سجل شهر آذار/ مارس معدل أرقام تاريخي في عدد العمليات الفدائية التي شهدتها فلسطين المحتلة، حيث صنّفت هذه العمليات هي الأقسى منذ انتفاضة السكاكين عام 2015، بعدما نفذ 16 فلسطينياً فدائياً 11 عملية أسفرت عن مقتل 11 قتيلاً وإصابة أكثر من 32 مستوطناً، خلال شهر واحد، وهو الأمر الذي أكد مرة جديدة على حجم العجز الذي يعانيه كيان الاحتلال المؤقت وأجهزته الأمنية في وقف هذه العمليات.
صحيفة هآرتس أشارت في مقال لها إلى انه "قبل أسبوعين تقريباً على عيد الفصح، تعود إسرائيل إلى الفترة المظلمة التي فرحنا بنسيانها، خصوصاً منذ انتفاضة السكاكين في 2015- 2016". مؤكدة على ان "11 قتيلاً في سبعة أيام وفي ثلاث مدن، هذا حدث استراتيجي وأمني".
النص المترجم:
جزء من النخبة السياسية في "إسرائيل" تنفس الصعداء عندما كشفت هوية المخرب، "على الأقل لم يكن منا، هذه المرة"، قال أحد الوزراء بسخرية. لو كان منفذ عملية "بني براك"، وهي الأكثر فتكاً من بين العمليات حتى الآن، عربياً إسرائيلياً، فالويل لنا.
الإرهاب الفلسطيني يسهل هضمه. قبل بضعة أيام على شهر رمضان، وقبل أسبوعين تقريباً على عيد الفصح، تعود "إسرائيل" إلى الفترة المظلمة التي فرحنا بنسيانها، خصوصاً منذ انتفاضة السكاكين في 2015 – 2016.
11 قتيلاً في سبعة أيام وفي ثلاث مدن، هذا حدث استراتيجي وأمني، لكنه سياسي أيضاً. سيكون رئيس الحكومة، نفتالي بينيت، وهو في عزله داخل بيته، ملزماً بالتحدث إلى الجمهور في أسرع وقت، وبيان كيف تنوي الحكومة مواجهة هذا التدهور الشديد. اعترف بينيت أمس بأن "إسرائيل" تقف أمام موجة إرهابية عربية قاتلة. عليه العمل وفق ذلك حتى لو كان هذا يعني ملء الشوارع بقوات الشرطة والجيش، وعليه عقد جلسة لـ "الكابنت" السياسي – الأمني، لتمرير قرارات قاسية.
قبل أسبوع كنا في وضع مختلف. لقاءات "قمة" متتالية، أولاً في تركيا، وبعد ذلك في مصر. كان بينيت سيسافر السبت إلى الهند (مع خصومة صبيانية مع بني غانتس). وأول أمس، تم عقد قمة النقب غير المسبوقة من حيث تركيبة المشاركين فيها. كان يبدو أن إسرائيل على باب عصر جديد لشرق أوسط جديد. الآن كل شيء يبدو مختلفاً.
الأشهر التسعة لـ "حكومة التغيير" كانت من أكثر الأشهر هدوءً من ناحية أمنية. رئيس الحكومة، في محادثات خاصة، تفاخر بذلك، لكنه حرص على طرق الخشب. وقد كان يقصد بالأساس غزة، غزة فقط. القطاع هادئ في هذه الأثناء، ولكن إلى متى؟ جاء الشر من جبهات غير متوقعة، من داخل المجتمع العربي، وأمس من منطقة جنين.
رئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، الذي نشر بعد عملية بئر السبع رداً شديداً مهيناً، ألقى فيه المسؤولية على بينيت ولبيد. وأمس، كشف عن ضبط نفس من الجدير الإشارة إليه. ولكنه أدرك أيضاً بأنه بالغ. وقدم العزاء وأمل الشفاء للمصابين، وشد على أيدي قوات الأمن، وطلب من الحكومة العمل بشكل حازم. أفضل أصدقائه في المعارضة، ايتمار بن غفير، لم يضبط نفسه أيضاً في هذه المرة، ووصل إلى ساحة الحدث. فمثل طيور مميزة جداً، عضو الكنيست العنصري والمحرض يتغذى على الدماء والألم والمعاناة. سيكون هناك دائماً، يزج نفسه أمام العدسات ويهتاج مثل آخر الزعران. في الحقيقة لماذا "مثّل"؟
هذا بلا شك هو الامتحان الأكبر لبينيت. فحكومة لا تعتبر حكومة يمينية "نواة صلبة"، ستجد صعوبة في الساحة العامة أمام موجات الإرهاب. الشخص الوحيد الذي اجتاز الامتحان وحصل على اعتماد واسع من الجمهور لفترة طويلة قبل انطلاقه لتنفيذ عملية عسكرية (السور الواقي في الضفة الغربية) هو اريئيل شارون؛ رغم تنبؤ بأنه إذا لم يفعل ذلك، فسيطرده الجمهور من مكتب رئيس الحكومة بـ "العصي والحجارة". بينيت بعيد عن أن يكون اريئيل شارون.
المصدر: هآرتس
الكاتب: يوسي فيرتر