كانت الأحداث الفوضوية التي شهدتها أفغانستان بالتوازي مع انسحاب القوات الأميركية منها متوقعة، في ظل غياب استراتيجية واضحة وتنسيق عالي المستوى بين القيادات الأميركية وكل القوات الأجنبية الموجودة في البلاد. إضافة لعدد من القرارات الخاطئة الاستراتيجية التي اتخذها البيت الأبيض.
السفير الأميركي السابق لدى تركيا والعراق ثم سوريا ومدير برنامج الشرق الأوسط في مركز ويلسون بواشنطن جيمس جيفري، صرّح لصحيفة "لوموند" الفرنسية ان "الفوضى التي غرقت فيها أفغانستان كانت سيناريو متوقعًا بسبب عدم الاستعداد لانسحاب الولايات المتحدة. وتحدث هذا الأخير عن أن ما يحدث يشكل أزمة أولى وفشلا أول لإدارة بايدن".
وأشار جيمس جيفري إلى أن "قرار الانسحاب من أفغانستان كان صائبا، لكن الرئيس الأمريكي جو بايدن ارتكب خطأ كلاسيكيًا برفضه الاعتراف باحتمال أن يتحول هذا الانسحاب إلى فوضى تامة. فكان يجب على الولايات المتحدة إجلاء قواتها وسفارتها ومواطنيها، وعشرات الآلاف من الأفغان الذين تعاونوا معها. ويستغرق الأمر وقتًا ولوجستيات وتخطيطًا، لم تستعد الإدارة الأمريكية له حقا".
موضحًا: "علمتنا فيتنام أن الفوضى تنتشر في كل مكان خارج المحيط الأمني بغض النظر عن حجمها. فالمكان الرئيسي هو المطار، مركز الثقل الذي يجب التحكم فيه. ولتجاوز هذه الفوضى يجب التفاوض مع حركة طالبان".
وعن الأخطاء التي ارتكبتها الإدارة الأميركية اعتبر جيفري "لقد فشلت الولايات المتحدة في إشراك وإبلاغ الدول الحلفاء التي لديها قوات على الأرض في أفغانستان بشكل فعال. وقضت إدارة بايدن معظم الوقت في التحدث مع نفسها. بصرف النظر عن الحرب في غزة (بين إسرائيل وحماس)، يمثل هذا الربيع أول أزمة في السياسة الخارجية لجو بايدن".
مشيرًا إلى ان: "السبب الذي أوصلنا لهذه الفوضى؛ كما هو الحال في الفوضى العراقية أو السبب الذي جعل فرنسا تجد نفسها في حالة من الفوضى في منطقة الساحل هو أن المخاوف المشروعة بشأن تهديدات إرهابية محددة أدت إلى إرسال شبه البعثات الاستعمارية إلى أجزاء كبيرة من العالم لا تريدنا، وبالتالي تتفاعل بشكل سيئ. في نهاية اليوم، عليك قطع الكهرباء وإيقاف كل شيء. وهذا يعني أن المرء يفكر أولاً في مصالحه وليس بالفقراء في جلال آباد أو الموصل. هذا ما تفعله الدول وما يتوقعه المواطنون منها".
وكذلك الدبلوماسي الأميركي أن "القوات الأميركية قامت بعمل كارثي، لأنها تحاول بناء جيوش تشبهه. فقوات سوريا الديمقراطية التي حاربت تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" لم يدربها الجيش الأمريكي كجيش نظامي، بل أعطاها السلاح فقط. نفس الشيء في العراق بالنسبة للمقاتلين الأكراد. فنموذج تدريب الجيش لدينا لا يعمل. ليس معروفًا كيفية إنشاء قوات قتالية فعالة في العالم الأقل تقدمًا. كان لدينا بضعة عقود للقيام بذلك ولم ننجح. لا يريد الجيش الاعتراف بهذا الفشل ويوجه اللوم إلى المخابرات".
المصدر: لوموند
الكاتب: جيمس جيفري