أطلقت انتفاضة الأقصى الأولى عام 1987 شرارة حركات المقاومة التي حملت فكراً أكثر إيماناً بقتال كيان الاحتلال بكل السُبل والطرق حتى تحرير كامل الأراضي الفلسطينية، ثم تبعتها الانتفاضة الثانية عام 2000 لتكون الانعطافة النوعية في أساليب التصدي لهذا الاحتلال، وضرورة العمل على تحشيد الإمكانات العسكرية.
وكانت حركة حماس بجناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسّام من أوائل الذين وصلوا الى الصناعة الصاروخية في قطاع غزّة رغم الظروف الأمنية الصعبة حيث كان لا يزال الاحتلال في القطاع وينتشر في مواقعه العسكرية، وعملت كوادر الكتائب على تطوير الصواريخ المحلية من ناحية زيادة في المدى والقدرة التدميرية وزنة الراس الحربي المتفجّر.
ونجحت القسام في تأسيس بنية تحتية للصناعة العسكرية واستحدثتها لاحقاً بالوسائل التكنولوجية، ووصلت الى الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى وأكثر من 10 أجيال معلن عنها قادرة على تجاوز القبّة الحديدية ووضع كل "قلاع الاحتلال المحصّنة" تحت مرمى النيران.
وأثبت هذه الصواريخ، وآخرها "عيّاش 250" الأكثر تطوراً الذي دخل الى الخدمة الميدانية في معركة "سيف القدس"، أنها السلاح الاستراتيجي الذي غيّر موازين القوّة من داخل فلسطين المحتلّة.
وهذه الصناعة المتطورة والنوعية، كانت قد بدأت بالصارخ الأول "قسّام1"، بمدى قصير لا يتجاوز الـ 3 كلم أطلق لأول مرّة في 26 تشرين الأول عام 2001 على مستوطنة "سديروت" في غلاف غزّة، واعترفت الأوساط الإسرائيلية آنذاك بأنه "الصاروخ البدائي الذي قد يغير وجه الشرق الأوسط".
صاحب الصاروخ الأول
وتنسب فكرة صاروخ "القسّام" الى القائد العسكري نضال فرحات، بالتعاون مع أفراد أخرين في الكتائب، وكما فكرة تصنيع الطائرات المسيرة.
وللشهيد فرحات شارك في الانتفاضة الأولى حيث انضم الى حركة حماس وجناحها العسكري:
_ وعمل على تطوير وتعزيز القدرات القتالية لكتائب القسام وتخصصاتها المتنوعة.
_ وأيضاً شارك في عملية الرد على اغتيال الاحتلال للشهيد عماد عقل (أحد مؤسسي كتائب القسام)، التي أدت الى قتل ضابط في المخابرات الإسرائيلية.
_ ونقل الشهيد صاروخ "القسام" في الضفة الغربية بالإضافة الى إرسال تقنيات صناعته الى أفراد الكتائب عبر الفاكسات والهواتف حيث بعث إليهم العديد من الرسومات البيانية والخرائط التفصيلية التي توضح صناعة الصواريخ والمتفجرات.
_ كان فرحات يواصل عمله في محاولة تجهيز أول طائرة بدون طيار "ابابيل1" فبيل استشهاده واستكمل إنجازها لاحقاً وأعلنت عنها كتائب القسام عام 2014 في معركة العصف المأكول.
استشهاده
كان الاحتلال ينظر بعين القلق الى هذه المجموعات الأولى التي بدّلت مشهد الصراع وقلبت كل الموازين، فكان لابدّ، بالنسبة له، من اغتيال هؤلاء القادة لما سيشكلوه من خطر على "المشروع الإسرائيلي". وفي عملية أمنية معقدّة، استهدفت استخبارات الاحتلال بالتعاون مع عملاؤها نضال فرحات بعبوة ناسفة في المكان الذي كان يعمل فيه في وحدة التطوير والتصنيع. وكان الشهيد قد اعتقل أكثر من ثماني مرات على خلفية نشاطاته العسكرية والمقاومة.
الكاتب: غرفة التحرير