تصادف أيام 11 الى 27 نيسان عام 1996 ذكرى عدوان "عناقيد الغضب" على لبنان، وهو عدوان يعدّ محطة مفصلية، بنتائجه وأبعاده وتداعياته، في سير المواجهة والصراع بين المقاومة الإسلامية وكيان الاحتلال المؤقت ما قبل التحرير.
شرارة العدوان
قتل الاحتلال في بلدة برعشيت الجنوبية شاباً وأصاب آخرين في 9 / 4. وبعد أقل من 12 ساعة على الجريمة استهدفت المقاومة الاسلامية بالصواريخ مستوطنات "نهاريا" و"كريات شمونة" شمال فلسطين المحتلة على ثلاث دفعات، واعترف الاعلام العبري بإصابة 37 مستوطن، وهدّد على إثرها رئيس حكومة الاحتلال آنذاك شمعون بيريز باجتياح جوي للبنان.
وفي 11 /4 قصفت طائرات الاحتلال مبنى سكنياً في منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، ما أسفر عن وقوع عدد من الشهداء والجرحى من المدنيين. واعتبر بيريز هذا الهجوم رسالة "بسيطة" لحزب الله يدعي من خلالها أنه لن يكون هناك هدوءاً في لبنان إذا أطلق حزب الله صواريخه على مستوطنات الشمال أو "أي منطقة في إسرائيل".
وبعد ساعات قليلة من الإعتداء الإسرائيلي وتصريحات بيريز، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة سوف ترد على العدوان بقصف هذه المستوطنات، مهدداً بأنه لن يكون هناك "أمن" للمستوطنين فيها كما وعدهم شيمون بيريز، وأن معادلة "بيروت مقابل كريات شمونة" مرفوضة.
فهم الاحتلال جدّية التهديد، وبدأ بإخلاء المستوطنات في الشمال، ثمّ شنّ حربه على لبنان بزعم منع وصول صواريخ المقاومة الى الشمال المحتّل، وتدمير البنية العسكرية للمقاومة ونزع سلاحها، كما غيرها من الأهداف السياسية في الكيان والداخلية في لبنان.
نتائج العدوان
استطاعت المقاومة الإسلامية، في إطار ما وعد به السيد نصر الله في بداية العدوان حيث قال "أرضنا ستعود الينا، سنعيدها إلينا، أهلنا في الشريط سنحرّرهم ونعيدهم الى الوطن، أهلنا في خارج الشريط سندافع عنهم وسنحميهم...لا يفرحوا بما قاموا به اليوم، فإن ما قاموا به لن يجر على شمعون بيريز وحكومته والقيادة معه ومستوطنيه سوى النّدم، وسيدفعون جميعاً الثمن غالياً وغالياً جداً"، أن تثبّت المعادلات في حماية المدنيين، وجعل التهديد في "عمق" الأرض المحتلة شمال فلسطين وبثّ "الرعب" والقلق في نفوس أكثر من 100 ألف مستوطن ، وجعل ما يسميه الاحتلال "الحزام الأمني" (خط العرض 32) تحت صواريخه،. كذلك عملت المقاومة على الحرب النفسية والإعلامية حيث بثّت عبر الاعلام رسائل تحذير باللغة العبرية للمستوطنين كي يخلوا مستوطنات الشمال.
وقدّر الكيان المؤقت خسائره المالية بـ 300 مليون دولار، وخسائره في القطاع السياحي بقيمة 13 مليون دولار، بالإضافة الى الخسائر جراء قصف المستوطنات بحوالي الـ 7 مليون دولار.
وارتكب الكيان الإسرائيلي مجزرتين، من الأكبر في تاريخ لبنان، الأولى مجزرة "المنصوري" في 13/4/1996، حيث قصفت طائرات الاحتلال سيارة إسعاف كانت تنقل مدنيين نزحوا بسبب العدوان، بعد مرورها عن حاجز "القوات الفيدجية" (العاملة في إطار القوات الدولية على طريق الحنية)، ليستشهد ستة أبرياء ويصاب 9 أخرون من بينهم أطفال لم يتجاوزا الأشهر الأولى من العمر.
المجزرة الثانية "قانا"، في 18 نيسان، قصفت طائرات الاحتلال الحربية مقراً تابعاً لقوات حفظ السلام الدولية في بلدة قانا الجنوبية، حيث لجأ المدنيون، ليستشهد 102 من النساء والأطفال في لحظة واحدة!
اعترافات إسرائيلية
_ حزب الله انتصر في المعركة (معاريف – 19 – 4 – 1996)
_ سلاح الجو لا ينجح في التغلب على صواريخ الكاتيوشا (زئيف شيف، هآرتس، 21-4-1996).
_ كان ينبغي لعناقيد الغضب أن تضمن السيطرة على الجنوب اللبناني أو أن لا تكون أبدًا (إلياكيم هعتسني، يديعوت أحرونوت، 28-4-1996).
_ الحكومة فشلت في الحرب الرقمية في لبنان (أريئيل شارون، هآرتس، 30-4-1996).
_ انتقد رئيس هيئة الأركان السابق لقيادة المنطقة الشمالية، العميد احتياط رافي نوي، الجيش الاسرائيلي بشدة واعتبر العملية فاشلة؛ فقد "ظلوا يطلقون صواريخ الكاتيوشا طوال 16 يوماً على المستوطنات، ولم يكن الجيش قادراً على إسكات النار.
_ اتّهم ضابط كبير في قيادة المنطقة الشمالية جهاز الاستخبارات العسكرية، بالفشل في تقييم قدرة حزب الله، وتقييمه أن العملية ستستغرق فترة أقصر من الفترة التي استغرقها فعلاً. (إيتان رابين، هآرتس، 21-4-1996).
الكاتب: غرفة التحرير