"أطلقوا الرصاص على رؤوس مقاتلي الجهاد الإسلامي أكثر من أي مكان آخر في أجسادهم، ليس فقط لقتلهم وإنما لتفجير هذا الرأس وهذا العقل الذي حمل فكرة كهذه"، هذا ما نشره الاعلام العبري عن توصيات ضباط الشاباك لجنود القوات الخاصة الاسرائيلية.
وانطلاقاً من هذه التوصيات، يفضح الاحتلال بنفسه حجم قلقه من الخطر الذي كانت قد شكلته حركة الجهاد الإسلامي ونشاطاتها في فلسطين على "وجوده"، وهذا الفكر المقاوم الذي أسس له المفكر الدكتورالشهيد فتحي الشقاقي منذ الثمانينيات، وأيقظ المبادئ بين أفراد وكوادر الحركة، فيذكر رفيقه الدكتور رمضان عبد الله ان غرفته (أيام دراسته الطب في الجامعة) كانت "ورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا".
ولم يكن دور الشهيد الشقاقي يقتصر على استنهاض قتال الاحتلال في فلسطين فقط بل لطالما عبّر عن طموحاته في توحيد الامة العربية والإسلامية للتصدي للمشروع الغربي حيث قال "إن خطنا الإستراتيجي أن يستمر جهادنا حتى تصحو الأمة وتوحد صفوفها وتستثمر طاقتها ولو جزء منها في معركة المصير ضد العدو الصهيوني والنفوذ الغربي"، كما رؤيته الجهادية التي تقضي بالحرب الشاملة على الاحتلال على المستوى الثقافي والفكري والاقتصادي والأمني والعسكري.
وتعترف الأوساط الإسرائيلية بأن الشقاقي "قام بإضافة شكل جديد للنشاط الفلسطيني أكثر عسكرية ويعتقد ان فلسطين لن تحرر الا بالكفاح المسلّح شديد الوقع على إسرائيل"، لذلك وضع الاحتلال الدكتور الشقاقي على ما يسمى بـ "اللائحة الحمراء"، ما يعني ان القرار باستهدافه قد اتخذ، وبحسب الأوساط الإسرائيلية فإن الاحتلال يدرج على هذه اللائحة أسماء أشخاص إما قتلوا جنوداً إسرائيليين، أو أنهم سيشكلون في المستقبل "خطراً على أمن إسرائيل".
وقد أوكلت مهمة اغتيال الشقاقي الى الوحدة الخاصة في موساد الاحتلال "كيدون".
وحدة "كيدون":
وحدة أمنية تابعة لجناح الموساد، مهمتها تنفيذ عمليات الاغتيال الخارجية (خارج أراضي فلسطين المحتلّة)، ومتخصصة لعدم ترك أثر وراءها، وتعتمد أسلوبين رئيسيين في عملها، إما القتل بالرصاص المباشر أو بدس السّم للشخصيات المستهدفة.
وذكرت صحف بريطانية في كانون الأول 2010 أن الوحدة تضم 40 مقاتلاً، خمسة منهم على الأقل نساء، ومعظم المقاتلين في العشرينات من العمر، وأن قاعدتها تقع في مكان ما في صحراء النقب في فلسطين المحتلة. ويعمل الجنود الإسرائيليين فيها تحت أسماء مزورة وعند أي عملية يخترعون أربعة أسماء خيالية بحيث تحاول الاحتلال الإبقاء على هوية المنفذين مجهولة.
كيف اغتالت "كيدون" الدكتور الشقاقي؟
بحسب أوساط الاحتلال، وأثناء تواجد الدكتورالشقاقي في جزيرة مالطا عام 1995، وهو عائد الى الفندق الذي كان يقيم فيه لأيام قبل عودته الى مقر إقامته في دمشق، سائقان (وهم جنديان إسرائيليان تابعان لـ"كيدون") أطلقا خمس رصاصات من نوع "البارابيلوم" من عيار 9 ملم، وهي عبارة عن خرطوشة أسلحة نارية مدببة بدون إطار، وهي قصيرة المدى تقتل "الهدف" دون إصابة آخرين. واستقرت الرصاصات كلها في رأس الشهيد، ما يعني ان الوحدة أرادت التأكد من قتله، وكانت غواصة في البحر تنتظر الجنديين لتعيدهما الى فلسطين المحتلّة.
الفشل الأمني للوحدة
على الرغم من أن الاحتلال يصنّف "كيدون" بالوحدة الأمنية والسرية ألا انه تم اكتشاف مسؤوليتها عن تنفيذ العمليات عدّة مرّات ليس فقط في عملية الشهيد فتحي الشقاقي، بل أيضاً اتهمت باستهداف قيادات من حركة حماس من بينهم خالد مشعل (أحد مؤسسي حماس) ومحمود المبحوح (قيادي في كتائب القسّام)، بالإضافة الى الشهيد القائد في حزب الله عماد مغنية عام 2008 في سوريا، وآخر عملية اتهمت فيها العام الماضي كانت اغتيال عالم النووي الإيراني الشهيد محسن فخري زادة، ولكن مع إدخال تقنيات تكنولوجية وذكية أكثر تطوراً.
الكاتب: غرفة التحرير