تعاقد مجلس الوزراء العراقي مؤخراً، مع شركة علم أركان السعودية، من أجل تنفيذ نظام مروري إلكتروني متكامل. حيث خول المجلس وزارة الداخلية التعاقد مع هذه الشركة بأسلوب B.O.T، ما يدل على أنها ستتمكن من السيطرة والإشراف على حركة النقل في البلاد بشكل كامل ولمدة زمنية طويلة.
هذا الأمر، دفع بالعديد من القوى السياسية لإعلان رفضهم لهذا التعاقد، نظراً لما يسببه من مخاطر على أمن العراق، ومنهم زعيم تحالف الفتح هادي العامري الذي توعد بالضغط لعدم إتمام هذه الاتفاقية. مبيناً أن تسليم هذه الشركة السعودية كل بيانات المرور والمركبات أمر غير مقبول ويعد خرقاً أمنيا، واصفاً هذه القضية بالأمنية الحساسة، التي لا يتم التعامل معها بهذا الشكل.
وكان لحركة عصائب أهل الحق أيضاً موقفها الرافض لهذا الموضوع، حيث وجه عضو المكتب السياسي للحركة سعد السعدي انتقاداً لرئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، قائلا: لا نعرف إلى أين يريد أن يصل بالعراق نتيجة القرارات والصفقات التي يقوم بها؟ مضيفاً بأن السعودية لم تقدم أي بادرة حسن نية تجاه العراق، بحيث لا يزال الإرهاب ينطلق منها. ومؤكداً على اعلان تحالف الفتح رفضه بشكل قاطع، لعقد هذه الصفقة.
المخاطر الأساسية
إن الموافقة الحكومية على التعاقد مع هذه الشركة السعودية، وفي موضوع يتعلق بجانب الأمن القومي العراق، يعد خطأً سيادياً بامتياز لما يحمله من مخاطر على هذا الصعيد أبرزها:
1)تسليم معلومات المواطنين والمقيمين في العراق لشركة خارجية، قد تقوم بإفشائها لأجهزة استخباراتية أمريكية أو إسرائيلية، أو أقله لجهاز استخبارات دولتها. عندها من لا يضمن أن تكون هذه المعلومات منطلقاً لتنفيذ هذه الأجهزة عمليات ضد أمن العراق وسيادته، وربما قد تصل أيضاً لجماعات إرهابية فتساعدها في التخطيط لعملياتها.
2)هذه العقود يتم من خلالها السماح للشركة بوضع كاميرات مراقبة متطورة، تتيح لها مشاهدة الطرق الأساسية والفرعية والتحكم بها على كامل أراضي البلد. ما يفتح أمامها مجال مشاهدة كل تحركات القوات العسكرية المختلفة، من جيش وأجهزة شرطة وحشد شعبي.
3)التحكم في حركة المرور، سيجعل الشركة قادرة على توجيه حركة سير المركبات بمختلف أنواعها، كما تريد وبشكل مستقل عن أي توجيه من قبل السلطات المحلية.
4)قد تستعين هذه الشركة بتطبيقات وبرامج ومعدات تكنولوجية، تشبه تلك التي استعانت بها إمارة أبو ظبي الإماراتية في منظومتها المرورية "عين الصقر"، الأمر الذي سيدخل العراق الى خانة الدول المطبعة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير رسمي. خاصة وأن السعودية دائماً ما تستعين بإسرائيل تكنولوجياً، وأبرز مثال ظهر مؤخراً قضية التجسس عبر فايروس"بيغاسوس".
منظومة المشروع الوطني هي الحل
لم يكن رفض تحالف الفتح لهذا التعاقد في سبيل رفض أي محاولة لتنظيم القطاع المروري، بل من خلال تقديم بديل آمن، وهو "منظومة المشروع الوطني" التي تسد الحاجة لاستقدام أي شركة أجنبية.
وتمتلك هذه المنظومة الوطنية العديد من المميزات:
_ بنيت هذه المؤسسة الكاملة بشكل تدريجي ومدروس، وبرامجها حصرية بالعراق، لأنها جهزت حسب المتطلبات والقوانين والاتفاقيات فيه.
_ كافة الوثائق الصادرة عن مديرية المرور فيها معترف بها دولياً.
_ امتلاك هذه المنظومة للمعلومات سيحافظ على الجانب السيادي، ولن يشكل خطراً على أمن البلد لأنها محصنة بشكل فعال جداً.
_ توفير العوائد المالية التي قد تجنيها هذه الشركة خلال سنوات العقد، لصالح الخزينة العامة مباشرة.
الكاتب: غرفة التحرير