أتقنت السعودية طيلة 7 سنوات مضت، لعب دور القاتل في حربها على اليمن، بطريقة أسطورية استطاعت فيها ان تنتج أكبر أزمة إنسانية في العالم حسب توصيف اللجنة الدولية للصليب الأحمر. لكن ان تنهي الرياض هذه الحرب على طريقة كوميديّة، فهو ما لم يكن متوقعاً.
بعد حملة ترويج ضخمة، يظن فيها المتلقي انه على موعد مع وثائق دقيقة وأدلة دامغة، كشف المتحدث باسم التحالف تركي المالكي عن مقطع فيديو قصير يظهر حسب زعمه أحد قياديي حزب الله في جلسة مع رئيس هيئة الاستخبارات في الجيش اليمني عبدالله يحيى الحاكم الملقب بـ "أبو علي الحاكم" وهو يتحدث إليه عن وقائع المعركة ومشاركة الحزب مباشرة في الحرب إضافة لحشد كبير من المجاهدين لترتيب الصفوف ومنع سقوط الحديدة.
كمية هائلة من الأخطاء تعصف بهذا المقطع، جعلت من تركي المالكي نفسه موضع سخرية واستهزاء على وسائل التواصل الاجتماعي التي وصفته بالـ "المخرج السيء" عديم الخبرة حتى في الدعاية الإعلامية بعدما فشل التحالف بتحقيق انتصار جدي على الأرض. ويمكن تسليط الضوء على بعض الأخطاء البارزة التي تحتاج إلى فنيين لملاحظتها:
-البدائية بالتعامل مع السلاح: يظهر مقطع فيديو يحمل عنوان "مقر المدربين من حزب الله اللبناني الإرهابي والمتدربين من العناصر الحوثية الإرهابية ومخازن الطائرات المسيرة بمطار صنعاء الدولي" طائرة مسيرة موضوعة على الأرض وسط مكان مخصص للجلوس، كأنها تحفة أثرية وليست سلاحاً.
-اللهجة: ظهر المتحدث في لهجة كان يحاول ان تكون لبنانية، لكنه لم ينجح. واللافت هنا، هو عدم استشارة السعودية لأحد العاملين اللبنانيين بقنواتها وكأنه أعدّ على عجل. حيث بدت هذه السقطة بطريقة فاضحة مضحكة.
-عدم الثقة بالكلام: بدا واضحاً تلعثم المتكلم، وكأنه كان قد حفظ الجمل المطلوبة وقدّم "العرض"، وهذا ما يتعارض بشدة مع طريقة وأسلوب القياديين في حزب الله.
-إظهار شعار "حزب الله" بهذا الحجم على "اللابتوب"، في محاولة لوضع أدلة على وجود قطعي للحزب في البلاد. فليس من المعقول ان يقدم الحزب على وضع هذا الشعار بهذه الطريقة الظاهرة والحجم اللافت وهو المعروف بالسرية القصوى.
ارتد هذا الفيديو سلبياً على الرياض، فبعد ان كانت تحاول فيه التغطية على استهدافها لمطار صنعاء غير المبرر، أصبحت تعترف بفشلها بطريقة غير مباشرة. فبعد ان افلست في تحقيق أي نتيجة ملموسة على الأرض، ذهبت لتفتش عن ذرائع فارغة.
الناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي تداولوا هذا الفيديو الذي انتشر ليس فقط في اليمن بل في لبنان وسوريا والعراق وغيرها في إطار السخرية والاستهزاء. منهم من اعتبر انه لو كان المالكي يستمع لرئيس الوفد اليمني المفاوض محمد عبد السلام لما احتاج لخوض هذه "اللعبة" حيث أعلن غير مرة ان "هناك استفادة من إيران في المجال العسكري، نعم لا ننكر ذلك. وهذا موقف نشكر إيران عليه ونتمنى ان تستمر في هذا الدعم".
سقطت السعودية، وقبلها الامارات في فيلم "الكمين"، لكن الفرق بينهما أن الأخيرة تود أن تبدو أذكى الخاسرين، بالاستعانة بخبرات أجنبية لتلميع صورتها. لكن الرياض تلك التي لم تتعاف دولياً من "الإخراج السيء" لعملية اغتيال الصحفي المعرض جمال خاشقجي، تقف مرة أخرى امام دول المنطقة كأكثر دولة فاشلة في الدعاية السياسية، دعاية سمجة ومسرحية هزلية تشير الى حجم المأزق السعودي والهزيمة التي مني بها لا سيما ان الجيش واللجان الشعبية أطبقوا الحصار على مدينة مأرب الاستراتيجية، ليكون تحريرها الوشيك بمثابة ام المعارك، وقمة السقوط السعودي، بل قد يكون النهاية للحرب على اليمن، والنهاية للتحالف الذي دعمته امريكا واسرائيل وبريطانيا ومني بهزيمة مدوية.
الكاتب: غرفة التحرير