على قاعدة "رابح-رابح"، عادت الوفود المفاوضة إلى بلادها للتشاور، وهو الأمر الذي أكده كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، خلال اجتماعه مع أعضاء لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى، حيث أشار إلى انه قد "تم توفير الأرضية والشروط اللازمة لعقد اتفاق للجميع على مبدأ رابح رابح".
توفير هذه الارضية هو تطور يعتبر خرقاً جديداً في المحادثات التي تجري في العاصمة النمساوية فيينا، والتي تبقى مرهونة بـ "حسن نية الغرب وجديته وهما شرطان مهمان لإتمام المفاوضات" وفق ما أكد باقري كني، قابله تطور آخر لناحية قيام الولايات المتحدة بـ "إعادة العمل بإعفاءات أساسيّة كانت تحمي الدول والشركات الأجنبيّة المشاركة في مشاريع نوويّة غير عسكريّة من العقوبات"، حسب ما أكد مسؤول في الخارجية الأميركية.
وتأتي هذه الخطوة الأميركية التنازلية، استجابة لطلب طهران قيام واشنطن بخطوات تثبت حسن نواياها، وبداعي تسهيل المفاوضات حسب الخارجية الاميركية، فواشنطن ترغب بإنجاز الاتفاق واتمامه أكثر من أي وقت مضى خاصة وان البلاد مقبلة على انتخابات الكونغرس النصفية، والتي يحتاج فيها الرئيس الأميركي جو بايدن لمزيد من النقاط في ظل تراجع شعبيته وارتفاع وتيرة الخلافات بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري.
من جهته أشار وزير الخارجية الإيراني حسين امير عبداللهيان إلى انه قد "نقلنا سابقا لواشنطن ضرورة إثبات حسن نيتها وما حدث على الورق جيد لكنه ليس كافيا... نريد ضمانات على كل المستويات السياسية، القانونية والاقتصادية وهذه إحدى الملفات الأساسية المطروحة على طاولة فيينا.. الرفع الجزئي للعقوبات بالمعنى الحقيقي والواقعي هو ما يترجم حسن النوايا التي تتحدث عنها أميركا.. أبلغنا واشنطن عبر وسطاء أن عليها أن تثبت حسن نيتها بشكل عملي".
وفي هذا الإطار، يبدو ان هذه الخطوات تأتي بعد دخول قطر على خط المفاوضات. حيث يمكن وضع الزيارة التي قام بها وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إلى إيران ضمن هذا السياق والتي تخللها شرح إيراني للموقف الرسمي حول ما يتعلق بقضية تبادل السجناء، وهي الخطوة التي تعتبر فرصة إيرانية لواشنطن لإثبات جديتها.
ففي الوقت الذي تصر فيه واشنطن على إجراء مفاوضات مباشرة مع طهران تؤكد الجمهورية الاسلامية انها جاهزة للتفاوض مع الأميركيين في اطار 5+1 اذا لمست جدية من الجانب الاميركي ونيته بالعودة الى الاتفاق النووي، وقد جدد مسؤول أميركي كبير الدعوة لطهران من اجل التفاوض مباشرة وقال "إذا كان هدفنا التوصّل إلى تفاهم بشكل سريع، فإن الطريقة الفضلى للقيام بذلك، وفي أي مفاوضات، هي أن تلتقي الأطراف الأكثر عرضة للمخاطرة بشكل مباشر". مشدّداً على ان هذا الامر هو" وجهة نظرنا منذ البداية: نحن مستعدون للقاء إيران في حال كانوا هم على استعداد للقائنا". مضيفاً "أعتقد أنّنا وصلنا إلى النقطة التي يتعيّن فيها اتخاذ بعض القرارات السياسية الأكثر حساسية من قبل جميع الأطراف المنخرطة في المفاوضات، لإحياء اتفاق عام 2015 بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا".
من جانبها، تؤكد طهران انه "لم تجرِ أي مفاوضات مباشرة مع الأميركيين بعد. وعلى الرغم من عملية التفاوض الإيجابية والمتقدمة، فلا تزال هناك قضايا مهمة تحتاج إلى التفاوض والاتفاق عليها" وفق ما جاء على لسان كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني.
وكان الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي قد أكد على ضرورة اثبات جدية الإدارة الأميركية ليبنى على الشيء مقتضاه وقال "أعلن الآن عن إمكانية التفاوض المباشر مع أمريكا إذا ارادت رفع العقوبات الظالمة".
الكاتب: غرفة التحرير