تقدّمت كتلة الوفاء للمقاومة بمشروع قانون المنافسة منذ حوالي السنتين وقد اتخذ المشروع مساره في المجلس النيابي وتحوّل الى اللجان النيابية المشتركة وتشكلت لجنة فرعية لمناقشته، وقد سلك طريقه نحو الهيئة العامة. ليكون "واحدًا من الخطوات الاصلاحية وكجزء من خطة الاصلاح الثقافي ما يساعد على تخفيض الاسعار ويفتح المنافسة بمواجهة الاحتكار والحصرية".
مفهوم قانون المنافسة وأهدافه
وبحسب المادة الأولى "يهدف هذا القانون الى تحديد القواعد المنظمة للمنافسة في الأسواق، ومنع الممارسات المخلة بها والقضاء على الممارسات الاحتكارية وضبط ومراقبة عمليات التركيز الاقتصادي بما يحقق الفعالية الاقتصادية ويعزز الإنتاج والابتكار والتقدم التقني ويحقق رفاه المستهلكين".
ويشرح عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسين الحاج حسن أن قانون المنافسة يعد إصلاحياً، ومن القوانين العصرية التي يحتاجها أي نظام اقتصادي وخصوصاً في لبنان الذي يعاني الأزمات الاقتصادية جراء الاحتكارات و"الكارتيلات" والوكات الحصرية. وهو قانون شامل تشكّل إلغاء الوكالات الحصرية المادة الخامسة منه فقط من ما مجموعه 66 مادة. وتنص المادة الخامسة على أنه" يجوز لأي شخص إبرام عقد اتفاق، لاستيراد أي منتج أجنبي مسموح بتداوله على الأراضي اللبنانية، من أجل بيعه أو توزيعه أو تسويقه أو ترويجه، بغض النظر عما إذا كان المنتج المستورد قد سبق أن تم حصر استيراده أو بيعه أو توزيعه أو تسويقه أو ترويجه بوكيل حصري في لبنان".
و يضيف الحاج حسن "هو قانون يكافح كل الظواهر الاقتصادية التي تخل بالمنافسة التي تعتبر مبدأ في الاقتصاد الحر تؤدي الى خفض الأسعار لأفضل جودة للمنتج (سلعة أو خدمة)".
الممارسات المخلة بالمنافسة
أولاً: الهيمنة، هي السيطرة على نسبة كبيرة في السوق
ثانياً: التركّز الاقتصادي، شركتين يمنعهما القانون من الاتحاد لعدم تشكيل التركز الاقتصادي أو يجبرهم القانون على الانفصال الى شركتين
ثالثاً: الاحتكار، جهة تمنع المنتج من التوافر في السوق، أو يتحكّم بكميات توافرها بهدف كسر الأسعار وتحييد المنافسين
رابعاً: الاتفاقيات الافقية بين التجار والعامودية، بما معناه "التاجر الكبير" ووكلائه
خامساً: الوكالات الحصرية، التي تعني ان مُنتِج ما في الخارج يعطي منتجه لوكيل محلي بشكل حصري، هنا لا يحق للدولة التدخّل لانه في سياق الاقتصاد والتجارة الحرة.
الا ان هذا المشروع القانون يتدخّل حين يٌمنع إدخال هذا المنتَج عبر وكيل ثاني يكون المُنتِج قد منحه وكالة أيضاً تحت حجة ان الوكيل الأول يمتلك وكالة حصرية.
تطبيقه
ولتحقيق المنافسة في السوق تنشأ "هيئة المنافسة" تتضمن مجلس المنافسة وجهاز تحقيق يتمتع بصلاحيات الضابطة العدلية ويرسل الملفات الى مجلس المنافسة لاتخاذ القرارات (الاستشارية والزجرية) ويحق له فرض العقوبات على الشركات واتخاذ التدابير. وعلى الشركات الالتزام تحت طائلة مضاعفة العقوبات، وتشرح مواد القانون تفاصيل الإجراءات.
قانون المنافسة في العالم
فيما يطرحه لبنان عام 2022، مع الكثير من علامات الاستفهام حول إجهاضه في المجلس النيابي، وإمكانية تطبيقه فعلياً من قبل السلطة التنفيذية، فان قانون المنافسة يُعدّ قديماً جداً في بعض دول القارة الأمريكية حيث سنّت كندا في عام 1889 ما يعتبر أول قانون للمنافسة في العصر الحديث، والولايات المتحدة أقرّت قانون "شاريمان" للمنافسة عام 1980.
وفي أوروبا، أُعترف بقانون المنافسة خلال فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، فقد سنت ألمانيا قانونها الأول لمكافحة الكارتلات في عام 1923 واعتمدت السويد والنرويج قوانين مماثلة في عامي 1925 و1926. وأعيد إحياء العمل به أيضاً بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، وتعود أصول قانون المنافسة في الاتحاد الأوروبي إلى اتفاقية الجماعة الأوروبية للفحم والصلب (ECSC) بين فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا ولوكسمبورغ وألمانيا في عام 1951.
وفي "دليل قانون مكافحة الاحتكار والمنافسة" الصادر عن شركة Baker McKenzie لعام 2015 قدمت ملخصًا للتعليق على قوانين المنافسة من 13 سلطة قضائية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ حيث " استمرت البلدان الناشئة والمتقدمة في آسيا في تعديل قوانين المنافسة الخاصة بها مع تطور الأسواق المحلية والعالمية"، وأضافت كل من استراليا واليابان، والفليبين ونيوزيلندا وتايلاند، سياسات وتعديلات جديدة لحظر مناهضة المنافسة في الأسواق.
وكذلك فان مبدأ الوكالات الحصرية لم يعد موجوداً في أغلب دول العالم.
هل يقرّ قانون المنافسة؟
وأمام هذه النماذج، ومن يدعي في لبنان التشبّه بالغرب تحت ذرائع "الحداثة والتطوّر"، هل تصوّت جميع الكتل النيابية لصالح إقرار هذا القانون؟ أم أن بعض القوى السياسية وخاصة تلك التي ارتبط اسمها بالاحتكار (المشتقات النفطية والأدوية...) في السنة الماضية قد تسعى وتمارس أقسى الضغوطات لعدم تمرير قانون يمسّ بأعمالها غير القانونية وبمصالح أجنداتها الخارجية؟ في المقابل تسعى كتلة الوفاء للمقاومة لاستخدام كل الأطر القانونية داخل المجلس النيابي كما تعوّل أيضاً على الرأي العام الداعم من أجل إقرار القانون في البرلمان.
ومن ناحية أخرى قدمت الكتلة إخباراً الى التفتيش القضائي والى النيابة العامة المالية والنيابة العامة التميزية حول مخالفة القانون بعدم وجود وكالات حصرية لـ 3014 وكالة لمن يجدّدوا ولم يسدّدوا رسومهم في وزارة الاقتصاد بالاستناد الى المعلومات التي قدّمها وزير الاقتصاد أمين سلام. ودعت الكتل النيابية الى تأييد هذا المطلب بدورها.
الكاتب: غرفة التحرير