بعد جريمة الاغتيال التي استهدفت العقيد في حرس الثورة، حسن صياد خدائي، أبلغ كيان الاحتلال 100 إسرائيلي في تركيا بإمكانية استهدافهم من إيران وطلب منهم العودة إلى إسرائيل، حسب ما نقلت القناة 12 الإسرائيلية. في حين اعتبرت صحيفة هآرتس العبرية ان إسرائيل تريد "أن نتعود على التعايش مع الخوف، ونذهب معه إلى إسطنبول وإلى سيناء"، معتبرة انه "من المرجح أن يكون في إسطنبول هدوء أكثر مما هو في تل أبيب، في تشرين الأول".
النص المترجم:
في الوقت الذي تكتب فيه هذه الكلمات، ما زلنا قبل العملية الفظيعة في إسطنبول، العملية التي حذرونا منها. قبلها أو بعدها، هذا لا يهم، المهم ستكون هنالك عملية، إن لم يكن الآن ففي الأسبوع القادم، وإن لم تكن في إسطنبول ففي سيناء.
لا يجب أن تكون جنرالاً كبيراً لتعرف هل ستكون هنالك عملية؛ لأن هذا بذنبنا: بسبب انعدام الانضباط، وعدم الامتثال للتعليمات وتجاهل التحذيرات. وإن لم تحدث فذلك بسببهم. بسبب أننا صدقناهم، وانغلقنا داخل الغرف، ونظفنا الملاجئ وشربنا المياه، ولففنا أنفسنا بالنايلون بالضبط مثلما أرادوا.
يهتمون دائماً بتذكيرنا بأننا في خطر مستمر، وأن القنبلة الإيرانية قريبة جداً، وأن "حزب الله" في الطريق، وحماس تستعد، وكورونا، وموجة الحر الشديد، وموجة ارتفاع الأسعار… باختصار، لن يكون هدوء هنا. الهدوء يحولنا إلى أناس راضين عن أنفسهم، والدولة تريدنا مذعورين، والأهم، ألا نطرح أسئلة. ولا نسأل، بالعكس ننفعل. لأننا لا نعرف شيئاً، وهم يعرفون كل شيء، نحن في ظلام تام وهم تحت ضوء كبير. رأينا "فوضى" وتأثرنا، رأينا طهران وكنا سعداء، رأينا شاشاتهم الصغيرة والخضراء، حيث لا زاوية إلا وتصل إليها يدهم الطويلة، ما الأمر، ألم يستمع إليهم؟ لقد استمع لهم ولكن ثمة شخص عنيد يزعجهم، هذا هو من يسأل بهدوء كيف حدث هذا مع رأس كبير كهذا وقدرة مؤثرة جداً، كيف وصل بنا الأمر ونحن في نزهة في تركيا (في تركيا وليس في تشرنوبل) صرنا نحتاج إلى خوذة ودرع واقية؟ هم يهزون أكتافهم ويقولون إن أمر المتنزهين ليس من شأنهم، حيث إنهم أناس محترفون، وإنهم فقط يقتلون ويحذرون، أما حساب المهندسين الإيرانيين الثلاثة أو العشرة إسرائيليين، فسيقوم به "واضعو السياسات" وليس هم.
هم في غضون ذلك وحتى العملية الفظيعة القادمة، يبدون كأغنام خانعة، ينتظرون التقاعد بصبر وإجراء مقابلة في برنامج "عوفدا"، هناك سيشرحون كم عارضوا وكم احتجوا، وكم فهموا أننا وبسبب غباء "واضعي السياسات" وصلنا إلى الوضع الذي نقتل فيه أحداً منهم "في عملية وقائية" ضرورية، وهم يقتلون منا أحداً ما "كانتقام" حتمي، وحينئذٍ نشعر بالإهانة من "ضعف الردع" ونقتل أحداً ما لتعزيز الردع، ونتلقى انتقاماً رداً على ذلك.
كل الحكومات تعرف أن إخافتنا أسهل من هزيمتهم. من الأسهل أن نلقي عليهم بالمسؤولية عن حياتنا. فهم مسؤولون عنها تماماً. لقد خدمنا في الجيش، وأنهينا الخدمة الاحتياطية، ولم نعد جنوداً. لا نريد توجيهاً للنزهة، لماذا وصلنا أصلاً إلى توجيه كهذا؟ لسنا في سويسرا، صحيح. ولكن ماذا فعلنا من أجل أن نكون سويسرا؟ مسؤولية الدولة لا تنتهي عندما يرفرف، متشنجاً محتضراً، مخرب أو مهندس، على الأرض. ثمة تداعيات للتصفية، علينا وأيضاً على اليهود في العالم الذين نتباهى بتمثيلهم. لسنا بحاجة إلى مرافقة أمنية بعد كل عملية تصفية. نحن لا نتسلق على قمة إفرست حفاة، ولا نهرب الحشيش في حقيبتنا، لسنا بحاجة إلى مساعدة، ولا للمخاطرة، وهو الأهم.
نحن دولة في خطر. هاتوا لي دولة أخرى يتعرض اليهود فيها إلى خطر كهذا. دولة في وضع طوارئ دائم ليست بدولة طبيعية. التخويف هو الذي يجعلها غير طبيعية. الدولة تريد أن تقنع بأننا ما زلنا بلداً صغيراً محاطاً بالأعداء وليس سوى النيران القوية ستنجينا من أيديهم. هي تريد أن نتعود على التعايش مع الخوف، ونذهب معه إلى إسطنبول وإلى سيناء، وألا تفوتنا أي نشرة أخبار في التلفزيون.
لأن الحكومة تخوفنا عبر التلفزيون؛ مراسلوها فعالون ومطيعون، هم ليسوا صحافيين، بل متحدثون باسمها. يقولون لهم خوفوا، فيخوفوا. يجرون مقابلات مع إسرائيليين في إسطنبول وكأن هؤلاء كائنات فضائية، ولهذا هنالك مكان للقلق… تلك التي تطلب بطأطأة الرأس المشهورة وبالحواجب المنكمشة وبصوت جدي: ابقوا معنا، هذا جدير بكم! فوراً بعد الإعلانات سنحضر المزيد من "الإشارات المقلقة" وأيضاً "تحذيرات شديدة".
ستكون هنالك تحذيرات شديدة. الجولة الانتخابية الخامسة خلال سنتين ونصف إشارة مقلقة وتحذير شديد معاً. يحظر القول "جمهورية فايمار" بصوت عال، وبالتأكيد تحظر المقارنة، ما سيأتي بعدها هو أمر مخيف ومقلق وخطير في الوقت نفسه، من المرجح أن يكون في إسطنبول هدوء أكثر مما هو في تل أبيب، في تشرين الأول.
المصدر: هآرتس
الكاتب: يوسي كلاين