منذ شهر تموز الماضي ينتظر لبنان وصول النفط العراقي، وعلى أساس ان كل الخطوط والترتيبات التقنية جاهزة بين لبنان والعراق، والدفع أيضاً بالليرة اللبنانية، لكن هذا النفط تأخّر بسبب "ترتيبات وتدابير فنية من الجانب اللبناني" بحسب ما أشار اليه المتحدّث باسم الحكومة العراقية حسن ناظم، وإن كان "الجاهز" قد استغرق كل هذا الوقت، فكم يستلزم استجرار الغاز المصري الى لبنان في ظل ترتيبات معقدة؟
ففي تصريحات وزراء الطاقة للدول الأربعة لبنان وسوريا والأردن ومصر، عقب اجتماعهم في العاصمة الأردنية عمان، تبرز نقاط يجب التوقف عندها:
_ تحتاج البنى التحتية، لخطوط الكهرباء وأنابيب الغاز، التي تربط الأردن بسوريا ومنها بلبنان، الى تصليحات و"إعادة كشف"، يجب القيام بها، وهي مسألة ستأخذ وقتاً طويلاً (بعض الأوساط تشير الى 6 أشهر)، نظراً لمساحتها البالغة 144.5 كم. وهذه البنى التحتيّة هي نفسها التي عملت واشنطن على تدميرها في الحرب التي رعتها ودعمتها لسنوات ضد سوريا. بالإضافة للوقت والصعوبة لتأمين بعض المستلزمات الضرورية لإجراء التصليحات بسبب الحصار الأمريكي.
_ من الناحية اللبنانية، فان أنابيب الغاز تحتاج أيضاً لإصلاحات وترميم، وليس هنالك اليوم إحصاء فعلي وجدي عن التكلفة المالية التي تستلزمها هذه الإصلاحات، كما ليس واضحا ما هي المدة الزمنية الكافية للانتهاء منها.
_ إن استقدام الغاز المصري الى لبنان لن يكون عبر هبة أمريكية، انما ستُلزم واشنطن لبنان بالاستحصال على قرض من البنك الدولي وبالدولار. هذه العملة النادرة في لبنان التي يعاني من شُحها اللبنانيون، بفعل الحظر والسياسات الممنهجة للإدارات الامريكية المتعاقبة والتي تنفذها سفارتها في عوكر مباشرة، أو عبر أدواتها وعملائها المحليين. فهل سيكون الوجه الاخر لتسهيلات واشنطن في الحصول على هذا القرض، هو مزيد من اغراق لبنان في الدين وبالعملات الأجنبية؟
_ حتى لو قدّمت الولايات المتحدة موافقات استثنائية لمنح القرض وتسديد كلفة الغاز المصري، فلابد من مفاوضات ومباحثات طويلة مع صندوق النقد الدولي التي ستستنزف الكثير من وقت اللبنانيين.
_ ان وضع خطة العمل من استجرار الغاز ستأخذ الأسابيع الثلاثة القادمة حتى تنجز وتقيم، وأيضاً بعض الإجراءات الإدارية الرسمية قد تستغرق وقتاً، لاسيما بأن "قيصر" هو من قد يعرقل بعض النقاط في المباحثات القادمة بين الأطراف المعنيّة لكل من الدول الأربع.
إذا، ما تعتبره واشنطن "مبادرة" لقطع الطريق على السفن الإيرانية، وهي بالأساس العامل الذي أجبرها على تغيير سياستها و"السماح" بما كان محظوراً على لبنان أن يُقدم عليه بمبادرة لا تشرف عليها واشنطن ولا تفرض فيها شروطها، لن يكون للبنان، الغارق في أزماته على كل الأصعدة، ترف الوقت الطويل للانتظار، وبالتالي فإن خيار السفن الإيرانية يبقى الخيار الأنسب والأسرع للمساهمة بحل لبعض مشاكل لبنان على صعيد الطاقة الكهربائية والمحروقات، ويلمس اللبنانيون مرة أخرى ان ايران هي الدولة الصديقة التي مدت يد العون، فيما أمريكا هي من يفرض الحصار والحظر على لبنان واللبنانيين، من هنا يصح القول "ما بعد السفن الإيرانية ليس كما قبلها".
الكاتب: غرفة التحرير