طيلة الفترة الماضية ومنذ انطلاق أولى جولات المفاوضات في العاصمة النمساوية فيينا، كانت الولايات المتحدة تسعى جاهدة لطرح مشروع الصواريخ الإيرانية على طاولة المباحثات وإدراجه كبند في الاتفاق النووي الجديد، لكن الجمهورية الإسلامية لم تكتف برفض هذا الطرح، بل ذهبت إلى ترسيخ حقها بامتلاك ترسانتها الصاروخية كأي دولة ذات سيادة، خاصة بعد التهديدات المتزايدة من كيان الاحتلال، والذي حرّض الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للانسحاب من الاتفاق النووي عام 2015 ويبذل قصارى جهده للحؤول دون عودة الرئيس جو بايدن إليه مع تبنّي الخيار العسكري كحل مثالي، وهذا ما أعلنه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ خلال لقاءه مستشار الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان ان "إيران قنبلة موقوتة يجب تحييدها مع اتفاق نووي أو بدونه".
ضمن هذا الإطار، أجرى "حرس الثورة" أول عملية إطلاق لصواريخ كروز الدقيقة والمتوسطة المدى من سفينة حربية، ضمن مناورات "الرسول الأعظم الـ 17"، إضافة لتنفيذ عمليات جوية للطائرات المسيرة.
وفي تفاصيل المناورة، فقد تم إطلاق صواريخ كروز بحرية من منصات مثبتة على الساحل وأخرى على السفن، حتى يكن بإمكانها إصابة الهدف المحدد في عرض البحر بوقت واحد.
وقد تضمنت المناورة التي تجري في 3 محافظات جنوبي الجمهورية الإسلامية: خوزستان، بوشهر وهرمزغان، اختباراً للدفاعات الجوية ووضعها في اعلى درجات الجهوزية. وحسب مساعد القائد العام للحرس الثوري لشؤون العمليات العامة العميد نيلفروشان، فإن هذه المناورات "تأتي في سياق رفع مستوى الجهوزية القتالية لحرس الثورة، من خلال محاكاة واحدة من أحدث الخطط الهجومية في الحروب التركيبية، والتي تتشابك فيها الحروب الخشنة وشبه الخشنة والناعمة. حيث ستقوم قوات الحرس الثوري البرية والبحرية والجوفضائية بمتابعة من المنظمة السيبرانية الالكترونية، بتنفيذ عمليات هجوم وتوغل على المستوى الاستراتيجي للعدو المفترض، وتدمير مصادر هجماته".
قائد القوة البحرية في "حرس الثورة" الأدميرال علي رضا تنكسيري أشار على هامش المناورات، إلى إنّ "تصنيع صواريخ كروز البحرية يتم داخل إيران وعلى أيدي علمائنا الثوريين، وتتمتع هذه الصواريخ بقدرة التخفّي عن الرادار". مضيفاً أنّ "صواريخ كروز مقاومة للحرب الالكترونية، وقادرة على تحديد الهدف في الظروف الصعبة، ودقيقة الإصابة للهدف، ويمكن تسليحها برؤوس حربية خلال فترة قصيرة، وتحمل رادارات خاصة حديثة أكثر تطوراً من سابقاتها". أما عن التهديدات المتزايدة صرّح تنكسيري في اليوم الثاني للمناورات، انّ "الخليج بيتنا، وهو مكان للسلام والاستقرار، ومن يعرّض منطقتنا ومصالحنا للخطر فسيتلقى رداً حاسماً"، مضيفاً ""قمنا بـ16 عملية صباح اليوم بصورة ناجحة".
توازياً مع ما تشهده المفاوضات النووية في فيينا والتي انتهت الجولة السابعة فيها بأجواء حذرة، والتي من المتوقع أيضاً ان تسود الجولة الثامنة المنوي عقدها يوم الاثنين القادم 25 كانون الأول من جهة، إضافة لإصرار كيان الاحتلال على اللجوء إلى الخيار العسكري المحدود من جهة أخرى، بغية اضعاف المشروع النووي الإيراني حسب زعمهم. امام هذا المشهد، سيصبح واضحاً القصد وراء ما جاء على ما جاء على لسان قائد حرس الثورة في إيران اللواء حسين سلامي "ما يفصل بين العمليات العسكرية الحقيقية والتدريبية هو تغيير زوايا إطلاق الصواريخ فقط".
الكاتب: غرفة التحرير