخبط فيه حكومة التحالف التي يترأسها معين عبد الملك، تسعى حكومة "الإنقاذ الوطني" في صنعاء إلى تقديم نموذج مثير للاهتمام. ويلخص هذا الهدف ما قاله رئيس مجلس النواب يحيى الراعي، لضرورة "تطوير النظم واللوائح والقوانين التي تساعد في خوض معركة البناء والتطوير بشكل قانوني يساعد على اثبات ان المجموعة المتهمة بأنها انقلابية هي المجموعة التي ترتبط ارتباطاً مباشراً مع الواقع ومع الشعب لذلك هي تقترب من حل قضاياهم وفقاً لأسس قانونية ودستورية وشرعية".
فيما أكد الرئيس المشاط -وهو من أبناء منطقة مران في محافظة صعدة- على بدء مرحلة "تدشين مسار إصلاح وتطوير القوانين بما يحقق نقلة شاملة في الأداء والمسارات الكفيلة بإحداث تغير نوعي". بغية تأسيس بناء الدولة اليمنية الحديثة. مشدداً على ضرورة الأداء الصحيح والعمل الجاد للمجلس بما يضمن حسن الأداء، إضافة للجودة المرجوة من السلطة التنفيذية.
ورأى الرئيس المشاط، الذي ينعته معارضوه بأنه ينتمي لـ "تيار الصقور" في الحركة، وذلك نظراً لجرأته وانحيازه لمشروع بناء "دولة للشعب وليس للمسؤولين"، وبعيدة عن الوصاية، ضرورة "الانتقال من مرحلة التنظير إلى مرحلة العمل عبر تطبيق مخرجات الاجتماع والتحديث المستمر... والبناء البناء المؤسسي والإصلاح والإقرار بالذمة المالية".
وقد كان من اللافت أيضاً، تشديد الرئيس المشاط على "فتح الباب أمام كل أبناء الشعب للتقدم بالأفكار والرؤى لبناء الدولة".
الكاتب: مريم السبلاني