مع إعلان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الخطابين الأخيرين، أولاً تفعيل منظومة السلاح الجوي لحزب الله وثانياً تطوّر تحويل صواريخ الحزب الى دقيقة، بدأ المحلّلون العسكريون والسياسيون الإسرائيليون من قراءة تداعيات هذه القدرات المتعاظمة لحزب الله في المعركة المقبلة. ويتضح أن الأوساط "الرسمية" لا تملك أجوبة مقنعة بالنسبة لجمهورها حول التعامل معها، كما مع كلّ قدرات محور المقاومة.
وفي مقال للخبير الإسرائيلي في الأمن القومي وأستاذ العلوم السياسية بجامعة "حيفا"، أوري بار يوسف، بصحيفة "هآرتس" العبرية، يشير الى أنه مع "الدخول الكثيف للتكنولوجيا العسكرية، لا سيما التسلح الصاروخي البالستي، والطائرات المسيرة وصواريخ كروز، كل ذلك خلق وضعا لا يوجد فيه للجيش بشكل عام وسلاح الجو بشكل خاص أي رد فعال على تهديدات إيران وحلفائها".
المقال المترجم:
من الصعب معرفة ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بنيت قرأ مقال الجنرال اسحق بريك الذي نشر قبل أيام في الصحيفة بعنوان في الحرب القادمة ستحدث كارثة، وفي حال اطلع عليه، مشكوك أنه خصص الوقت المناسب للتفكير فيه، باستثناء الحاجة لمواجهة إعلامية مع ما طرح في المقال. وبريك هو نبي الغضب، ونبوءات الغضب تتحقق بين حين وآخر، وبعد أن يتم دفع ثمن باهظ، يتم تشكيل لجان تحقيق، ويتبين أنه كان هناك من حذر ولا يمكن منع الكارثة.
في عالم مثالي، كان رئيس الحكومة سيشكل لجنة تحقيق ويطلب منها فحص عدة أسئلة مهنية تتعلق باستعداد إسرائيل لحرب طويلة متعددة الجبهات منها على سبيل المثال، إلى أي درجة نظام الإمداد مستعد لمواجهة الحرب القادمة؟ هل يتوقع أن تكون جبهة داخلية؟ وفي حال الإجابة بنعم، ماذا علينا أن نفعل لمنع ذلك؟ وهل توجد لسلاح الجو قدرة أمام الهجمات المختلفة التي يمكن أن تشل قواعده؟ هل توجد للجيش قدرة لمواجهة الدمار والخسائر التي ستحدثها صواريخ العدو؟ هل توجد للحكومة خطة منظمة لمواجهة الذعر والفوضى بداية الحرب، عندما ستنهار عشرات وربما مئات المباني نتيجة الصواريخ؟
احتمالية أن يشكل بينيت لجنة كهذه تكاد تكون صفرا، ولكن البديل يمكن أن يكون بسيطا نسبيا، ففي نقاش مقلص مع رئيس الأركان يمكنه أن يسأله: هل يمكن للجيش أن يعمل بشكل جيد في الحرب القادمة؟ دفاع فعال يمنع المس الجوهري بالجبهة الداخلية؟ وإذا تردد رئيس الأركان في الرد، يمكن التوجه لقائد سلاح الجو، الذراع الاستراتيجية لإسرائيل، الذي نعلق عليه الآمال ويسأله: هل يمكن لسلاح الجو أن يقوم بالدفاع عن سماء البلاد في الحرب القادمة؟
في السابق، كان الجواب الإيجابي على هذه الأسئلة واضحا، ولكن الدخول الكثيف للتكنولوجيا العسكرية، لا سيما التسلح الصاروخي البالستي، والطائرات المسيرة وصواريخ كروز، كل ذلك خلق وضعا لا يوجد فيه للجيش بشكل عام وسلاح الجو بشكل خاص أي رد فعال على تهديدات إيران وحلفائها.
في حال فشل الردع، سلاح الجو سيدهش العدو بقصفه، ولكن سلاح الجو لا يستطيع توفير حماية فعالة لفترة طويلة، وهذا أمر معروف جيدا. إن الدول العظمى بنت ترسانة نووية ستمكنها من تدمير بعضها، لكنها لن تمكنها من الدفاع عن نفسها، وميزان الرعب بين إسرائيل ومحور الشر غير نووي، لكن القدرات التقليدية المدهشة التي راكمتها إيران وحلفاؤها تخلق تهديدا ثقيلا على إسرائيل، التي لا يوجد لديها الآن أي رد فعال.
الإجابة الصحيحة على تعاظم التهديد، التي مركزها المعركة بين حربين، أعطت حتى الآن قدرا غير قليل من الثمار، لكنها لا تحل المشكلة، ورغم نجاح المعركة بين حربين، إلا أن إيران وحلفاءها لن يتنازلوا، وترسانة الصواريخ لديها اتسعت وقدراتها تحسنت، وانضم إلى بؤر التهديد مؤخرا جماعة الحوثي في اليمن.
إن استمرار الهجمات يمكن أن يؤدي إلى الاشتعال، وعملية التدهور لحرب 1967 أو حرب لبنان الثانية في 2006، هي أمثلة على ما يمكن أن يحدث، وإن الردع مهما كان ناجعا، يمكنه أن يشتري الزمن ليس أكثر، وغياب الحل سيؤدي في نهاية المطاف إلى الحرب.
التهديد المتعاظم على إسرائيل لا يوجد له حل عسكري، ويجب على الرد أن يكون في المجال السياسي، أي تطوير قنوات تفاوض مع إيران والدفع قدما بعملية سياسية مع الفلسطينيين، والتقدم في عملية سياسية مع سوريا وان ثمن البديل يمكن أن يكون أثقل من حمله.
المصدر: "هآرتس" العبرية
الكاتب: غرفة التحرير