بعد العمليات الفدائية الأربعة التي نفذها الفلسطينيون في "تل ابيب" ومناطق الداخل المحتل وما حملته من تداعيات خطيرة على الكيان الإسرائيلي ووجوده تنذر بمرحلة جديدة من المواجهات، لا تزال الأوساط الإسرائيلية واقعة في حالة "الصدمة" مع غياب الاستراتيجية الواضحة في التعامل مع هذه "الموجة" الجديدة.
في مقال في صحيفة "معاريف" العبرية، ينتقد الكاتب ران أدلست السياسة الإسرائيلية وقراءتها للأحداث، حيث يشير الى أن المسؤولين الاسرائيلين" يقولون ان موجة اخرى في الطريق الى انتفاضة ثالثة. وكأنه منذ حرب الايام الستة لا تقع هنا انتفاضة واحدة، متواصلة... قتلى الموجة الأخيرة ادخلت ملفاتهم في الجوارير الخفية للذاكرة الجماعية لأجل اخلاء المكان لموجة اخرى".
النص المترجم:
أتذكرون؟ قبل كم من الوقت كانت هنا موجة إرهاب (مقاومة). يقولون ان موجة اخرى في الطريق الى انتفاضة ثالثة. وكأنه منذ حرب الايام الستة لا تقع هنا انتفاضة واحدة، متواصلة. إنه مثير للشفقة بعض الشيء أن نرى رئيس الوزراء نفتالي بينت يقف على الشاطئ امام البحر العاصف ويدعو الى "كسر الامواج". قتلى الموجة الاخيرة، عربا ويهودا، ادخلت ملفاتهم بترتيب رائع في الجوارير الخفية للذاكرة الجماعية لأجل اخلاء المكان لموجة اخرى، هي ايضا تحمل عنوانا.
لكل موجة تنظيم إرهابي (مقاومة) خاص بها. ذات مرة كان اولئك م. ت. ف، فتح، ايلول الاسود، الجبهة وما شابه. اما اليوم فهؤلاء هم رسل حماس، والجهاد. وعلى الطريق منظمات سلفية اضافية. وإيران بالطبع. وهم دوما تسلحوا بوسائل قتالية هجومية. سكاكين، قسامات، غرادات، قذائف هاون، عبوات، إطلاق نار، بالونات، حوامات، عمليات الهام، عمليات أفراد، عمليات انتحارية وعمليات ثأر. الاختلاف اليوم هو انه انتهت فترة نقل الحرب الى ارض العدو والارهاب ننتصر عليه في اسرائيل ذاتها. المشكلة هي الثمن والمنفعة.
تصفية المنفذين الثلاثة في نهاية الاسبوع الاخير بين جنين وعرابة كانت عملية حيوية نجحت. المعضلة هي انه إذا كان التعاون بين الشباك واليمام مهما كان ناجحا، هو الحل، ام علاج مواز في الجذر لأجل منع حرب ابدية. اليوم، بعد أن وضعنا جندي وشرطي في كل زاوية شارع وصفينا مؤيدي داعش وحماس وايرانيين يتجولون في سوريا ولبنان، نحن مدعوون لان نكون متفاجئين قبيل المرحلة التالية: حوامات انتحارية او مسيرات فتاكة موجهة بالجي. بي. اس. هذه كفيلة لان تكون تتركب في قبو بيتي او معمل تحت الارض، تكلف بضع عشرات – مئات في اقصى الاحوال – من الدولارات، وتنزل تلقائيا على الهدف. وماذا عندها؟ نعترض عشرة وتنفجر اثنتان؟
تقنيات الإرهاب (المقاومة) تتغير، لكن النية واحدة: انزلوا اليد عن رقبتنا، والا فإننا محكومون، يهودا وعربا على حد سواء، بانتفاضة الى الابد. كما كتب في توراتنا "كلما عذبوه، ازداد وانطلق".
في هذه الاثناء تبذل الحكومة جهدا للتهدئة. توزع تصاريح صيد، اي السلاح، لكل من يطلب، من أفضل جنود الكوماندو في الجيش الاسرائيلي يتجولون في شوارع المدن واعضاء ميليشيات شبه مدنية مسلحة بتأهب لان تمتشق السلاح اولا. والان قولوا: هل جن جنوننا؟ كل الشعب جيش؟ هذه هي الصيغة الواضحة لزرع انعدام الامن، الاشتباه 24/7 على حدود جنون الاضطهاد واشعال كراهية العربي بصفته عربيا. السبيل الوحيد لان نضمن، مؤقتا، هدوءاً نفسيا ووطنيا، هو العودة الى الحياة الطبيعية التي نكبت فيها مخاطر حرب الجبهات الخمسة في آن معا (الضفة، القطاع، لبنان، سوريا وإيران).
الهدوء الحقيقي يفترض أن تؤمنه قوات الامن، وإذا لم تقدم البضاعة، فواجب على المواطنين المهددين ان يفحصوا إذا كانت هناك حاجة لإسقاط المسؤولين. أو كبديل: إذا تبين بان الحكومة تكلف قوات الامن بكمية مهام تفوق قدراتها، وإذا كان الشغب غير مستعد لان يدفع الثمن الذي هو تضعضع الامن الشخصي، فمن واجب الحكومة أن تقلص عدد الحروب.
مدى القتال قررته الحكومات السابقة. هذه الحالية، قسم منها على الاقل، مقيدة او مؤمنة بسياسة الحكومة السابقة. من يعبر بوضوح وصراحة عن سياسة الحكومة السابقة هو يورام كوهن رئيس الشباك السابق الذي يقول في (في مقابلة مع برنامج "عوفدا") أن "حماس تنجح في زج عرب اسرائيل ليكونوا عنصرا اشكاليا غير مسبوق ويقوم بأعمال فتك بالجمهور الاسرائيلي بشكل وحشي"، يواصل كوهن، "في السور الواقي، الشعب الفلسطيني على منظماته وعلى قيادته كلهم قاتلونا، كلهم أطلقوا النار علينا، كلهم انتحروا في اراضي إسرائيل... هذا العدو يجري لنا مئات والاف العمليات في السنة فقط من يهودا والسامرة، ليس غزة"، يواصل كوهن، "وان هذه لم تحصل هو نتيجة مباشرة للإحباط". كقاعدة، حسب كوهن "الحكومة مخطئة في فهم حماس، إذ انها تبحث كيف لا تصل الى التصعيد... لعله توجد اهداف اخرى ولهذا فهي تقرر أن تعطيهم المال كي تردع، تسمح بإدخال العمال – اعتقد أنهم إذا وصلوا الى مرحلة، واعتقد انهم سيصلون، إذا ما وقعت لنا عملية وكان قتلى، يحتمل للسياسة تجاه غزة أن تتغير".
وفي سؤال حل الدولتين، يتابع كوهين، "حل الدولتين؟ خطير لإسرائيل في الجانب الامني، ولا يمكن نقل المسؤولية، إذ غدا ستكون انتخابات وحماس ستأتي".
وهذا هو المكان لان نبلغ كوهن بانه عقب سياسة الشاباك في الاحباط، توجد حماس في الضفة وحسب استطلاعات جامعة بيرزيت فانهم سينتصرون في الانتخابات. وهكذا رأي كوهن في عرب اسرائيل. "لا ارى قيادة عرب اسرائيل تتصدى بشكل شجاع (امام الارهاب). هم في واقع الامر أصبحوا تابعين لأعداء اسرائيل مع التشديد على حماس في غزة ومحافل اسلامية متطرفة... إذا كنت ارى بان ظاهرة إرهاب (مقاومة) عرب اسرائيل تتسع، فاني لا اخشى من القيام بالهدم في ام الفحم ايضا". والله؟ لهذه الدرجة هذا القول هو ايضا مزين وسام في نفس الوقت بحيث أن الرد الوحيد هو "والله". او بكلمات حاييم رفوفيتش رقم 3 في الشاباك سابقا، في مقابلة اعتزال: "اعتقلنا عددا لا يحصى من الاشخاص بلا حاجة. هذا لم يساهم في شيء".
المصدر: "معاريف" العبرية
الكاتب: ران أدلست