الثلاثاء 12 آب , 2025 03:04

من الميغ إلى الكلاشينكوف.. أزمة تسليح الجيش اللبناني والفيتو الأميركي

عناصر من الجيش اللبناني

تسليح الجيش اللبناني موضوع مطروح دومًا ودائمًا، ومنذ الاستقلال كان الخلاف حوله بين اللبنانيين قائمًا منذ أن انفصل الجيش اللبناني والسوري عام 1946، عندما كانا جيشًا واحدًا تحت الانتداب الفرنسي.

كما أنّ الجيش اللبناني، بحد ذاته، كان في كل مراحل الأزمات التي مرّ بها لبنان، هو في أزمة، حول مهامه، ثم عقيدته العسكرية، وصولًا لدوره في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، كما في استخدامه في الداخل اللبناني، ولطالما سببت تلك الخلافات بحصول انقسام لبناني حول الجيش، وأيضًا داخله، كون الجيش مرآة لصورة وواقع المجتمع اللبناني الذي ينحدر منه ضباط وأفراد الجيش، ولا يمكن أن نغفل الأمراض الطائفية والمذهبية ما لها تأثير. كما أنّ الجيش لم يستطع أن يتخلص من الانتماءات السياسية والجغرافية والدينية، لصالح السيادة الوطنية اللبنانية.

وقد يكون المنشأ السليم لمعرفة سبب الإشكالية في تسليح الجيش اللبناني، هو عدم تحديد: "من هو العدو؟" وللإجابة على هذا السؤال، لا بدّ من العودة إلى المستوى السياسي، وتحديداً مركز صنع القرار في النظام اللبناني، وبالتالي يُحيلنا هذا الأمر إلى ماهية النظام اللبناني وتركيبته وآليات صنع قراره، لن نغوص في هذه التفاصيل، وسنكتفي بالقول بأنّه لا يوجد قرار بشأن من هو العدو على المستوى السياسي الرسمي، فالموقف متبدل وفق رغبات ومصالح شخوص السياسة اللبنانية بعيداً عن المصلحة الوطنية وبشكل يعزز الأمن القومي اللبناني.

لطالما كان تسليح الجيش اللبناني مدار نقاش وسجالات وخلافات بين القوى السياسية اللبنانية، حيث كان فريق يمثله حزب الكتائب ومعه أحزاب أخرى، ترفض تسليح الجيش، وتصر على أن "قوة لبنان في ضعفه"، وأن الصدقات الدولية للبنان تقدم له مظلة من الاعتداءات الإسرائيلية، وكانت مطالبة من هؤلاء بتحييد لبنان، وأن حياده يشكل له الحماية، مقابل هذه الطروحات قوى تقدمية ووطنية وإسلامية أكدت على ضرورة تسليح الجيش بأسلحة متطورة من طائرات وصواريخ أرض – جو، وتركيب "رادرات".

وبالفعل أقر مجلس الدفاع العربي المشترك المنعقد في القاهرة عام 1964، تزويد لبنان ب"رادار" متطور مع صواريخ أرض – جو، ليكون الجيش اللبناني سنداً في حرب تقع مع العدو الإسرائيلي، فتم تركيب الرادار في قمة جبل الباروك في منطقة الشوف ويشرف على سهل البقاع، ويمكنه رصد حركة الطيران الحربي الإسرائيلي عندما ينطلق من فلسطين المحتلة ولدى تحليقه في أجواء المناطق العربية والبحر الأبيض المتوسط، لكن كان أول هدف نفذه الطيران الحربي الإسرائيلي في حرب حزيران 1967 هو تدمير "الرادار" الذي أقيم دون حماية جوية له، أو وجود شبكة صواريخ أرض - جو كان لبنان قد أقر شراءها، وهي صواريخ "كروتال" التي اتفق لبنان مع فرنسا بشأنها، هذه الصفقة التي أثارت لغطاً واسئلة حول ما رافقها من عمولة مالية، انتهت بتوجيه اتهامات الى قائد الجيش اللبناني آنذاك العماد إميل بستاني، كما ورد اسم صهره النائب والوزير السابق جان عبيد، وتم فتح محاكمة حول الصفقة، لكنهما فرا الى سوريا في العام 1970.

وبعدها بسنوات، وفي عهد الرئيس أمين الجميل (1982-1988) جرت عملية تسليح للجيش، ولم تكن لمواجهة العدو الإسرائيلي، ويومها كاد لبنان يعقد معاهدة سلام مع الكيان الصهيوني عبر ما عرف باتفاق 17 أيار، وكان يتم تحضير الجيش لحماية المعاهدة وضرب المقاومة. وقام الرئيس أمين الجميل بعقد صفقة شراء طائرات "البوما" الفرنسية، التي سرعان ما تبين أنها رومانية، واكتشفت العمولات التي حصلت في هذه الصفقة، كما كشف عدم صلاحية وفعالية هذه الطائرات الفاسدة، وشكلت لجنة تحقيق برلمانية شكّلها الرئيس نبيه بري برئاسة نائب الرئيس إيلي فرزلي، ولكن جرى تمييع التحقيق.

ولا يمكن إغفال هبة الطائرات التي قدمته دولة الامارات العربية المتحدة، هي عبارة عن 10 طوافات "غازيل"، لكنها بحاجة لإعادة تأهيل، وكان ينقصها قطع غيار.

وبالتالي فإن مسألة تسليح الجيش اللبناني تضيع وسط المصالح الذاتية لصناع القرار السياسي الرسمي، وأنّ ما يقدم من هبات يحتاج لإعادة تأهيل وقطع غيار، وينسحب تضارب المصالح على ما حصل عام 2008 من محاولات تسليح الجيش اللبناني من روسيا الاتحادية وما رافقه من أخذ ورد وتدخلات خارجية، ما يرسم الصورة بوضوح عن إشكالية تسليح الجيش اللبناني.

ورد في مصادر صحفية في كانون الثاني 2008، إعلان وزير الدفاع آنذاك الياس المر عن تحقيق "إنجاز نوعي" على صعيد تسليح الجيش اللبناني، إذ إنه حصل على هبة روسية، أساسها 10 طائرات مقاتلة من طراز ميغ–29. احتفلت البلاد بالنبأ. وكل من شكك في جديته رُمي باتهامات راوحت بين العداء لبناء الدولة، وتغليب منطق الميليشيات على منطق المؤسسات. لكن عرض الميغ الروسي تلاشى مع مرور الأيام، بذريعة أن لبنان لا يقدر على تلبية المتطلبات المالية لتشغيل هذه الطائرات وصيانتها.

وقد أعلن في وقت لاحق، ما كشفه العميد ركن شامل روكز قائد فوج المغاوير السابق في الجيش اللبناني، أن سبب عدم موافقة لبنان على الهدية الروسية المتمثلة بـ 10 طائرات ميغ و400 دبابة من طراز "ت — 72 عام 2010 هو منع غربي وخاصة أميركي.

والبرقيات الصادرة عن السفارة الأميركية في بيروت تُظهِر من كان في "الظل" لإبطال تلك الصفقة، وهو لم يكن سوى حكومة الولايات المتحدة الأميركية. فبعد أقل من أسبوع على إعلان العرض الروسي، كتبت السفيرة الأميركية في بيروت في إحدى برقياتها العبارة الآتية: "سنستمر بالعمل خلف الكواليس لضمان أن تقويم الجيش اللبناني سيخلص إلى أنه لا يحتاج إلى طائرات الميغ–29، كما أنه لا يستطيع تحمل تكاليف الصيانة، ما يمنح الحكومة اللبنانية سبيلاً مشرّفاً لرفض العرض الروسي".

الحرص الأميركي على منع وصول المقاتلات الروسية إلى لبنان ظهر في التحرك السريع للسفيرة الأميركية في بيروت، ولنائب مساعد وزيرة الخارجية الاميركية دايفيد هيل الذي جال على المسؤولين اللبنانيين محذراً إياهم من قبول العرض الروسي.

يوم 22 كانون الأول 2008 (08BEIRUT1780)، زارت السفيرة الأميركية في بيروت الوزير المر. اجتهد الأخير لتبرير قبوله عرضَ موسكو. يقول إنه خلال اجتماعه بنظيره الروسي يوم 16 كانون الأول (2008)، أعطاه الأخير وثيقة باللغة العربية من 6 صفحات، كتب فيها تفاصيل "هدية" روسيا إلى الجيش اللبناني، المتضمنة 77 دبابة T-72 ومدافع هاون 130 ملم، و50 ألف قذيفة لكل من الدبابات والمدافع. يكمل المر روايته أمام ميشيل سيسون قائلاً إنه أعاد الأوراق إلى نظيره الروسي مع الشكر، قائلاً إن الجيش اللبناني لم يعد بحاجة لما هو معروض. وبحسب المر، فإن وزير الدفاع الروسي غضب من رده، سائلاً: ما هي حاجاتكم؟ أجاب المر بما رأى "أنه الأكثر بعداً عن الواقع بهدف حفظ ماء الوجه": طائرات ميغ مقاتلة. بعد 25 دقيقة، رد وزير الدفاع الروسي قائلاً إن روسيا ستمنح لبنان 10 طائرات ميغ–29، مجاناً. رد المر بالشكر، مشيراً إلى أنه بحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء على الاتفاق.

يبرّر المر ردة فعله للسفيرة الأميركية قائلاً إنه " لم يكن لديه خيار سوى قبول العرض، لأنه إذا رفض عرضَي الدبابات والطائرات، فسيتعرّض لاتهام "بأنّه خائن للبنان ومرتهن للولايات المتحدة". أضاف أنّ العرض الروسي يمكن استخدامه " كورقة ضد حزب الله". ويدخل المر الطائرات النفاثة في صناديق الاقتراع اللبنانية، قائلًا إنّ إعلان الحصول على الميغ من الروس قد يكون بشارة جيدة للأكثرية في طريقها إلى الانتخابات النيابية ربيع عام 2009.

السفيرة الأميركية كانت واضحة في رفضها لصفقة الميغ. قالت إنّ "اتفاق موسكو أثار أسئلة عديدة في واشنطن". فبينما تؤكد التصريحات العلنية الأميركية الدعم الدولي للبنان وجيشه، "فإن إعلان التوجه إلى امتلاك طائرات ميغ–29 كان بلا معنى، نظراً لأن جهود مكافحة الإرهاب مركزة على المخيمات الفلسطينية".

وفيما كانت الطبقة السياسية اللبنانية تتغنى بمنحة الميغ، أكد المر للسفيرة الأميركية أنه سيتخذ الإجراءات التي تؤدي إلى استنتاج أنّ العرض الروسي ليس ذا جدوى للبنان، من الناحية المالية. وحاجج بأنّ لديه الكثير من الأسباب التي تدفعه إلى التأجيل، مضيفًا أنّه حتى تعليمات الاستخدام والتجهيزات مكتوبة باللغة الروسية. وختم المر قائلاً: " كوني على ثقة، لن أتخذ قراراً قبل نهاية 2009، سأميّع الأمر".

بدوره، رئيس الحكومة سعد الحريري، في لقائه مع نائب مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، دايفيد هيل، يوم 17 كانون الأول 2008 (08BEIRUT1783)  وضع "صفقة"  الميغ في سياق داخلي أيضاً: قال إنّ الحصول على الميغ سيكون "جيداً لقوى 14 آذار"، فبرأيه، لن يكون حزب الله قادرًا بوجود الميغ على تكرار 7 أيّار"، إضافة إلى أن وجود الميغ "ربما يعقد الطلعات الجوية الإسرائيلية في الجنوب، ومن المحتم أن يؤدي إلى إضعاف أحد مبرّرات سلاحه". وأكّد الحريري أنّ حزب الله شعر بالتهديد من صفقة الميغ، وأنّ قناة المنار التابعة للحزب تعاملت معها بسلبية. وضعت السفيرة سيسون ملاحظة في برقيتها مفادها أنّ السفارة لم تلاحظ وجود رد فعل سلبي من حزب الله على الصفقة، مشيرة إلى أنّ "أحد ممثلي حزب الله أكد في بيان رسمي دعم تسليح الجيش اللبناني من أي جهة كانت لمواجهة إسرائيل".

أضاف الحريري بعداً آخر للصفقة، وهو "محاربة الإرهاب في المخيّمات الفلسطينية". الأميركيون واضحون في البرقية المذكورة. ففي التعليق الذي كتبته سيسون وصدّق عليه هيل، أكدت السفيرة الأميركية أنها عارضت "بوضوح" حصول لبنان على طائرات ميغ–29 من روسيا، في الجلسات المغلقة مع السياسيين البنانيين.

في اليوم التالي (18 كانون الأول)، التقى هيل رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة، ووزير المال محمد شطح، كلًا على حِدَة. السنيورة، تعليقًا على الهواجس الإسرائيلية بشأن امتلاك لبنان لمقاتلات الميغ، أكّد للدبلوماسي الأميركي أنّ "10 طائرات ليست تهديداً جدياً"، جازماً بأن هذه المقاتلات "لن تستخدم ضد المخيمات الفلسطينية. أسلحة الجيش اللبناني ليست غايتها المواجهة. قيمة هذه العصا تكمن في عدم الاضطرار إلى استخدامها". السنيورة قال إنّ مجلس الوزراء "سينتظر ليرى التفاصيل"، مشيراً إلى أنّ الإعلان عن صفقة الميغ "كان جيدًا لمعنويات الجيش اللبناني، وجيدًا للدولة، وجعل حزب الله وسوريا غير مرتاحين". وفي تعليقها، قالت السفيرة ميشال سيسون إن نبرة السنيورة أوضحت لها أنه يشاطرها الرأي بشأن الشّك في حكمة صفقة الميغ، مراهنة على كون السنيورة وزير مال سابقًا "بخيلًا"، فإنّه سيقلق من المبالغ التي سيرتّبها وجود الميغ على موازنة الجيش اللبناني. وبناءً على ذلك، توقعت سيسون أن ينتظر السنيورة الوقت المناسب لكي يرفض العرض الروسي.

دايفيد هيل أكمل جولته على السياسيين اللبنانيين، فزار قائد القوات اللبنانية سمير جعجع يوم 19 كانون الأول (08BEIRUT1799)، ليثير التحفظ الأميركي بشأن العرض الروسي. وكما في حضرة السياسيين الآخرين، قال هيل لجعجع إنّ حصول الجيش اللبناني على المقاتلات الروسية "ربما سيصعّب الجهود الأميركية الرامية إلى بناء دعم للجيش اللبناني داخل الكونغرس ومع الإسرائيليين". رد جعجع بالقول إنّ: "الجيش اللبناني هو ذو عقيدة غربية. فهل تظن أن قبول هذه الطائرات سيحوّله إلى ذي عقيدة روسية؟" كان جعجع يعتقد أنّ الولايات المتحدة المحرجة مع الإسرائيليين تحدثت مع السعوديين الذين طلبوا بدورهم من الروس تزويد الجيش اللبناني بما لا تستطيع الولايات المتحدة تقديمه. لكن كلام هيل كان واضحًا لناحية معارضة بلاده وإسرائيل حصول لبنان على الطائرات. لكن جعجع طمأن هيل قائلًا إنّ الجيش اللبناني "بحاجة لمئات طائرات الميغ، ولطائرات الإنذار المبكر، إضافة إلى عقد (10 سنوات) من التدريب، لكي يهدّد إسرائيل".

النائب وليد جنبلاط كان الأكثر وضوحًا: "لسنا بحاجة إلى طائرات الميغ". الوضوح ذاته ظهر في كلام قائد الجيش العماد جان قهوجي، لكن في موقف مناقض لموقف جنبلاط. فقهوجي رفض حجج هيل، قائلًا ببساطة إنّ الجيش اللبناني بحاجة لطائرات نفاثة08BEIRUT1803) ).

بعد نحو شهرين من جولة هيل، التقت السفيرة الأميركية ميشيل سيسون وزير الدفاع الياس المر مجددًا، يوم 26 شباط 2009 (09BEIRUT235)، اشتكى المر من إلحاح السفير الروسي عليه لإرسال فريق من الجيش اللبناني إلى روسيا للتدرب على طائرات الميغ، مؤكدًا أنّه يرجئ رده على الطلب الروسي. أضاف المر أنّه يريد للعرض الروسي أن "يختفي". شهران إضافيان (09BEIRUT400)، 6) نيسان 2009) كانا كافيَيْن ليجزم المر لسيسون بأن لبنان لن يقبل طائرات ميغ–29 قريبًا، "ليس قبل عام 2040".

الجانب الروسي كان لا يزال مصرًا على عرضه. فيوم 27 نيسان 2009 (09BEIRUT496)، صدر القرار الروسي النهائي بتزويد لبنان بالطائرات. لكن وزير الدفاع اللبناني أبلغ سيسون أنّه لا يزال يعمل لإسقاط العرض الروسي، قائلًا إنّه طلب من رئيس الحكومة سعد الحريري التزام الهدوء ريثما يستطيع تأمين طائرات من مصدر آخر. وعلى هذا الأساس، يصبح مفهومًا سبب عدول الرئيس سعد الحريري عن موقفه المؤيّد لحصول لبنان على الطائرات الروسية. ففي نهاية حزيران 2009، استقبل الحريري قائد المنطقة الوسطى الأميركية الجنرال دايفيد بترايوس، وقال الحريري لضيفه إنّ "لبنان لا يستطيع تحمّل نفقات طائرات الميغ، وإنّه سيستبدلها بطائرات مروحية". على هذا المنوال انتهت قصة الميغ غير السعيدة.

استمرت روسيا في ابداء استعدادها بشكل دائم لتقديم المساعدات العسكرية للجيش اللبناني من أي نوع كانت، شرط أن تقوم الحكومة اللبنانية بطلبها وبتحديد كلّ ما يحتاج اليه جيشها.

لكن في عام 2018 قبل عيد الاستقلال، رفض لبنان استلام هبة ذخائر مقدّمة من وزارة الدفاع الروسية، تضم ملايين الطلقات متعددة العيارات لبنادق رشاشة ومتوسطة (ثمنها نحو خمسة ملايين دولار، بالإضافة إلى أعتدة وصواعق ومتفجرات)، بذريعة أنّ الأعيرة المقدّمة لا تتناسب مع الأسلحة التي يستخدمها الجيش اللبناني، والتي تتطابق مع أعيرة حلف الناتو. علمًا أنّ الجيش يملك عشرات آلاف بنادق كلاشينكوف الروسية ورشاشات PKS المتوسطة، وبالتالي يحتاج هذه الذخائر. فضلًا عن أنّ "إسرائيل"، عدوة لبنان، وفي الوقت الذي تملك فيه أكبر ترسانة أسلحة غربية في المنطقة، تحافظ على قدر معيّن من الأسلحة الشرقية في مستودعاتها يضاهي ما تملكه بعض الدول العربية.

ويأتي التبرير التقني الذي أرسِل للجانب الروسي عبر رسالة رسمية وصلت إلى الملحقية العسكرية الروسية في بيروت، بعد أكثر من عائق ساهم في تأخير وصول الهبة في موعدها المقرّر بداية حزيران الماضي، قبل أن تنتهي المسألة برد سلبي.

الرسالة تخفي قرارًا سياسيًا لبنانيًا، غير معروف المصدر حتى الآن، لكنّه يصبّ في خانة وضع الجيش اللبناني في أحضان التسليح الأميركي حصرًا، وعزله عن أي مصدر تسليحي خارج دول حلف الناتو.

كما أنّ المساعدات العسكرية التي قرّرت السعودية تقديمها للجيش اللبناني في العام 2014 بقيمة ثلاث مليارات دولار أميركي، على أن تقوم بشراء الأسلحة والذخائر والتجهيزات من فرنسا، ثمّ أبدلت رأيها وحوّلتها الى القوّات السعودية لتستخدمها هي والإمارات في حربهما على اليمن، صبّت في الإطار نفسه. ما يعني أنّها كانت مشروطة، وكانت السعودية تريد من تقديمها للجيش اللبناني تحييد "إسرائيل"، أي عدم استخدامها ضدّها.

يبدو وجود قطبة مخفية في القرار الرسمي سابقًا بعدم تسليح الجيش اللبناني لمواجهة العدوان الإسرائيلي، كما تبدو الولايات المتحدة في المشهد في رصد ومتابعة ومنع أي محاولة لتسليح الجيش من أي مصدر آخر.


الكاتب:

نسيب شمس

-كاتب وباحث سياسي




روزنامة المحور