خلال مغادرته إلى ولاية ديلاوير، أشار الرئيس الأميركي جو بايدن انه ليس "ذاهباً للاجتماع بمحمد بن سلمان بل سأذهب لحضور اجتماع دولي وهو سيكون جزءاً منه مثلما هناك أناس يمثلون جزءاً من المناقشات اليوم". ولدى سؤاله عن الطريقة التي سيتعامل بها مع قضية خاشقجي قال: "مثلما كنت أتعامل".
هذه الزيارة غير الودية التي "يضطر" بايدن لإجرائها، لإتمام "صفقة" زيادة انتاج النفط السعودي على أبواب انتخابات الكونغرس النصفية، والتي ينظر إليها ولي العهد السعودي بدوره على أنها "انتصار" سيعمل على استغلاله وتوظيفه على اعتباره الملك القادم، قد لا تنتهي كما يريد كلا الطرفين. فبايدن يواجه انتقادات جمة حتى من الحزب الديموقراطي نفسه لقبوله بإجراء الزيارة وبن سلمان قد لا يحظى بلقاء ثنائي استثنائي يأخذ من بعده صورة المصافحة الحارة لتشغيل ماكنته الإعلامية الدعائية لأشهر.
ووسط الآراء المتضاربة حول الأجواء وعما قد ينتج عن هذه الزيارة، يقول أحد كبار المتبرعين للحزب الديموقراطي، -الملياردير الأميركي الإسرائيلي- حاييم سبان، بعد لقاء جمعه مع بايدن قبل أسبوع، وأثناء مقابلة صحفية مع صحيفة معاريف العبرية يقول للصحفي بن كسبيت "اسمع، بايدن ليس إمعة، بل ثعلب. هم يريدون منه شرعية، وهو يريد زيادة إنتاج النفط. لا شك عندي أنه سيلتقي بن سلمان. ما ينبغي الانتباه له هو إذا ما نشرت صورة للرجلين معاً بلا أناس آخرين. إذا حصل هذا، ستعلم أن الأزمة من خلفهما. نجح بايدن في هذه الأثناء، في زيادة إنتاج النفط السعودي، ولم يدفع لقاء ذلك شيئاً بعد. وسيحاول الآن تحقيق نتائج في مجالنا. حان الوقت لتسريع التطبيع".
ويتابع سبان، الذي التقى بايدن قبيل زيارته إلى إسرائيل، في بيته في لوس أنجلوس، عشية خروجه إلى الشرق الأوسط "وصل إليّ الرئيس في 06:30 مساء. دخلنا المكتب وجلسنا 45 دقيقة. طلب من مساعده الشخصي ستيف ريتشتي، أن يبقينا وحدنا". وهو اللقاء الذي جاء بمناسبة "تجنيد تبرعات أولى لبايدن (البطاقة الأقل ثمناً هي ألف دولار والأغلى، 36 ألفاً). قبل الحدث نفسه، جلسا للحديث.
وعن العقبة الأخرى التي تواجه بايدن، وهي العودة إلى الاتفاق النووي على ضوء إصرار إيران على رفع حرس الثورة عن لائحة العقوبات، ولدى سؤاله عن اعتقاده بوجود تغيير حقيقي لنهج واشنطن في موضوع إيران" يقول سبان ان "قبل كل شيء، اتخذ الرئيس القرار. لديه رسول لهذا الموضوع يدعى روب مالي. أعرف روب. رجل صالح. لكن في استماع مفتوح في مجلس الشيوخ منذ زمن غير بعيد، قال أمرين في الوقت نفسه: قال إن "الخيارات على الطاولة...ولا حل عسكرياً لمشكلة النووي الإيراني". وسمعت هذا وجننت".
ثم أبدى سبان عن امتعاضه لبايدن بالقول "سيدي الرئيس، كنت سأفهم كيفما اتفق إذا قال مالي هذا في استماع مغلق، في محفل سري. لكن ماذا في مكان مفتوح، أمام الكاميرات؟ في الجملة نفسها؟ كيف تدار مفاوضات بمثل هذا الشكل؟".
بدأ الفتور في العلاقات بين الرياض وواشنطن منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، حتى أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض اقتصرت العلاقة على صفقات الأسلحة بمئات الدولارات بدت السعودية كأنها تدفع ثمن الحماية وهو ما عبر عنه ترامب نفسه. حينها حاول بن سلمان استغلال تراخي القبضة الأميركية عن الخليج، وأطلق العنان لطموحه السياسي وبدأ بسلسلة انقلابات على المؤيدين للحزب الديموقراطي. اليوم، ومع استعداد بن سلمان قريباً لتسلم مقاليد الحكم بشكل رسمي في ظل التدهور المستمر لصحة الملك، وفي حين قد تشهد المرحلة المقبلة الأميركية تغيراً في الحزب الحاكم والذي قد يكون محسوباً على الجمهوريين، قد تشهد الأشهر القليلة المقبلة مزيداً من الأحداث، التي سترسخ دون شك التبعية السعودية للولايات المتحدة، بشكل أو بآخر.
ومن المقرر أن يزور بايدن السعودية الشهر المقبل، بعد دعوة وجهها الملك سلمان بن عبد العزيز لقادة دول مجلس التعاون الخليجي وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، ورئيس النظام في مصر عبد الفتاح السيسي، ورئيس وزراء العراق مصطفى الكاظمي.
الكاتب: غرفة التحرير