"إسرائيل وحزب الله يدخلان في واحدة من أكثر الفترات توترًا بينهما منذ حرب لبنان الثانية عام 2006"، هكذا وصّفت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية الوضع الحالي مع بدأ العد العكسي للمدّة التي حدّدها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والتي لا تتجاوز شهر أيلول / سبتمبر المقبل قبل أن يعترف كيان الاحتلال ومن خلفه الولايات المتحدة بحق لبنان في ثروته الغازية والنفطية في البحر الأبيض المتوسط وأن يتم التوصل مع الموفد الأمريكي المفاوض الى ترسيم منصف للبلد في المنطقة المتنازع عليها.
وضع السيد نصر الله خيار الحرب والرسائل العسكرية – التي تدعم موقف الدولة اللبنانية في مفاوضات الترسيم – على الطاولة للتأكيد على جدّية المقاومة في حماية ثروة البلد وأنها ليست مستعدة لتقديم التنازلات التي حاول الاحتلال أن يفرضها بطريقة أو بأخرى عبر قنوات الاتصال.
على المقلب الإسرائيلي كثّف وزير حرب الاحتلال بيني غانتس في الشهرين الماضيين من تصريحاته بهذا الشأن زاعماً استعداد جيشه لخوض "أيام قتالية" في الجبهة الشمالية اذ يأخذ مسؤولو الكيان تهديدات السيد نصر الله بجدية، واعتبر الصحفي الإسرائيلي في "القناة 13" العبرية حيزي سيمانتوف أنها "ليست فارغة" مع اعتراف بقدرة حزب الله على التنفيذ حيث ذكر الصحفي الإسرائيلي أمير بوخبوط في موقع "والـلاه" العـبـري أنه "قبل بدء أنشطة ضخ الغاز في كاريش في سبتمبر، يقدر الجيش الإسرائيلي أنه إذا لم تتوصل الحكومة الإسرائيلية إلى اتفاق نهائي مع الحكومة اللبنانية فقد يحاول حزب الله إلحاق الأذى بإسرائيل". فعلّق غانتس بالأمس أن جيشه سيبادر الى الاعتداء "في حال تلقينا معلومات استخبارية مبكرة عن عملية يريد حزب الله شنها ضد إسرائيل".
"هذه التهديدات جميعها بالنسبة لنا ليس لها قيمة" شدّد السيد نصر الله. وهو أيضاً ما يعترف به بطريقة أخرى المعلقون الإسرائيليون، ففي مقاله اليوم في صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية رأى الصحفي الإسرائيلي يوسي يهوشوع أن جيش الاحتلال لا يمكنه التصرّف مع حزب الله كما تصرّف مع غزّة قبل أسبوعين أي "ضد عدو واحد"، "مع حزب الله الوضع مختلف تماماً: لقد قام التنظيم بتسليح نفسه بشكل كبير منذ حرب لبنان الثانية قبل حوالي 15 عاماً، وخلق توازناً يهدد إسرائيل". وتابع "سيكون من الصعب على إسرائيل السيطرة على ارتفاع النيران وكيف سيكون رد فعل الطرف الآخر، شدة النيران التي ستستخدمها إسرائيل وسيستخدمها حزب الله ستكون مختلفة من تلك التي اعتاد عليها الجمهور الإسرائيلي في الحروب مع غزة...حتى لو بدأت النار بحادث لمرة واحدة، فقد يتدهور بسرعة كبيرة إلى أيام من المعركة، وبالتالي إلى حرب حقيقية".
وبالعودة الى أيام معركة "وحدة الساحات" التي خاضتها الفصائل الفلسطينية وفي مقدّمتها حركة الجهاد الإسلامي فقد اعترف الاحتلال بقدرة كثافة نيران سرايا القدس وصواريخها على الحاق ضرر هائل بجبهته الداخلية التي أطلق عليها خلال 55 ساعة أكثر من 1000 صاروخ وقذيفة وقد تساءل الاعلام العبري آنذاك عن حجم الضرر في جولة مع حزب الله فـ"إذا اندلعت معركة مع حزب الله ستكون مختلفة تماماً ومدمرة" وصف "يهوشوع".
ومع إدراك الاحتلال بأن الخيار الأفضل هو التوصّل الى اتفاق لترسيم الحدود البحرية، حيث قال غانتس "من الأفضل أن نتوصل إلى اتفاق بدون حرب"، لفت "يهوشوع" الى اقتراب موعد تبديل قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال اذ سيحدّد هذا الموعد مسار المرحلة المقبلة حين أوضح أنه "لفهم مقدار ما تتوقعه إسرائيل من الحرب بشكل أفضل، يجدر بنا أن نتبع استبدال قائد القيادة الشمالية أمير برعام المقرر إجراؤه في 11 سبتمبر. انطلاقاً من تجربة سابقة، عندما يقدر الجيش حدوث اندلاع مواجهة في الساحة الشمالية، يؤجل موعد تغيير القيادة، كان هذا هو الحال قبل الهجوم على المفاعل في سوريا عام 2007. إذا تم تأجيل استبدال القيادات هذه المرة أيضاً سيكون من الممكن فهم مدى احتمال وقوع مواجهة في نظر الجيش".
جاءت هذه التعليقات في عدد اليوم من الصحف العبرية بعد أن تحدث السيد نصر الله بالأمس في احتفالية "أبجدية النصر" بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاقة حزب الله، على الرغم من أن السيد نصر الله لم يقدّم حديثاً جديداً بانتظار الأيام المقبلة مع عودة رئيس الموفد عاموس هوكشتاين الى بيروت الا أنه أعاد التأكيد على موقف المقاومة الواضح – "نحن قرارنا واضح وخطابنا واضح وتوجهنا واضح وننتظر الأيام القليلة المقبلة ليبنى على الشيء مقتضاه".
وسبق كلامه عرض بتقنيةD3و"هولوغرام" حول مسيرة حزب الله ومحطات انتصاراته منذ الطلقات الأولى عام 1982 مروراً بالتحرير وحرب تموز ووصولاً لرفع راية المقاومة في القدس – قريباً -، كما تطرق العرض الى الدور السياسي والاجتماعي لحزب الله عبر مؤسساته التي تغطي جميع الأصعدة.
الكاتب: مروة ناصر