لم تقف الهدنة حائلاً بين الأطراف المتنازعة في عدن، مركز الثقل السعودي-الاماراتي في اليمن، بل كانت فرصة سانحة لارتفاع وتيرة الخلافات لرغبة كل طرف في تثبيت ثقله العسكري وحجز مقعد له على خريطة المرحلة المقبلة، ولعل مسودة قواعد عمل ما يسمى بالمجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له، أبرز قضايا الخلاف المستجدة.
خلال الفترة الماضية، عملت الرياض على دمج المليشيات التابعة لها في مجلس واحد تحت قيادة رشاد العليمي، وعلى الرغم من اختلاف مشاريع كل جهة، إلا أن التعليمات التي كانت قد صدرت مباشرة من ولي العهد السعودي كانت "واجبة الطاعة" عند هؤلاء، ولكن بالمقابل كان شعور هذه الفصائل المسلحة بأن العمل على تجريدها من نفوذها واستبعادها من المشهد السياسي بعد تحجيمها خاصة المجلس الانتقالي الجنوبي كان أكبر من أن يمر مرور الكرام وهو ما أشعل فتيل المواجهة السياسية العسكرية من جديد.
مؤخراً، انتهت اللجنة المكلفة سعودياً من اعداد مسودة قواعد عمل ما يسمى بالمجلس القيادة الرئاسي والهيئات التابعة له، وحسب عضو الفريق القانوني فيها، أحمد عطية، فهي "تنظم أعمال المجلس وطريقة الإجراءات التي تتخذ، سواء فيما يتعلق بموضوع التصويت، أو الموازنات، أو علاقة المجلس بالهيئات الأخرى مثل مجلس النواب أو الشورى أو هيئة التشاور؛ الفريق القانوني والاقتصادي... إنها تؤسس لمرحلة جديدة في تاريخ اليمن، لأن النظام تحول من نظام رئاسة الجمهورية إلى نظام مجلس قيادة رئاسي مشترك".
هذه المسودة التي تتألف من 6 أبواب و62 مادة، كانت بمثابة النقطة التي أفاضت الكيل بين كل من المجلس الرئاسي والمجلس الانتقالي الذي شعر بأنه قد جرد من الصلاحيات وأبعد عن سلطة القرار ويراد اقصاءه، حيث جاء في أحد البنود "منع أي من أعضاء المجلس من قيادة أي وحدات أمنية وعسكرية"، وهو ما وصفه مقربون "قراراً بتصفية المجلس الانتقالي وتحجيم رئيسه عيدروس الزبيدي".
ردود أفعال
السياسي حسين لقور وهو موال للمجلس الانتقالي الجنوبي اتهم "أطرافاً في مجلس القيادة الرئاسي بالاستعجال نحو إشعال فتيل صراع عسكري مسلح في عدن". متوجهاً إلى العليمي دون ان يذكره بالقول "من عجزوا عن تحريك طربال في قريتهم وفتح طريق أقل وأضعف من مواجهة شعب الجنوب"، وخلص للقول في تغريدة له على موقع تويتر "لم ينخ أو يضعف شعب الجنوب أمام قوة عفاش ويتنازل عن هدفه و هو في وضع أقل قدرة مما هو عليه اليوم".
من جهته رأى المحلل السياسي سعيد بكران، إن "المسودة التي تنظم عمل مجلس الرئاسة والتي خرجت بها اللجنة القانونية برئاسة حمود الهتار، صُممت لتفريغ المجلس من الهدف الذي أنشئ من أجله وتكريس الصلاحيات المطلقة بيد رشاد العليمي...اللجنة فصّلت عمل مجلس الرئاسة على مقاس التنظيم وهمشت دور أعضاء المجلس، وجعلت منهم كومبارس يبصم على توجيهات تأتي جاهزة من دوائر مكتب الرئاسة والأمانة العامة".
فيما وصف المحامي الجنوبي يحيى الشعيبي، صفحات مسودة القواعد القانونية للمجلس الرئاسي، تفوح رائحة تفجير وصراع وأزمات".
الكاتب: غرفة التحرير