كان العام 2021 مليئاً بالأحداث المهمة والأساسية في العراق، التي ستؤثر بلا شك، على مستقبله خلال الأعوام المقبلة، بل وربما تؤثر أيضاً على مسيرة البلاد خلال العقد المقبل بأسره.
ومن هذا المنطلق نستعرض أبرز وأهم الأحداث فيه:
_ مواصلة الولايات المتحدة الامريكية لجهودها المناهضة لمؤسسة الحشد الشعبي:
في مطلع العام، فرضت وزارة الخزانة الامريكية عقوبات على رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، ورئيس أركان الحشد عبد العزيز المحمداوي "أبو فدك"، الأمر الذي يؤكد الرغبة الأمريكية بمعاقبة مؤسسة رسمية، كانت رائدة في قتال تنظيم داعش الوهابي الإرهابي. وقد أعربت الخارجية العراقية حينها عن استغرابها لهذه العقوبات.
_ عودة تنظيم داعش لتنفيذ عملياته الإرهابية:
في أواخر شهر كانون الثاني، استشهد 32 مواطنا عراقيا، فيما أصيب 110 اخرون، جراء عمليتي تفجير انتحارية وقعتا في ساحة الطيران ومنطقة الباب الشرقي وسط بغداد. وأكدت هذه العمليات حينها، أن داعش سوف تعود لتنفيذ عمليات انتقامية عديدة، كما أكدت على وجوب مضاعفة القوات الأمنية لجهودها، في مكافحة الخلايا النائمة لهذا التنظيم. وقد تصاعدت عمليات داعش طوال العام، كما تنوعت أساليبها من تفجير واختطاف أشخاص مدنيين وعسكريين، وحتى في استهداف الأبراج الكهربائية في ذروة أوقات الحاجة اليها خلال شهر آب.
_ تصاعد عمليات المقاومة ضد الوجود الأمريكي
منذ بداية هذا العام، تصاعدت عمليات مجموعات وفصائل المقاومة العراقية، ضد الوجود العسكري الأمريكي، بحيث استهدفت قواعد له في مطارات: بغداد (قاعدة فكتوري – النصر)، أربيل (الجناح الأمريكي)، قاعدة عين الأسد الجوية، قاعدة بلد الجوية، حرير في إقليم كردستان.
وتنوعت تكتيكات الهجوم، عبر الطائرات المسيرة الانتحارية والصواريخ، كما ومن خلال العبوات الناسفة التي استهدفت الارتال اللوجستية.
وتأتي هجمات المقاومة هذه، تحت إطار تنفيذ ما قد أقره البرلمان العراقي مطلع العام 2020، بوجوب انسحاب القوات الامريكية العسكرية من البلاد.
_ تصاعد العمليات الأمنية والعسكرية ضد داعش
فقد حفل هذا العام، بتزايد وتيرة العمليات الأمنية والعسكرية ضد خلايا داعش، فقد استطاعت ألوية الحشد وأجهزة الاستخبارات ووحدات الجيش العراقي من تنفيذ العديد من العمليات، واعتقال أهم قيادات التنظيم أبرزهم نائب البغدادي والمسؤول المالي سامي جاسم الجبوري، ووالي بغداد، بالإضافة الى اعتقال أو قتل العشرات من الأفراد.
كما نفذت هذه القوات بشكل مشترك عدة عمليات ضد أوكار التنظيم أبرزها في صحراء الانبار وفي منطقة جبال حمرين.
_زيارة البابا فرانسيس الأول
شهدت البلاد في بداية شهر آذار، زيارة تاريخية لرأس الكنيسة الكاثوليكية بابا الفاتيكان فرانسيس الأول. وقد استغرقت الزيارة حوالي ثلاث أيام، زار فيها البابا العديد من المناطق، والتقى خلالها المسؤولين السياسيين وفي مختلف الطوائف. أما المحطة الأبرز في زيارته، فكانت لقاءه المرجع السيد علي السيستاني في مدينة النجف المقدسة، والذي تخلله العديد من المواقف المهمة للسيد السيستاني الداعمة لقضايا الأمتين العربية والإسلامية.
_ إجراء الانتخابات النيابية المبكرة
أما الانتخابات النيابية المبكرة، فكانت من أهم الأحداث المفصلية والمنتظرة، من قبل الأطراف السياسية الداخلية، ومن قبل الدول الإقليمية وحتى الدولية. حيث كانت أمريكا تسعى بأن تكون النتائج في صالح أطراف قريبة منها، ترعى مصالحها ونفوذها في العراق.
كما أن نتائج الانتخابات وما بعدها من مراحل سياسية مستمرة حتى الآن، من تشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر الى انتخاب الرئاسات الثلاث وتشكيل الحكومة المقبلة، قد تعطي لمحة عن مستقبل الجو السياسي العام، خاصة بعد تحديد شخصية رئيس الوزراء.
_احتراق العديد من المستشفيات
ومن المحطات المؤلمة التي مرت خلال هذا العام، هي احتراق بعض المستشفيات بسبب الإهمال والفساد المستشري في كل أجهزة الدولة. وأبرز هذه الحرائق هي التي حصلت في مستشفى "ابن الخطيب" في بغداد، والتي أودت بحياة 82 ضحية وإصابة 110 آخرين، وقد قدم وزير الصحة على إثرها استقالته.
أما ثاني هذه الحوادث المأساوية، فهو الذي حصل في مستشفى الحسين (ع) بالناصرية، بسبب الإهمال والفساد أيضاً، والذي أودى بحياة 60 ضحية وإصابة 100 آخرين.
_ انقطاع التيار الكهربائي
وفي ذروة ارتفاع الحرارة في البلد، الى درجات لا تحتمل، ظهرت أزمة من أشد الأزمات التي تمر على البلاد، وهي عدم قدرة مؤسسات توليد الطاقة الكهربائية، من تأمين حاجات العراقيين. وزاد في شدة الأزمة أيضاً، استهداف المجموعات الإرهابية للمحولات والاعمدة الكهربائية الأساسية، لكن القوات الأمنية والعسكرية وعلى رأسهم الحشد، استطاعوا مكافحة والحد من هذه العمليات. الا أن حل المشكلة الأساس، سينتظر الحكومة التي ستكون المسؤولة عن إيجاد الحل له قبل تكرار هذه المشكلة في العام المقبل.
_إقرار اتفاقية الانسحاب الأمريكي
على إثر تصاعد عمليات المقاومة، وخلال زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي للعاصمة الامريكية واشنطن، وخلال لقائه بالرئيس جوزيف بايدن، تم الاتفاق على تحديد نهاية هذا العام الواقع فيه (31/12/2021)، هو الموعد النهائي لانسحاب القوات القتالية العسكرية الامريكية من البلاد، مع الإبقاء على المستشارين والفنيين ذوي مهام التدريب والتمكين.
وقد أعلنت قيادة العمليات المشتركة منذ أيام، عن اكتمال انسحاب هذه القوات، فيما يبقى قرار حسم وتثبيت هذا الموضوع بيد فصائل المقاومة العراقية.
_عودة العراق لأداء أدوار فاعلة إقليمياً
وقد شهد هذا العام، عودة الدولة العراقية لأداء أدوار خارجية لم تقتصر على دول الجوار، بل حتى نحو دول المشرق العربي، والعديد من الدول في العالم.
فكانت البداية مع تفعيل مشروع "الشام الجديد"، الذي يضم كلاً من مصر والأردن بالإضافة للعراق، على أن ينضم لاحقاً كلاً من لبنان وسوريا.
ثم برز هذا الدور من خلال رعاية رئيس الحكومة الكاظمي، لأربع جلسات حوار بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والسعودية حتى الآن. وقد تشهد بغداد في مطلع العام المقبل، الجولة الخامسة لكن العلنية هذه المرة، مع احتمال مشاركة وزراء خارجية البلدين فيها.
كما استقبل العراق العديد من مسؤولي الدول العربية والأجنبية (أبرزها زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد غياب لمثيله منذ 30 عاما)، وزار مسؤولوه العديد من الدول، على رأسهم إيران ودول الخليج ودولاً أوروبية.
وعلى هذا الصعيد أيضاً، كان لافتاً بدء العراق بسلسلة مؤتمرات تضمه مع دول الجوار، غابت عنه سوريا هذه السنة، وحضرته فرنسا التي تسعى للعب أدوار خارجية في المنطقة.
ومن أهم المبادرات العراقية الخارجية، وقوفه الى جانب الشعب اللبناني ودولته، خلال الأزمة الاقتصادية الحادة التي تعيشها البلاد، من خلال تزويد لبنان بالنفط الخام، الذي يمكن استبداله بمادة الفيول، من أجل رفع عدد ساعات التغذية الكهربائية، مقابل تسهيلات كبيرة بالدفع.
الكاتب: غرفة التحرير