تختلف ساحات المعارك ضمن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وتعتبر ساحة الحرب الإلكترونية واحدة من أهم وأبرز هذه الساحات. فروسيا لا تواجه في هذه الساحة القوات الأوكرانية فقط، بل تواجه من خلفها المعسكر الغربي كلّه، الذي يمتلك قدرات حرب إلكترونية منافسة لتلك الروسية.
لكن الروسيين استطاعوا إثبات جدارتهم في هذه الساحة، وآخر ما يؤكد ذلك، ما تم كشفه عن تشويش مجهول يواجه وحدات حلف شمال الأطلسي - الناتو في أوروبا، والذي تسبب بعرقلة مسار الطائرات العسكرية في الأجواء الأوروبية. كما أفادت تقارير استخباراتية بأن الأنظمة الإلكترونية التابعة لقوات "الناتو" في أوروبا الشرقية، تواجه ذبذبات وتأثيرات مجهولة الهوية، هي الأولى من نوعها في التاريخ الحديث. وبحسب المعلومات المتداولة أيضاً، فإن شبكة الاتصالات اللاسلكية التابعة للقيادة العسكرية في رومانيا وبلغاريا ومولدوفا، تمر بمرحلة حرجة تحت تأثيرات مجهولة المصدر، تعيق التواصل والتنسيق بين الوحدات المختلفة ومع القيادة المركزية في الحلف.
ويشار هنا إلى أن القيادات العسكرية في دول رومانيا وبلغاريا ومولدوفا ترتبط فيما بينها بواسطة خدمة اتصالات من نوع ADS-B Exchange، يتم بموجبها التنسيق والتداخل الإلكتروني بين هذه القيادات العسكرية، والتي تربط قواعد الناتو العسكرية بعضها ببعض.
وكشفت مصادر عسكرية أوروبية أن خدمة الاتصال والتواصل تتأثر بشكل كبير في المجال الجوي لبلغاريا ورومانيا تحديدا، حيث تم تسجيل حالات فشل بتشغيل معدات تحديد المواقع العالمية على ارتفاعات من 4 إلى 11 ألف متر، ما ينتج عنه تأثير على حركة الطائرات التابعة للولايات المتحدة الأمريكية والناتو في المنطقة القريبة من أوكرانيا.
الحرب الإلكترونية وروسيا
تحتل الحرب الإلكترونية (EW) مكانة خاصة ضمن مفهوم عمليات القوات البرية الروسية. ويشار إليها باسم الحرب الإلكترونية اللاسلكية، ويُنظر إليها على أنها الوسيلة التي يمكن من خلالها للقوات المسلحة الروسية، أن تحدّ من قدرات أنظمة القتال للخصم، إلى درجة أن أي تفوق تكنولوجي سوف يتعرض لخطر شديد.
وترتب روسيا قواتها في الحرب الإلكترونية على مستويين أساسيين، بحيث يتم تزويد لواء المشاة الميكانيكي بسرية من قوات الحرب الإلكترونية، تتمتع بقدرات واسعة النطاق للحرب التكتيكية. كما تضم مجموعة الجيش أيضًا كتيبة من الحرب الإلكترونية مزودة بمعدات وقدرات تستهدف بشكل خاص أنظمة العمليات التي يخشى المخططون الروس منها. بالإضافة الى ذلك، هناك 5 ألوية حرب إلكترونية، موزعة على الـ 4 مناطق العسكرية (لكل منطقة لواء ماعدا المنطقة الغربية فتضم لواءين). وبالنسبة للواء، فقد تم تصميمه لتوفير حماية واسعة النطاق للتشكيلات الحرجة الروسية، ولكي يساعد أيضاً في عمليات الهجوم، ويحوي كل لواء على طائرات وآليات مجهزة بمعدات مختلفة المهام.
لذلك يمكننا اعتبار هذه العملية فرصة مهمة لروسيا ومن خلفها بقية الدول غير التابعة للمعسكر الغربي، بأنها تستطيع هي أيضاً امتلاك قدرات الكترونية متطورة تضاهي ما يمتلكه الغرب، بل وربما تتفوق عليه أيضاً.
الكاتب: علي نور الدين