يحاول الكثيرين ممن كانوا في صف أعداء سوريا، خلال شن الحرب عليها منذ العام 2011، لا سيما بعض الصحافيين اللبنانيين ووسائل إعلام خليجية وأولها قناة العربية وصحيفة الشرق الأوسط، الإيحاء بأن عودة العلاقات العربية مع دمشق، ستكون مشروطة بتنفيذ الدولة السورية لعدة خطوات، ضمن ما يسمى بـ"وثيقة التطبيع العربي"، وأول هذه الشروط ستكون بانسحاب "القوات الإيرانية" من البلاد. في مسعىً منهم لحجب حقيقة انتصار سوريا أولاً، كما عبر عن ذلك الأمرين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله من جهة، ولمحاولة زرع الشقاق والفتنة بين أطراف محور المقاومة من جهة أخرى.
لكن التدقيق فيما ورد من بنود لهذه الوثيقة، سيلاحظ بأنها لم تعبر سوى عما تريده الدولة السورية من خطوات، تؤكد على انتصارها من جهة وحقوقها السيادية من جهة أخرى. فانسحاب ما أسموه (الإعلام الخليجي) القوات الإيرانية ما هو إلا بند في المرحلة الأخيرة ويقول "الحد من النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سوريا". بينما تطالب الوثيقة بانسحاب كل القوات الأجنبية وأولها الجيش الأمريكي، الذين دخلوا بعد العام 2011. مع الإشارة هنا الى أن الوجود الإيراني منذ ما قبل الحرب، كان وما يزال وجوداً استشارياً، بهدف مساعدة القوات المسلحة السورية على تحرير البلاد من التنظيمات الإرهابية، وضمان استقرار الامن في المناطق المختلفة.
أما بالنسبة لحزب الله فقد أعلنت قيادته مراراً وتكراراً، أن قواتها الموجودة في سوريا هي بطلب من حكومة البلد، وتبقى في تصرفها وما تقرره مستقبلاً لناحية بقاء هذه القوات من عدمه.
فما هي أبرز النقاط التي وردت في جدول مراحل تنفيذ هذه الوثيقة؟
وعلى الرغم من أن هذه الوسائل الإعلامية لم تؤكد إن وافقت القيادة السورية على هذه الوثيقة، إلا أن استعراض بنودها يكشف بوضوح زيف ادعاءاتهم. أما أبرز النقاط:
_ تبدأ المرحلة الأولى بـضمان وصول المساعدات الإنسانية والاتفاق على تدفقها عبر الحدود مقابل تسهيل قوافل الأمم المتحدة عبر الخطوط داخل سوريا، وإرسال المساعدات الصحية إليها.
_ المرحلة الثانية تهيئة الدولة السورية للبيئة المؤاتية لعودة النازحين واللاجئين الآمنة، ومنح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حق الوصول الكامل إلى المناطق المعنية، بما في ذلك ضمان "عدم اضطهاد العائدين وتسهيل عودة النازحين إلى ديارهم". أما المقابل فسيكون خطوات غربية تشمل اعتماد خطط للمساعدة المالية المرحلية للسوريين الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة الدولة وبالتنسيق معها، من خلال زيادة المساعدات وتمويل مشاريع الإنعاش المبكر ومشاريع إرساء الاستقرار، والإشراف على تنفيذها، وتمويل برامج التعافي المبكرة المخصصة لمساعدة النازحين واللاجئين على العودة إلى ديارهم ومدنهم.
_ المرحلة الثالثة، تطبيق القرار 2254 والمشاركة الإيجابية من قبل الحكومة في اللجنة الدستورية، والإفراج عن المعتقلين والسجناء السياسيين، وتحديد مصير المفقودين والاتفاق على مسار سياسي شامل يؤدي لإجراء الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، ويوصل إلى تشكيل حكومة شاملة في البلد.
في المقابل، توافق الدول العربية والغربية على التخفيف التدريجي لإجراءات الحصار المفروض على سوريا. بما في ذلك تسهيل التجارة، ورفع العقوبات عن القطاعات العام (البنك المركزي، المؤسسات الحكومية، المسؤولين الحكوميين، القطاعات المختلفة). وإجراء تقارب دبلوماسي تدريجي يؤدي لاستعادة العلاقات مع سوريا، وإعادة فتح البعثات الدبلوماسية فيها وفي العواصم المعنية، وتسهيل عودتها للمحافل الدولية واستعادة مكانتها في جامعة الدول العربية.
_ المرحلة الرابعة تشمل مكافحة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية، والتعاون في التصدي لها في كل المناطق بما في ذلك (شرق سوريا، والبادية)، والتعاون في مواجهة المقاتلين الأجانب والتنظيمات الإرهابية عبر تبادل المعلومات الأمنية. ووقف ما سموه "أنشطة الجماعات المتطرفة المرتبطة بإيران واستفزازاتها للطوائف السنية والأقليات العرقية في سوريا".
أما في المقابل ستقدم هذه الدول التعاون مع الدولة السورية وروسيا من أجل مكافحة الإرهاب في شمال غربي سوريا، ومكافحة العناصر الإرهابية في شرقها بالتنسيق بين النظام وقوات قسد. وتمويل مشاريع إرساء الاستقرار والتعافي المبكر في المناطق المحررة من تنظيم داعش والخاضعة لسيطرة الدولة.
_ المرحلة الخامسة، تتم من خلال الإعلان عن وقف إطلاق نار شامل في جميع أنحاء البلاد، وانسحاب جميع العناصر "غير السورية" من خطوط المواجهة، ومن المناطق الحدودية مع دول الجوار. عندها سيتم إعلان وقف العمليات العسكرية الكبرى، وإعلان وقف إطلاق النار شامل، ووقف جميع العمليات العسكرية بما فيها القصف الجوي والغارات. والتزام الشركاء على الأرض في سوريا والحلفاء الإقليميين (بما فيهم تركيا) وقف إطلاق النار المعلن في جميع أنحاء البلاد.
_ المرحلة السادسة والأخيرة، انسحاب جميع القوات الأجنبية، والمشاركة الإيجابية مع البلدان المجاورة لسوريا والالتزام باستقرار وأمن الإقليم، وأيضاً الوفاء بالالتزامات بموجب منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، والحد مما سموه بـ"النفوذ الإيراني في أجزاء معينة من سوريا"، وانسحاب جميع القوات والمقاتلين الأجانب لما بعد عام 2011، وانسحاب القوات الأمريكية وقوات ما يسمى بالتحالف من المنطقة الشمالية الشرقية ، بما فيها من قاعدة التنف.
وفي المقابل يتم فتح قنوات التنسيق بين الجيش السوري والأجهزة العسكرية والأمنية في دول الجوار لضمان أمن الحدود معها.
الكاتب: غرفة التحرير