عشية الانتخابات النيابية في أيار 2022، يلف المشهد السياسي اللبناني تساؤلات عديدة نظراً للكثير من المتغيرات المحلية والاقليمية، فدخول المجموعات غير الحكومية الـ NGOs بعد حراك 17 تشرين عام 2019 والتي تدعمها بشكل رئيسي السفارة الامريكية في عوكر، كما الوضع المتأزم والحرج التي تعيشه السعودية في المنطقة نتيجة إخفاقها في تحقيق أهدافها في عدوانها على اليمن المستمر لحوالي الـ 7 سنوات، ومحاولتها تحقيق "انجاز" ما في الساحة اللبنانية لتعويض خسائرها الفادحة على كافة المستويات، تعود السعودية مجدداً على الخط الانتخابي من خلال دعم قوى سياسية حليفة وعلى رأسهم حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير الجعجع حيث كثرت لقاءاته مع سفير الرياض وليد البخاري في الفترة الماضية، خاصة في تلك التي شهدت توترات سياسية وأمنية.
ويبدو ان جعجع قد بدأ الإعلان عن برنامجه الانتخابي من خلال كلامه في مقابلته على قناة "سكاي نيوز العربية" الثلاثاء الماضي في السادس من الشهر الجاري.
لكن فحوى تصريحاته لا تعبّر الا عن نوع من الابتزاز السياسي للشعب الغارق في الازمات الاقتصادية والمعيشية في وقت تخطى فيه سعر صرف الدولار الواحد الـ 33 ألف ليرة لبنانية.
حملة انتخابية على حساب الشعب!
وفي مجمل حديثه دعا جعجع اللبنانيين الى خوض انتخابات "تنتقل الأكثرية الجديدة إلى الجهة التي تريد إنقاذ لبنان وهي ليست "القوات اللبنانية" وحدها بل معها كل من يلتقي مع هذا الهدف وهذا الخط"، محاولة واضحة للتملّص من تاريخ حزب القوات الحقيقي في لبنان، فهو أيضاً من المشاركين في الحكم منذ ثلاثة عقود، وبل كان جزءً رئيسياً من أحزاب الحرب الأهلية في لبنان فيما كان جعجع نفسه أحد زعمائها! وحتى في الأزمات الأخيرة التي يعاني منها البلد، ماذا قدّم فعلياً حزب القوات اللبنانية كحل أو طروحات للحل، بل كان أيضاً شريكاً "مهماً" لإحكام الحصار الأمريكي على لبنان، جسّد أحد أبرز أدواته، فأسماء المسؤولين، المرتبطين بشكل مباشر بالقوات، ارتبطت باحتكار المازوت في أيام اسطفّت فيها سيارات المواطنين بشكل مذل أمام المحطات في طوابير طويلة.
جعجع قال إن انتخاب القوات اللبنانية يعني "انخفاض سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية"، مما يؤكد، ولو بشكل غير مباشر، على مشاركة أياديٍ قواتية في التلاعب بانهيار العملية المحلية، ومن يملك مفاتيح حل الأزمة المالية والنقدية في البلد، ماذا ينتظر الى الآن؟ لماذا يمعن في زيادة حدّة الأزمة على الشعب اللبناني وطول أمدها؟ أو ان هذا الكلام خديعة جديدة للناخب اللبناني!
أما من ناحية تصويب خطابه على حزب الله، فهو عملياً ليس بالجديد بالنسبة للقوات، إنما يثير علامات الاستفهام لناحية تبني الخطاب السعودي الحالي الذي لا ينفك يصف مكوّن أساسي في لبنان "بالإرهابي"، حيث ادّعى جعجع في صلب مقابلته ان "حزب الله وداعش وجهان لعملة واحدة".
وعن مشهد التحالفات السياسية للقوات اللبنانية التي هي جزء من تحالف ما يعرف بـ"14 آذار" في البلد، فيبدو ان الخلافات تعصف ما بين أطرافه، حيث ان تصريح جعجع الذي ادعى فيه "ان الأكثير السنية هم حلفاؤه على المستوى الشعبي لا القيادات"، تبعه رد من أمين عام تيار المستقبل أحمد الحريري اعتبر كلام جعجع تهجّمًا على تياره، وبصريح العبارة وصف الحريري جعجع "بالحليف السابق"، ومع عدم تبلور موقف رئيس تيار المستقبل سعد الحريري من المشاركة او الانكفاء عن الانتخابات، حتى اللحظة، فان الضبابية تلف "14 آذار" وعودته وحجم تأثيره في الانتخابات المقبلة، اما في معلومات من الأوساط اللبنانية المتابعة لسير الانتخابات ونشاطاتها، فتشير الى ان جعجع يحاول التوغّل الى مناطق "الثقل السني" لا سيما في طرابلس.
الكاتب: غرفة التحرير