واحد وعشرون عاماً على انتفاضة الأقصى الثانية التي برّزت قادة من حركة الجهاد الإسلامي لا سيما في الضفة الغربية المحتّلة، وكان الشهيد إياد صوالحة – من مدينة جنين -واحداً من أفراد سرايا القدس الذين أدخلوا استراتيجيات عسكرية وأساليب جديدة في مقاومة ومواجهة كيان الاحتلال، حتّى اختتم مسيرته النضالية بلقبين شَهِدا على نجاحاته الميدانية.
مهندس السيارات المفخخة
بدأ عمله الجهادي عام 1992 وكان مطلوباً للاحتلال إبان الانتفاضة الأولى وحكم عليه بالسجن المؤبد لاشتراكه بتصفية عملاء للاحتلال، قضى منه سبع سنوات تنقل خلالها الى العديد من السجون وتعرّض فيها لوحشية تعذيب الاحتلال وعزله بشكل فردي حتّى تم الإفراج عنه ضمن اتفاق "أوسلو " بين السلطة والكيان وأقام خلال فترة اعتقاله علاقات قوية مع أفراد حركة الجهاد الإسلامي في سجن "عسقلان"، وانضم بعدها إلى صفوف سرايا القدس مع بداية انطلاقة انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000.
وكانت من أهم العمليات العسكرية النوعية التي خطط لها الشهيد صوالحة هي تجهيز شاحنة (جيب) بنصف طن من المتفجرات كانت بطريقها لاستهداف منشأة للغاز في" تل أبيب" قبل ان يكتشفها الاحتلال في اللحظات الأخيرة، وقال وقتها رئيس وزراء الاحتلال شمعون بيريز "لو تمت العملية لغيّرت خريطة الشرق الاوسط". وكانت بعدها عملية في مدينة مجدو حيث جهّز صوالحة الاستشهادي حمزة السمودي ليفجر جسده وسط مجموعة من الجنود والضباط الإسرائيليين ويوقع 20 قتيلا وأكثر من 100 إصابة في جنود الاحتلال. وقد نفّذ عملية "كركور" التي قتل فيها أكثر من 14 جندياً اسرائيلياً، كما كان المسؤول عن العملية النوعية التي استدرج خلالها الاستشهادي مراد أبو العسل ضباط جهاز الاحتلال الشاباك في عملية معقدة وفجّر نفسه.
مخترق الشاباك
كان للشهيد عقليّة أمنية مميّزة مكنته من النجاح بإخفاء هويتّه وشكله حتّى عن المقاومين الذين لم يعرفونه الا باسم "أبو شقارة"، وحافظ على دائرته مغلقة وكما ابقى على أماكن تواجده وسكنه سرّية، الأمر الذي أفشل قوات الاحتلال وأجهزتها الاستخباراتية في الوصول إليه إلا بعد فترة طويلة من المطاردة، حيث قامت قوات الاحتلال بمحاصر جنين لـ14 يوماً، وهدّدته بتسليم نفسه عبر مكبرات الصوت إلا أنه رفض، فاقتحم الاحتلال المدينة بحملة عسكرية ضخمة اطلق عليها اسم " اجتياح الألوان" واستشهد إياد صوالحة في تشرين الثاني عام 2002، بعد أن حاصرت وحدتي غولاني ودوفديفان (وهما من وحدات النخب في جيش الاحتلال) المنزل الذي كان يتواجد فيه في حي القصبة في مدينة جنين، وخاض معركة حاسمة بالقنابل اليدوية وسلاحه الرشاش ورفض خلالها الاستسلام. وكان الاحتلال قد هدم منزل أسرته واعتقل أمه وشقيقته للتحقيق معهم والضغط على إياد بتسليم نفسه.
وكان الاحتلال قد طارده لأكثر من مرة، وفي حين تواجده في بلدة جبع جنوب جنين حلّقت طائرات الاحتلال، ورمت القنابل الضوئية في مكان تواجده لكنه خدع الاحتلال وعبر تشغيل جهازه الخلوي ضلّل الطائرات وذهب في اتجاه آخر.