تستمر التظاهرات في مختلف المحافظات الجنوبية احتجاجاً على الظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية التي تتدحرج إلى الأسوأ يوماً بعد يوم نتيجة السياسات التي تنتهجها الحكومة المدعومة سعودياً والتي بترأسها معين عبد الملك، إضافة للاخفاقات المتتالية لما يسمى مجلس القيادة الرئاسي الذي شكلته الرياض دون اعتبار لأي إرادة وطنية يمنية.
موقع "ميدل إيست آي" أشار في تقرير له حول إخفاق مجلس القيادة الرئاسي في تحقيق نجاحات ملموسة إلى ارتفاع وتيرة الغضب والإحباط في جنوب اليمن في الأيام الأخيرة، بعد أن فشلت القيادة الجديدة في البلاد في حل المشكلات الاقتصادية الواسعة النطاق، لا سيما مشكلة ارتفاع أسعار الوقود ومشكلة انخفاض قيمة العملة.
مسرحية سياسية
يضيف التقرير أنه قد "خرج محتجُّون غاضبون يوم الجمعة إلى شوارع مديرية الشحر التي تقع في محافظة حضرموت ليعربوا عن إحباطهم إزاء استمرار تدهور الخدمات العامة.
وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي، قال ياسين محمد الذي يبلغ من العمر 34 عامًا ويعيش في مديرية الشحر: "توقَّعت، كغيري من سكان المديرية، أن تتمكَّن قيادتنا الجديدة من حل عِدَّة قضايا، بما في ذلك نقص الكهرباء والارتفاع الحاد في الأسعار وانخفاض قيمة العملة... ينبغي أن تكون الثلاثة أشهر وقتًا كافيًا حتى تتمكَّن القيادة من حل هذه المشكلات".
يشتد غضب اليمنيون بسبب انقطاع التيار الكهربائي، لا سيما في المناطق الساحلية، في ظل ارتفاع درجة الحرارة خلال فصل الصيف. وأوضح محمد أنه شارك في الاحتجاجات التي اندلعت يوم الجمعة بسبب شعوره بالاستياء من خدمة الكهرباء في منطقته. وأضاف: "ما حدث في أبريل عبارة عن مسرحية سياسية لم نستفد منها (نحن المدنيون)، ذلك أن أداء القيادة الجديدة يثير الإحباط، ولا يختلف أداؤها عن أداء القيادات السابقة".
استجداء الوقت
شهدت عدن، مقر الحكومة المؤقتة، تنظيم احتجاجات غاضبة يومي 20 و21 يونيو (حزيران). وصدم ارتفاع أسعار الوقود اليمنيين وأثار غضبهم، ما دفعهم إلى النزول للشوارع، وإغلاق الطرق، وإشعال النار في إطارات السيارات، في أول تعبير عن استنكار شعبي ضد القيادة اليمنية الجديدة المدعومَة من السعودية والإمارات. وأمام غضب مواطني جنوب البلاد ونفاد الصبر، طلبت القيادة الجديدة من المواطنين أن ينظروا وقتًا أطول حتى يشهدوا إصلاحات ملموسة.
وكتب رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، في تغريدة أنه تابع الاحتجاجات التي اندلعت في مدينة عَدَن وأدرك شعور اليمنيون بالإحباط، مؤكدًا أنه لديه مطلب واحد. وقال العليمي: "كل ما أطلبه منكم هو منحنا المزيد من الوقت لمعالجة المشكلة وتجاوز هذه الأزمات المركبة، وسيلزم المجلس الحكومة القيام بواجباتها بطريقة مختلفة عن ما كان في السابق".
بحسب الأمم المتحدة، يحتاج نحو 80% من سكان اليمن البالغ عددهم زهاء 30 مليون نسمة إلى نوع من أنواع المساعدات الإنسانية من أجل البقاء على قيد الحياة.
ويرى الباحث والكاتب السياسي اليمني عادل دشيلة أن التأخير في تقديم الدعم السعودي الإماراتي الذي يبلغ 3 مليارات دولار لليمن وضع القيادة الجديدة في موقف صعب. وقال دشيلة في تصريح للموقع "لا يمكن أن ينجح مجلس القيادة الرئاسي من دون دعم التحالف العربي بقيادة السعودية. وإذا لم يستطع المجلس معالجة القضايا المتعلقة بالخدمات، فكيف يمكنه مواجهة الحوثيين في المجال السياسي أو العسكري؟ فالتحالف جزء من الحرب ويتحمل المسؤولية القانونية عما يحدث في اليمن". مضيفاً " الوضع في اليمن سيزداد تدهورًا إذا لم يتخذ مجلس القيادة الرئاسي والتحالف العربي إجراءات كافية لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للمواطنين".
لماذا يتلاشى التفاؤل؟
ويبرز التقرير ما قاله أمجد سالم، الذي يبلغ من العمر 29 عامًا ويقيم في مدينة خور مكسَر بمحافظة عَدَن إذ أشار إلى أن الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت في عَدَن لن تكون الأخيرة إذا فشلت القيادة الجديدة في إجراء إصلاحات حقيقية...الريال اليمني ينهار مرةً أخرى، فضلًا عن ارتفاع أسعار السلع والوقود، وهذا دليل واضح على مدى عدم فاعلية هذه القيادة الجديدة، وسنخرج إلى الشارع مرةً أخرى إذا استمرت هذه المعاناة".
وتعرَّض اليمنيون لضربة موجعة يوم الأحد عندما أعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة تخفيض الحصص الغذائية في اليمن بسبب نقص التمويل. ويُعد انخفاض المعونة الغذائية وعدم كفاءة السلطات المحلية مؤشرًا على مزيد من البؤس الإنساني.
واختتم مراسل «ميدل إيست آي» تقريره بالقول: أعرب سالم عن تفاؤله في البداية إزاء تشكيل مجلس القيادة الرئاسي ووعود تقديم دعم مالي في أبريل، ولكنَّه يعترف الآن بتلاشي تفاؤله. وقال سالم: "لا أستطيع أن أذكر أي تطوُّر في أي قطاع عام هنا (في عدن). الاختلاف الوحيد هو وقف الصراع الداخلي بين المقاتلين الانفصاليين والقوات الحكومية، غير أن هذا الإنجاز الصغير لا يكفي لمعالجة مشكلاتنا".
المصدر: ميدل إيست آي