بعد إحكام الجيش واللجان الشعبية لضربات في العمق الإماراتي أصابت مطار أبو ظبي وصهاريج النفط في دبي، بخمس صواريخ بالستية وعدد من الطائرات المسيرة في عملية سُميّت "إعصار اليمن"، تستكمل قوات صنعاء الرد الطبيعي على إصرار الامارات بمشاركتها بالعدوان على اليمن وارتكابها المجازر بحق المدنييين العزل، فقد استهدف اليمنيون في عملية مزدوجة قاعدة "الظفرة" الجوية وأهدافا حساسة أخرى في أبو ظبي بعدد كبير من صواريخ "ذوالفقار" الباليستية، كما مواقع حيوية وهامة في دبي بعدد كبير من الطائرات المسيرة نوع "صماد 3"، بالإضافة الى قواعد عسكرية سعودية.
الرسائل العسكرية والاستراتيجية للجيش واللجان الشعبية من عمليات "إعصار اليمن" تجاوزت العمق الاماراتي، ووصلت أصداؤها الى الكيان الاسرائيلي حيث بدأت تتعالى أصوات أوساط التحليل العبري، تعبيراً عن جدية التهديد التي تمثّله الصواريخ البالستية اليمنية القادرة على ان تطال "إيلات" وجعل 100 كلم من عمق فلسطين المحتلّة تحت النار.
الهجوم اليمني على أبو ظبي يدل على أن "إيلات" ليست محصّنة
كان أنصار الله قد هدّدوا في وقت سابق باستهداف "إسرائيل" بالصواريخ، وأنّ المؤسّسة الأمنية تتعامل مع هذه التهديدات بجدية. هذا ما جاء في هآرتس. وقد اشارت هذه الصحيفة الى أن “الهجوم على أبو ظبي يدل على أن إيلات ليست محصنة أيضاً. هآرتس لفتت أيضا إلى أنّ رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو كان قد صنّف اليمن في وقت سابق على أنه تهديد آخر "لإسرائيل"، مشيرة إلى أنه يمكن الافتراض أنه بعد تصريحاته، تمّ تكثيف الجهود لجمع معلومات استخبارية أخرى في البلاد، مع التركيز على أنصار الله.
تل أبيب تتلمّس مستقبلاً قاتماً: أبو ظبي سترضخ
تشير مصادر صحفية الى أنه كان الهدف الرئيس من عملية "إعصار اليمن" تأديب الإمارات وردعها، بعد عودتها إلى تنشيط دورها العدائي في اليمن، إلّا أنها تُحقّق كذلك أهدافاً أخرى تبدو "إسرائيل" معنيّة مباشرة منها. ومن هنا، تُفهَم التصريحات والمواقف الإسرائيلية الرسمية، التي أكدت "التضامن والوقوف إلى جانب الإمارات" في وجه ما وصفته"العدوان الحوثي"، وهو ما يستبطن إشارة إلى مصالح ذاتية خاصة بالكيان، بات وقوعها تحت التهديد مؤكّداً في أعقاب العملية الأخيرة. والمصالح المذكورة تبدو، في معظمها، محصورة في اتجاهَين اثنَين الأوّل، أن "إسرائيل" كانت تسعى إلى إنشاء حلف استراتيجي مع دول الخليج المُطبّعة معها حديثاً، وتلك غير المُطبّعة إلى الآن، في مواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، والثاني مرتبط بالقدرة التي ثَبتت لدى حلفاء إيران، على استهداف إسرائيل "إن لَزِم الأمر"، عبر وسائل قتالية باتت متاحة وموجودة، في ساحات المواجهة المختلفة. والحديث، هنا، إنّما يدور عن تهديد مركّب، يتعدّى القدرة الإسرائيلية نفسها على صدّه، عبر منظومات الدفاع الاعتراضية التقليدية التي كانت تل أبيب حتى الأمس القريب تتباهى بها.
"إسرائيل" مستعدة لتزويد الإمارات بمساعدة استخبارية وأمنية
بعد يومٍ على هجوم اليمنيين الاول على أبو ظبي، تشير صحيفة "معاريف" العبرية ان رئيس وزراء الاحتلال نفتالي بنيت بعث برسالة إلى ولي عهد الإمارات محمد بن زايد، يعزيه فيها بعد الهجوم، وأن "إسرائيل" ملتزمة بالعمل مع الامارات في الكفاح المستمر ضد جهات "متطرفة" في الشرق الأوسط، وقال"سنواصل الاتحاد معكم من أجل العمل معاً ضد أعدائنا المشتركين".
وقد وصل الاستعداد الإسرائيلي الى طرح تقديم مساعدة استخبارية وأمنية من أجل "الدفاع عن مواطني الإمارات" من هجماتٍ مشابهة. وان الجهات الأمنية الإسرائيلية جاهزة لتزويد نظيراتها في الإمارات بكل مساعدة تُطلب.
"إسرائيل" تتابع بقلق ما يجري في الإمارات وتخشى من هجومٍ مشابه
أعرب مسؤولون أمنيون في "إسرائيل" عن قلقهم إزاء الردود اليمنية بالطائرات المسيرة والتي استهدفت عمق الإمارات، يوم الإثنين، رداً على مشاركتها في التحالف السعودي ضد اليمن. ونقل عن مصدرٍ إسرائيلي قوله إنّ "مصدر القلق يرجع إلى إمكانية القيام بهجوم مماثل على مواقع إسرائيلية بواسطة مسيّرات موجهة ومتفجرة".
ويقول خبراء عسكريون إسرائيليون أجروا اتصالاً مع القيادات العسكرية في الإمارات أنهم عرضوا المساعدة في التحقيق بالحادث، إضافة إلى الخوض في مراجعة حيثيات الحالة للاستفادة من الدروس على نحوٍ يكفل إحباط هجمات مماثلة في المستقبل.
"إعصار اليمن" يكتسح الإمارات ويثير مخاوف "إسرائيل"
من خلال ما ظهر في التداول الإسرائيلي تحديداً، وبما يعكس مخاوف "تل أبيب" من ضربة مشابهة، أدان وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد العملية، ودعا المجتمع الدولي إلى إدانتها، فيما توقَّف مراقبون عند العمليَّة بالدراسة والتحليل، وقالوا: "إنَّ العملية تذكّرهم تماماً بالضربة الاستراتيجية على منشأتي بقيق وخريص التابعتين لشركة أرامكو السعودية"، وأبدوا مخاوفهم وخشيتهم من ضربة مشابهة، باعتبار أنّ من يتمكّن من إيصال النيران إلى الإمارات، قادر على الوصول إلى ميناء إيلات في فلسطين المحتلة، فالمسافة الفاصلة بين اليمن والإمارات تقارب المسافة الفاصلة بين اليمن وإيلات.
ووفق الإعلام العبري، فإن مصادر سياسية وأمنية في الكيان الاسرائيلي تقدّر أنّ السبب المباشر للهجوم هو إعادة تورط الإمارات في الحرب اليمنية، موضحةً أنه في الآونة الأخيرة، عادت القوات الجوية الإماراتية لمهاجمة أنصار الله، وأنّ الحركة تبادر إلى تنفيذ عمليات من دون انتظار موافقة من أي جهة خارجية.
وسط مخاوف من هجوم حوثي مماثل عليها.. هل تزود إسرائيل الإمارات بمنظومات صاروخية دفاعية؟
تبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حسب محلل الشؤون الاستخباراتية "مخاوفها من الجرأة والتطور العسكري لانصار الله الذين بحوزتهم، صواريخ بعيدة المدى، وقوارب متفجرة، وصواريخ تطلق من على الكتف". ووفقا للتقديرات الأمنية الإسرائيلية، فإن الترسانة المتقدمة والمتطورة، التي بحوزة انصار الله الذين يسيطرون على مناطق متاخمة لباب المندب، قد تسمح لهم مستقبلا بتهديد الممرات الملاحية إلى إيلات بالبحر الأحمر والخليج الفارسي.
كما أن "إسرائيل" -التي تراقب تطورات وتداعيات الهجمات التي نفذها الجيش اليمني على أبو ظبي بطائرات متفجرة- تخشى وتتحسب، وفقا للمحللين في الإذاعة الإسرائيلية الرسمية "كان" من احتمال شن انصار الله هجمات مشابهة ضد أهداف إسرائيلية في "إيلات".
الهجوم على أبو ظبي فُرصة "لإسرائيل" لتعميق علاقاتها مع الخليج... لكنه أيضاً إشارة تحذير
إن الهجوم على أبو ظبي فرصة جيدة "لإسرائيل" لمواصلة تعميق علاقاتها الأمنية والتكنولوجية مع هذه الدول الخليجية، وإذا تحقق ذلك، فقد يكون له أيضاً تأثير إيجابي على العلاقات التجارية بين البلدين. إلى جانب إمكان إقامة تحالف قوي مع الإمارات في أعقاب الهجوم، ويجب أن يكون هذا الهجوم بمثابة إشارة إنذار "لإسرائيل"، لقد قطعت الطائرات التي استخدمتها القوات الموالية لإيران مسافة لا تقل عن 1500 كيلومتر، وأظهرت قدرة عملياتية كبيرة وجريئة لا بأس بها.
وهذا يعني ايضا أن منشآت "إسرائيل" الاستراتيجية تقع في نطاق الحوامات الانتحارية، بحسب ما تشير شبكة "الهدهد".
الكاتب: غرفة التحرير